الأقسام الرئيسية

أمام "صالح" الرحيل أو الدماء وعلى المعارضة أن تؤمن بالشارع

. . ليست هناك تعليقات:
الإعلامي والمحلل السياسي اليمني حسن العديني:

غمدان اليوسفي

GMT 7:30:00 2011 الثلائاء 1 مارس

نصح الإعلامي والكاتب السياسي اليمني حسن العديني، في حديث مع "ايلاف"، رئيس الجمهورية علي عبد الله صالح بأن يلتقط اللحظة ويغادر الكرسي قبل أن تنقلب الأمور.. وبرغم أن العديني يشغل منصب وكيل وزارة المالية إلا أنه يطرح رؤاه بكل جرأة ويقلل من مخاوف التغيير الذي يراه محتوما.


الإعلامي والكاتب السياسي حسن العديني

أوقات عصيبة تمر بها اليمن حاليا، مع نزول شارع عريض يطالب بإسقاط النظام، سقط معه عشرات القتلى والجرحى، في حين لازال الرئيس يحاول تقديم بعض الأفكار التي لايرى فيها الشارع تنازلا حقيقيا.

لم يعد هناك مخاوف لدى الشارع، ويعبر الآن عن رأيه بجرأة كبيرة مطالبا برحيل صالح كحل للأزمة الحالية.

الإعلامي والكاتب السياسي اليمني حسن العديني رئيس تحرير صحيفت "الوحدوي" الناصرية و"الأسبوع" المستقلة سابقا، ينصح رئيس الجمهورية بأن يلتقط اللحظة ويغادر الكرسي قبل أن تنقلب الأمور.. وبرغم أن العديني يشغل منصب وكيل وزارة المالية إلا أنه يطرح رؤاه بكل جرأة ويقلل من مخاوف التغيير الذي يراه محتوما، معتبرا أن الأنظمة التي عاثت خرابا طوال عقود يستحيل أن تصلح، في حين يرى إن المعارضة لو تركت الشارع الآن فستخسر لحظة تاريخية.

"النظام يراهن على أن الشعب ذاكرته ضعيفة وأنه ينسى، لكن الشعب لا ينسى.. هو يخزن ويخزن ويخزن، بدليل أن الناس انفجروا وخرجوا".. يقول العديني ضمن القراءات للواقع التي يطرحها في هذا الحوار..

أولا كيف يمكن قراءة هذا المشهد حاليا في ظل انسداد في الأفق السياسي ؟

-ما يحدث في اليمن الآن هو استمرار لما حدث بالأمس، محاولة للخروج من ما أسميته أنت أفق مسدود، ومحاولة لفتح ثغرة في هذا الانسداد للخروج إلى الشمس.. هذا الانسداد ليس في اليمن فقط، ولكن في المنطقة العربية ككل واليمن هي جزء من هذا النسيج.. ما حدث في تونس هو فتحة في جدار الكبت، فحدث هذا التدفق على مستوى المنطقة العربية ككل..

لدي ابنة ولدت في عهد علي عبدالله صالح، والآن لديها ثلاثة أطفال في عهده أيضا، الذي عمره أربعين عاما في اليمن حاليا فإنه قد دخل الصف الأول الابتدائي أثناء حكم علي عبدالله صالح، والذي في ليبيا عمره خمسين عاما كان في الثاني الابتدائي يعرف معم القذافي رئيسا، هذه أنظمة لم تشعر أن هناك أجيالا جديدة قد جاءت، وهي تفكر بنفس العقلية القديمة.

اليمن لم تعش فترة طويلة من الحرية، كان هناك محاولات ومحطات لكن خلال 33 سنة حصل ما حصل، وشهدنا عودة لحكم ملكي بطريقة أخرى.. الرئيس يهاجم الملكية وأولاده وأقاربه إلى جواره.

ما يحدث في المنطقة بشكل عام بداية للخروج من مأساة.

صالح يقلد القذافي

لو نظرنا للخروج الأولي لمعتصمي الجامعة فقد بدأ بالطلاب قبل أن تلحق بهم الأحزاب وهم ينادون ضد الأحزاب.. ما الذي يمكن أن يعيد هؤلاء الشباب إلى البيوت بعد أن ارتفع سقف مطلبهم؟

- أنا أرى إن الذين خرجوا إلى الشارع لن يعودوا، وأرى أن أمام الرئيس علي عبدالله صالح خيارين، إما أن يلجأ إلى العنف وسيضطر لممارسة عنف أكثر إذا دخل فيه، وردة الفعل ستكون قوية وسيضطر للخروج بطريقة غير مشرفة كما حدث في مصر وهو طريق مأساوي، إذا لم يستجيب لهذا الشارع فمصيره ما حدث في مجلس الأمن ضد القذافي، وهذه مسألة تنتظر كل شخص.. أو أن يلتقط اللحظة ويخرج مع قليل من الرضا المتبقى حاليا في الشارع لأنه خرج بعنف أقل وبضحايا أقل.

أما الناس فلن يعودوا، بالعكس فهناك آخرين سينضمون إليهم إذا اشتعل التوتر، فعندما يكون المرء في لحظة تحدي سواءً كان فرد أو جماعة لكن السلوك الجماعي أدعى للتشنج والانفعال.. لن يعود الناس، خاصة مع وجود العنف، والعنف ليس العنف بالرصاص والبلاطجة فحسب، لكن الملاحظ الآن هو العنف في الخطاب السياسي، هناك تخوين للناس، وتهديد.

الأنظمة العربية كلها تتحدث عن الخونة، بمعنى إن الشعب كله خائن وهم وحدهم الوطنيين، وثمرة حكمهم الطويل هذه لا تؤكد وجود أي معنى للوطنية.

القذافي قال سيقاتل حتى آخر قطرة من دمه، وعلي عبدالله صالح قال نفس الكلام بأنه سيدافع عن الجمهورية والوحدة والحرية والديمقراطية، وبالعكس ليس هناك لا جمهورية ولا وحدة ولا ديمقراطية ولا حرية بدليل العنف الذي يجري حاليا.

أين يكمن فشل الديمقراطية الآن؟

-الديمقراطية لدينا لم تمنح الناس الحق في التعبير عن مطالبهم بوسائلها، فكان الأمر الآخر الذي هو الخروج للشارع، فالخروج للشارع ومواجهة الشارع بالعنف يعني أن الديمقراطية فشلت، وقبل ذلك كانت الديمقراطية تعلن فشلها الأول حين تحولت إلى حرب في العام 1994، لو كانت أدوات الديمقراطية موجودة بالفعل كان الناس خرجوا بحلول من خلال المؤسسات والبرلمان والأحزاب.

الآن بعد أكثر من 20 سنة من التعددية السياسية خرج الناس ليعبروا عن أنفسهم بطريقة سلمية ومع ذلك ووجهوا بالقمع.. ما جرى في عدن الجمعة الفائتة وما قبلها مأساة كبيرة، لكن أنا أعتقد إن هذه الهبة والعنف الذي يمارس لهما مردود إيجابي وهو أن الصوت الذي كان يدعوا لانفصال الجنوب بدأ يخفت.

كان في السابق شعور في الجنوب إن هؤلاء الشماليين راضيين عن القمع والنهب الذي يمارسه النظام ضد الجنوبيين، لكن عندما خرج الناس في الشمال بدأت الشعارات تتوحد، وهي ميزة إيجابية برغم ما يدور من حديث عن اندساس عناصر بين المتظاهرين ضد النظام لتخرب وترتكب أعمال غير سليمة، من أجل إقناع الناس بأن المتظاهرين يمارسون العنف.

نعم بالأمس نشر خبرا إن سيارة مجهولة أتت لتمنح الأعلام الشطرية للمعتصمين في المنصورة بعدن ورفض المعتصمين استلامها..

-نعم عرفت بذلك وتم منحهم بيان انفصالي أيضا، وهنا تكمن قيمة هذه الهبة التي تخرج على مستوى اليمن كله، وهي إنها تعيد الوحدة إلى قلوب الناس كما كانت، فالناس كانوا موحدين في مشاعرهم وفي ولائهم لليمن قبل وحدة 1990، أكثر من الآن لأن ممارسات النظام مزقت وقطعت العرى بين الشمال والجنوب، والآن هذه الهبة تعيد بناء الأسرة.

لا دولة ولا ديمقراطية

صندوق الانتخابات الذي يتحدث عنه الرئيس.. هل هو مشكلة أم حل الآن؟

-الرئيس عندما تحدث عن الصندوق مؤخرا ربطه بوجوده، وهذا يظهر إن الرجل مازال مصمم على الاستمرار في دورة قادمة، لكن أنا أرى أن الانتخابات هي مظهر من مظاهر الديمقراطية وليست الديمقراطية، ومظاهر الديمقراطية كثرة، لكن جوهرها هي إعطاء الحكم للشعب، الديمقراطية لها شروط ومن شروطها الاعتراف بالآخر، ديمقراطية داخل الأحزاب، ثم تداول سلمي للسلطة، والديمقراطية في العالم العربي لم تؤدي منذ 40 سنة إلى تداول سلمي للسلطة.

ومن شروط الديمقراطية وجود تطور اقتصادي، غرس الثقافة والوعي، وليس الاقتراع وسط مجتمع أمي.

هل يعني هذا إن الديمقراطية سبقت وجود الدولة الفعلية؟

-الدولة ليست موجودة في اليمن، كان هناك مشروع دولة.. فلا الديمقراطية سبقت ولا الدولة سبقت أيضا، الاثنين غير موجودين، هناك انتخابات، وأحزاب صورية، لو لاحظت الأحزاب الموجودة ستلاحظ إن الشارع يسبقها.

الهبة الأخيرة الشارع سبق فيها الأحزاب.. ما جرى في الجنوب أيضا وما سمي بالحراك هو خروج للناس خارج محيط الأحزاب وهذه مشكلة.

أتذكر ذات مرة كتبت مقالا حول ضرورة وجود الحزب الاشتراكي، وكنت أتحدث عن ضرب الحزب الاشتراكي وقواه الحزبية في الجنوب بأنه يفتح الطريق لقوى أخرى قد لا نعرف ماذا تريد، وأنا كنت أخشى من التيار الديني المتطرف وهو وجد فعلا، لكن اللي جاءوا هم ناس يدعون للانفصال، وهذه مشكلة.

الخلاصة أنه، معروف كيف يقاد الناس إلى الصندوق، ويصوتوا في ظل وجود طرق كثيرة للتزوير.. رأيت صورة لحسني مبارك في الانتخابات الأخيرة، التي حصل فيها على الأغلبية الكاسحة، وكان يمشي مع واحد من المسؤولين ويقول له "خليهم يتسلوا"..فرحان إنه زور الانتخابات وهي مزورة بشكل مفضوح وواضح، حتى لم يحاسب على المظاهر من خلال أخذ كل المقاعد بما فيها المقاعد التي كانت للإخوان، نحن هنا في اليمن أحيانا يحاسبوا على المظاهر، لكن في كثير من المرات أيضا لا يحاسبوا عليها.

الآن لو تحدثنا في تفاصيل الواقع الحالي في اليمن.. ما هي المخارج الحقيقية أمام الرئيس؟

-مشكلة الرئيس إنه خلال ثلث قرن، سد المنافذ والطرق عن تدفق حياة سياسية حقيقية، كنت أسأل قبل هذه الأزمة، إذا جاءت للرئيس سكتة قلبية وتوفي لا سمح الله، أو سقطت طائرته أو .. الأعمار بيد الله.. فمن الذي سيقرر من الرئيس القادم.. دعك من الحديث عن الديمقراطية، نحن نعرف الفوضى الموجودة، ليس هناك مؤسسة عسكرية ذات تقاليد وجذور ووو..بعكس مصر..أما المنظمات المدنية فهي كلام.

من سيحدد أي هيئة ستلتقي وستقول هذا مرشحنا، لو قلنا "المؤتمر الشعبي العام" الحاكم، من هو "المؤتمر الشعبي العام"، هو مرتبط بالرئيس لا أكثر.. ليس هناك شخصيات سياسية داخل النظام، ما هو موجود في النظام هم موظفين بدون تجربة سياسية، بدون رؤى سياسية ولا حتى تكنوقراط.

هل الرئيس تعمد إقصاء الشخصيات التي كانت يمكن أن تكون مشروع بديل في حال رحيله؟

-الإقصاء موجود نعم، لكن ليس الإقصاء فقط، النظام الذي فيه حيوية يخلق ويجدد نفسه، يسمح بتدفق الحياة، هنا لا حيوية في هذا النظام، فإذا حصل شيء مصيبة، لكن في كل الأحوال ليس أمام الرئيس إلا أن يبحث عن مخرج لنفسه، أنا بصراحة متخوف بالنسبة لليمن، ليس كتونس ولا كمصر، نحن ليس لدينا بيروقراطية ولا جيش موحد.. نحن شبيهين بليبيا بشكل كبير.. الأقارب هم المسيطرين على الجيش، وهذه مشكلة، فلا زالت الديمقراطية غير مختمرة في اليمن والمنطقة.

مبادرة وزير السياحة بتوجيه

الأسبوع الفائت كان هناك مبادرة لوزير السياحة طالبت الرئيس بإجراء انتخابات مبكرة ولا يترشح فيها إضافة إلى تفاصيل لم تتناول المؤسسة العسكرية.. كيف قرأتها؟

-لم اقرأها، سمعت عنها لكن هي جاءت بالتأكيد بتوجيه.. أولا وزير السياحة ليس معروفا عنه أنه صاحب تجربة سياسية لأجل يدخل في السياسة ويتحدث، هو رجل كان علاقات عامة في الطيران، وبحكم القرابة أو العلاقات أصبح وزيرا للسياحة.. أغلب الوزراء ليسوا سياسيين حتى رئيس الوزراء ليس له تجربة سياسية، وهذه مشكلة كانت في مصر أيضا، أحمد نظيف جاء من خارج العمل السياسي.. با جمال مثلا كان سياسي ورجل دولة ومثقف ومحنك.. لكن أنت الآن في حكومة ليست سياسية ويأتي وزير ويعمل مبادرة هذا أمر يثير علامات استفهام كثيرة.

المبادرة هي في أطار الإصلاحات التي انتبهوا لها فجأة بعد ما حدث، سيف الإسلام القذافي قال إنه سيقوم بكل الإصلاحات خلالا عشرة أيام، وخلال أربعين سنة لم يفعلوا شيئا.. أنظمة خربت وتقول إنها ستصلح هذا أمر مستحيل.. مبارك بلحظاته الأخيرة كان يريد 6 أشهر لأجل يعمل إصلاحات، ويمشي وهو مطمئن على البلد لأنه خائف من الفوضى ومن هذا الكلام، وخرج ولم تحدث فوضى ولا شيء.. هذه أنظمة خربت عشرات السنيين وثم تقول ستصلح الخراب بشهرين، وأنا أقول أن المخرب لا يستطيع أن يصلح، والحاكم الذي يحكم بطريقة معينة من المستحيل أن يغير طريقته في الحكم.

ماذا عن خطاب الرئيس في الآونة الأخيرة؟

-أثناء الانتخابات الرئاسية الأخيرة كنا مع الرئيس في حملته الانتخابية، وهاجم الفساد هجوم شرس، وقال إنه سيجتث الفساد مثل ما اجتث الانفصاليين.. سألته، هل أنت جاد؟ قال طبعا، بلهجة توحي بأنه جاد، لكني للأمانة لم أكن مطمئنا.. شخص يرعى الفساد لزمن طويل جدا ويريد أن يقضي على الفساد خلال دورة واحدة من حكمة هذا أمر غير منطقي.. تذكر إن الرئيس في حملته الانتخابية في 2006 وعد أنه سيقضي على البطالة خلال عامين.. وكلام مثل هذا غير صحيح ولا يمكن أن يقوله أحد، كلام للاستهلاك.. النظام يراهن على أن الشعب ذاكرته ضعيفة وأنه ينسى، لكن الشعب لا ينسى.. هو يخزن ويخزن، بدليل أن الناس انفجروا وخرجوا وهذا المكبوت كله خرج في لحظة، وأنا أعتقد ما يجري الآن ليس سوى بخار ولم يخرج البركان بعد.

عدن منحتنا الوحدة، فهل هذا جزاءها؟

بين المعتصمين في صنعاء وتعز وبين ما يحدث في عدن فارق في التعامل وفي النتائج، ماذا يراد لعدن؟

-الحقيقة هذا السؤال محير حتى بالنسبة لي أيضا، أنا محتار بالفعل لا أستطيع أن أفسر، إلا إذا كان للنظام موقف من الوحدة، وإن هناك حقد على عدن، أحيانا حتى في العلاقات الشخصية المثل يقول "اتق شر من أحسنت إليه"، فعدن قدمت الوحدة للشمال، فإذا كانت الرد بهذه الطريقة فهذا أمر آخر.

إحدى الطروحات تحدثت عن أن عدن لم تكن تطالب بفك الإرتباط، وحين خرج الناس في الشمال ثم عدن خرجت بشكل مفاجيء، والسلطة تعاملت مع عدن كأن لدغة جاءتها من جحر لا تتوقعه؟؟

-ربما، كانت التصور إن هؤلاء مساكين يختلف مزاجهم عن بقية المناطق اللي فيها القبيلة موجودة وإنه كيف يتجرأ هؤلاء على الخروج بهذه الطريقة، لكن أقول إنه في السياسة لا يوجد ظاهرة تسير من زاوية ومن باب واحد، إنما كيف يفكر النظام هذا هو السؤال.

لو انتقلنا للحديث عن مكون آخر الذي هو القبيلة، والصراع الخفي بين أبناء الشيخ القبيلي وبين أبناء الرئيس.. إلى أين يقودنا هذا، وهل هو ركوب لموجة الشارع؟

-نعم هناك إلى حد ما.. حميد الأحمر قال في انتخابات 2006 إذا كان أحمد علي عبدالله صالح ترشح للرئاسة هو من حقه، وبناء الشيخ يشعرون من الاجتماعية إنهم من طبقة المشائخ على الأقل، أما الرئيس فهو من الفلاحين، شعورهم إن الشيخ يحكم الفلاح كموروث اجتماعي، لكن كان هناك صراع شديد على المصالح الاقتصادية بالذات، وأنا أعتقد إن أولاد الشيخ وغيرهم الكثير يخرجون من أي أزمة بمكاسب وشركات.
هناك صراع بين المجموعة التي في السلطة والمجموعة التي تعتبر نفسها أولى في الحكم.

دائما يتم التهديد من قبل النظام بفتح ملفات وفضح المفسدين والذين يصعدون للمستثمرين إلى الطائرات بمعنى يستحوذوا على الاستثمارات القادمة إلى البلاد، واستحوذوا على الشركات وغيرها من الملفات.. هذا كله كلام ولم يتم فتح أي ملف من هذا القبيل غريبة جدا إن الأنظمة تتحدث عن الفساد وتعلمه ولا توقفه، أتذكر ذات مرة مسؤول من أقارب الرئيس وهناك مقاولات بمليارات الريالات، والمفترض أن تتم بمناقصات لكنها تمت بالأمر المباشر من المسؤول للمقاول، ثم تأتي لجنة مكافحة الفساد تأتي وتتهم المقاول بأنه لم يعمل وفق مناقصة ووو.. وكأن المقاول أخذ المكان وقام بالعمل لوحده، أما المسؤول المقرب من الرئيس فلم يتم الاقتراب منه.

نعود إلى الحديث السابق وأقول هناك منافسة سياسية، وركوب للشارع، وهناك طرف ثاني يستدعي القبلية بشكل مخيف، وما أخشاه هو أن يتم استخدام القبيلة وكأن المسألة صراع بين الناس كطائفية أو قبلية أو ما شابه.

حميد الأحمر سيدعم رئيسا جنوبيا

في سياق الحديث عن حميد الأحمر كشخص وحميد الأحمر كحزبي.. هل يمكن أن يكبر حميد على الإصلاح في مرحلة معينة ويرفض الانصياع لأوامر الحزب؟

-أعتقد إن كل واحد منهما يحتاج للآخر، فالإصلاح يتقوى بالمشائخ من أيام الإخوان المسلمين، هناك تحالف بين القوى الدينية والتجار والمشائخ وغيرها.. صحيح إن حميد لديه نفوذ قبلي، لكن اليمن أصبحت أكبر من القبيلة، لا يستطيع أن يتكلم باسم حاشد لأن حاشد تحكم اليمن، فالإصلاح يعطيه مساحة أكبر كحزب، وحميد لديه إمكانيات سياسية، محنك وذكي.

هناك موضوع الانتخابات، لا اعتقد أن الإصلاح لا يجرؤ أن يقول لحميد الأحمر أن لا يترشح للرئاسة مثلا، لكن أنا سمعت من حميد الأحمر أنه يريد أن يكون الرئيس القادم من الجنوب، لهذا فهو سيكسر ما كان يسميه علي سالم البيض بـ المارونية، وهو إن الرئيس من أي مكان من اليمن، فليأتي رئيس من الجنوب ومن ثم يأتي رئيس من حاشد ومن ثم من إب وهكذا.

على العموم أرجح إن حميد الأحمر سيقدم رئيسا آخر ولن يرشح نفسه، ربما من الجنوب.

وماذا عن حسين الأحمر والسعودية وهذه الارتباطات المختلفة؟

السعودية لها أيدي كثيرة في اليمن، ليس حسين الأحمر وحده، السعودية لديها طابور طويل من الذين يقبضون منها، لكن السعودية أشعر إنها قلقة جدا من الذي يحدث في اليمن، وهي لا تريد التغيير بثورة شعبية في اليمن أو أي من الدول العربية، هذا الطوفان الذي في المنطقة ربما لن يستثني السعودية، وسمعنا عن انتفاضة في السعودية يوم 11 مارس.. هناك أناس غاضبين في السعودية، وهناك برغم الثروة الهائلة بنية أساسية هشة، ربما البنية الأساسية في دولة مثل سوريا التي هي دولة مواجهة وليس لديها الموارد الكثيرة إلا أن لديها بنية أساسية كبيرة، ولاحظ ما حدث في جدة، وكذلك مكة بمجرد ربع ساعة مطر غرقنا في الشارع.. ربما نتشابه معهم نحن، النفط ينبع عندنا من الجنوب والجنوب مناطق فقيرة، والسعودية النفط في المنطقة الشرقية وهي مناطق فقيرة.

الآن السعودية قلقة على جبهتين التي هي اليمن والبحرين.

لو عدنا إلى موضوع الأحزاب السياسية في اليمن.. ما لذي تنتظره الأحزاب.. هل هي لعبة عض أصابع بينها وبين الرئيس؟

-لا أعتقد.. لو وصلوا إلى مرحلة عض الأصابع ذلك أمر جيد، لأن ذلك يعني أن أحدهم سيكون مهزوما.. الأحزاب تضغط في الشارع وتلتفت للنظام، والنظام مستعد يقدم لها تنازلات، لكن أقول إن الأحزاب إذا تركوا الشارع وذهبوا مع النظام في هذه اللحظة فقد خسروا لحظة تاريخية لن تتكرر.. لدى الأحزاب فرصة أن يحدث تغيير ولدى النظام فرصة أن يخرج بهدوء وبالسلاسة التي قال عليها علي عبدالله صالح وأن لا يدخل في مواجهة.

المطالبة بإقالة أقارب الرئيس من المناصب العسكرية وغيرها.. هل هي معادلة منطقية للعودة إلى طاولة الحوار كما يطرح قادة اللقاء المشترك؟

-أعتقد إن هذه ليست المشكلة الحقيقية، والرئيس يشعر إنه إذا أقصى أقاربه أنه وضع نفسه في منطقة خطيرة، لكن ليست هذه المشكلة، أن يأتي الرئيس بأقاربه وينصبهم في هذه المواقع هي جزء من المشكلة، وهو يستطيع أن يستبدلهم برجال لديهم ولاء كبير له وتمضي الأمور، لكن مشكلة البلد غياب الدولة بالمعنى المطلق، والفساد الهائل المستشري فيها.. حتى لو أبعدهم لن يجدي الحوار في ظل هذا الفساد.

لكن ألا تلاحظ أن الرئيس لم يقدم مبادرة حقيقية إلى الآن؟

-المبادرة التي يجب على الرئيس أن يفعلها هو أن يلتقط اللحظة، ولا يكرر ما فعله "بن علي" ومافعله "مبارك"، وما ارتكبه القذافي، وأخشى أن كل نظام يزيد عدد الضحايا أكثر فأكثر.. ويستحسن أن يستفيد، والأمر ليس مسألة تقليد، المسألة مسألة شرارة تنتشر في الوطن العربي بشكل كبير.

ماذا عن المخاوف التي يتحدث عنها البعض، من حوثيين وانفصاليين وقبائل وووو؟

-لن يحدث شيء، صحيح ستحدث إشكالات قليلة وستتغربل ثم ستصلح كل الإشكالات.. الحوثيين لن يقيموا دولة في صعدة لأنه ليس لديهم مقومات دولة، وفي الجنوب الحس الانفصالي ليس قويا، مجتمع عنده روح الوحدة وصفق للوحدة لكن الممارسات هي التي جعلت البعض يخرجون للمطالبة بالانفصال.. صحيح بتحصل هزات لكن سيخرج الناس إلى طريق في النهاية.. أما أن يحاجج ويقول إن البلد لن تقوم إلا بي، فهذا أمر غير صحيح، لأنه في النهاية سيرحل بأي طريقة.. ألن يموت؟.. لم يحدث شيء بعد أن رحل بن علي في تونس ولا مبارك في مصر.. إذا فكر حاكم إن البلد معلقة فيه فهذا يعني أنه سيعيش حياة خالدة، ولن يخلد أحد.
لم يعد للتوريث مكان

هل قضي على فكرة التوريث منذ ما حدث في تونس؟

-مصر هي من قضت على التوريث في الوطن العربي بشكل كامل، تونس كانت المفتاح والزلزال الكبير حدث في مصر، ولازالت هزاته مستمرة..والتوريث أصبح مستحيلا في الوطن العربي.

صحيح لن تتحقق ديمقراطية بالشكل المطلوب، فالأمر بحاجة لسنين كثيرة حتى تترسخ الفكرة بعد مضي هذه العقود من الاستبداد، لكن لن يكون الوطن العربي كما كان عليه بالتأكيد.

أخيرا.. أي اتجاه مهيأ لاستلام السلطة في اليمن؟

- لا أعتقد أن هناك اتجاه واحد يستطع أن يحكم اليمن، حتى الإصلاح لو فكروا بأنهم قوة رئيسية، لابد من تحالفات، لأنه الإصلاح يجب أن يأخذها من الناحية الفكرية حتى، وأنا أخشى أن يكون لازال هناك شمولية في حزب الإصلاح من داخله، هناك عناصر منفتحة في الإصلاح أو تحاول أن تظهر بأنها منفتحة، لكن حتى تمشي اليمن بشكل صحيح لازم يكون هناك تحالفات بين جميع القوى، إنما هل يقتنع النظام بأن يمضي بدون دماء أكثر، هذا هو السؤال، فالتغيير حتمي.. وأريد التنويه إلى أن الرئيس ظل 33 سنة في الحكم، ويتحدث أنه لا يريد السلطة، وهو متشبث بها.. فلماذا لا يتركها إذا.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer