الأقسام الرئيسية

ثورات العرب تفضح فساد الاشتراكية الدولية ونفاقها!

. . ليست هناك تعليقات:


فات الاشتراكية الدولية عدم استقطاب حزب الجماهيرية بزعامة القذافي لعضويتها، حتى يكتمل به نصابها في النصب والتضليل والتدليس.

ميدل ايست أونلاين


الاشتراكية الدولية او الاممية الاشتراكية، كما يحلو للبعض تسميتها، هي منظمة سياسية دولية تتكون من ممثلي الاحزاب ذات الصبغة الاشتراكية او الاحزاب التي تقدم نفسها كممثلة لتطلعات العمال ونقاباتهم في بلدانها، ثم اخذت تتهلهل دائرتها لتحتوي اي حزب في العالم يرغب بالانتساب لها بمجرد اعلانه تبني اهدافها الداعية للسلام العالمي والعدالة الاجتماعية، وهي ذات صيت وبريق في اغلب دول اوروبا الغربية باعتبارها منتدى لاحزاب يسار الوسط الاوروبي، وهي احزاب بعضها يحكم في تلك الدول والاخر يقف في صفوف المعارضة منتظرا دوره في الحكم، ومن اشهر تلك الاحزاب، العمال البريطاني، والاشتراكي النمساوي، والاجتماعي الديمقراطي السويدي، والاشتراكي الفرنسي، والايطالي والاسباني واليوناني.

تنحدر الاشتراكية الدولية في الاصل من انشقاقات قديمة كانت قد حصلت فيما سمي وقتها بالاممية الثانية وريثة الاممية الاولى التي قادها كارل ماركس وفريدرك انجلس، لقد كان انحراف تلك المؤسسة الحركية في اوج سطوعه قبيل واثناء الحرب العالمية الاولى حيث تخلت عن شعاراتها الاممية البراقة لمصلحة المنحى الليبرالي القومي ذا النزعة الامبريالية وراحت جنبا الى جانب تقاتل في صفوف البرجوازية الكبرى المتنطعة على حكم بلدانها، اما في الحرب العالمية الثانية فقد تلاشى دورها وحلت نفسها لانها لا تحمل من الاممية غير الاسم ولانها لا تحتمل الفرز العمودي الذي يميز بين اللصوص الطبقيين المتحاربين مع بعضهم وبين الطبقات التي تدفع اثمانا باهضة لقرارات واستباحات لا ناقة لها بها ولا جمل.

عادت الاشتراكية الدولية وجددت نفسها عام 1951، وبعد فورة حركات الاستقلال وتحرر البلدان المستعمرة في عقدي الخمسينات والستينات، راحت تنفتح على الاحزاب والحركات الاصلاحية او القومية ذات الصبغة اليسارية في بلدان العالم الثالث، متجنبة مجرد الالتقاء بالاحزاب الشيوعية في تلك البلدان والتي كانت تعتبرها في حينه مطية للرأسمالية الغربية، ويبدو ان نفس الشعور بينهما كان متبادلا وذلك لان احزاب الاشتراكية الدولية كانت تعتبر التنظيمات الشيوعية في بلدان العالم الثالث مطية للاتحاد السوفيتي الذي تكن له كل العداء، وبهذا الصدد احتضنت الاشتراكية الدولية وبوقت مبكر حزب العمل الاسرائيلي الذي نال تعاطف مبالغ فيه من قبل الاحزاب الاشتراكية الاوروبية لمعالجة شعورها بالذنب ازاء اليهود وما حصل لهم من اضطهاد نازي، جاء هذا الوصف على لسان كرايسكي زعيم الحزب الاشتراكي النمساوي والزعيم اللامع للاشتراكية الدولية.

في عقد السبعينات وما بعده اختطت الاشتراكية الدولية لنفسها نهج تصاعدي في الاحتضان الرسمي للاحزاب والحركات الوطنية والقومية المنفتحة على الغرب، وخاصة ذات النفوذ في بلدانها او تلك المرشحة للعب الادوار المحورية فيها، ومنذ ذلك الحين جرى التركيز على الشرق الاوسط وشمال افريقيا، فبالاضافة لعضوية حزب العمل الاسرائيلي وحزب الشعب الجمهوري التركي، هناك العديد من الاحزاب العربية الحاكمة وكاملة العضوية فيها، كحزب جبهة التحرير الجزائرية، والحزب الوطني الديمقراطي في مصر، والذي كان يتزعمه الرئيس المصري المخلوع حسني مبارك، وحزب التجمع الدستوري الديمقراطي التونسي الذي كان يتزعمه الرئيس التونسي المقلوع زين العابدين بن علي اضافة الى حزب الاتحاد الوطني الكردستاني الذي يتزعمه الرئيس العراقي جلال الطالباني والذي تم اختياره كنائب لباباندريو الرئيس الحالي للاشتراكية الدولية، وهناك بعض الاحزاب العربية غير كاملة العضوية في نادي الاشتراكية الدولية، كحركة فتح، والتكتل الديمقراطي التونسي، والحزب التقدمي الاشتراكي اللبناني.

لقد فضحت الثورتان التونسية والمصرية حقيقة استبداد وفساد حزبي السلطة فيهما، وبالتالي حقيقة العلاقة المصلحية بينهما وبين الاشتراكية الدولية التي تدعي حرصها على دعم الديمقراطيات الناشئة ودفاعها عن حقوق الانسان في كل مكان من هذا العالم، وذات الشيء ينطبق حاليا على جلال طالباني نائب رئيس الاشتراكية الدولية، فهذا الرجل وحزبه يمارسان اشد انواع الاستبداد والقمع والفساد بحق الشعب الكردي خاصة والعراقي عامة، وما احداث السليمانية المتواترة التي راح ضحيتها العشرات حتى الان بين قتيل وجريح، وحركة الاحتجاجات الشعبية المناوئة له ولحزبه ولمجمل العملية السياسية الجارية في العراق الا دليل عملي ساطع على كونه من ذات الطينة التي كان منها رفيقيه المخلوعين مبارك وبن علي، ولا عجب وهذا الحال، في ان تكون الاشتراكية الدولية مرتعا لأمثال هؤلاء لانها هي ذاتها مسكونة بما يناقض المصالح الحقيقية للطبقة العاملة في بلدانها، وهي تتذيل للاجندة اليمينية المتحكمة فيها، لتكون قريبة دوما من السلطة، وصديقة لمن يمتلكها في بلدان العالم النائم، وذلك لتضمن لنفسها نفوذا يغذي وينمي تربحها السياسي والاقتصادي وتزايد نفوذها على حساب خسارة شعوبنا المغلوبة على امرها، لابسط حقوقها المشروعة، لقد فات الاشتراكية الدولية عدم استقطاب حزب الجماهيرية بزعامة القذافي لعضويتها، حتى يكتمل به نصابها في النصب والتضليل والتدليس.

جمال محمد تقي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer