بقلم: وائل قنديل
15 مارس 2011 09:41:38 ص بتوقيت القاهرة
هذه أخطر محنة تواجه الثورة المصرية، وأخشى أن أقول إن مدينة ميدان التحرير الفاضلة تعج بالجدل والسفسطة الآن بما ينذر بالعودة إلى حدود الرابع والعشرين من يناير 2011.إن الصراع الدائر بشأن التعديلات الدستورية الآن يذكرك بأجواء ما قبل الانتخابات البرلمانية الأخيرة، حيث كان النظام يستهلك كميات هائلة من محصول الجزر لإغراء الأحزاب والقوى السياسية بالمشاركة فى انتخابات محكوم عليها بالبطلان والتزوير قبل أن تبدأ.
كان نظام أحمد عز وصفوت الشريف ومبارك الأب والابن يبحث عن لاعبين بأى شكل لخوض مباراة استعراضية تنتهى بالنتيجة التى حددها سلفا، وفى ذلك الوقت حذرنا وحذر كثيرون من خطورة الانزلاق إلى الفخ، وكانت الدعوة لمقاطعة مسرحية الانتخابات الهزلية هى الموقف الأصوب والأكثر احتراما فى ذلك الوقت.
غير أن شياطين الوطنى نجحوا فى غواية الإخوان والأحزاب المستأنسة، وتمت الانتخابات على نحو فضائحى مجلجل، وخرج الذين غرر بهم يصرخون ويولولون وينوحون على الخديعة التى تعرضوا لها، بعد أن استجابوا لمنطق الصفقات الليلية.
والمؤكد أنها كانت تجربة مشينة بكل المقاييس، بل إنها عجلت باندلاع ثورة 25 يناير، بعد أن تبين للجميع أن عصابة اختطفت البلد وأغلقت كل فتحات التهوية فيه فكان لابد للإناء أن ينفجر.
وكان رائعا أن ثورة 25 يناير أعادت توحيد الصفوف، فاغتسل فيها الجميع من خطيئة التورط فى علاقة آثمة عابرة مع الحزب الوطنى، وبدا أن مصر مؤهلة للدخول فى عصر مختلف تتخلص فيه من أمراض ثلاثين عاما من الفساد والتكلس والانحطاط.
ولكن ما يجرى الآن من انقسام بشأن التعديلات الدستورية يذكر بتلك الأجواء التى سبقت انتخابات برلمان 2010 المنحل، إذ يبدو معسكر الإخوان مندفعا بقوة فى اتجاه القبول بهذه التعديلات، على الرغم من أن غالبية القوى المشاركة فى الثورة ترى أننا حققنا ثورة كاملة، دفعنا ثمنها كاملا ومن ثم لابد من تغيير كامل وشامل.
وعليه فإن القبول بالدستور القديم المرقع بهذه التعديلات لا يستقيم مع قانون الثورة التى هى وكما بحت أصواتنا فعل هدم لنظم وأوضاع بالية لا تصلح للحياة، وبعد الهدم يأتى رفع الأنقاض وتنظيف التربة ثم البناء على أسس واضحة ومحترمة.
ومن هنا يبدو التعجل فى القبول بتعديلات دستورية لا تستجيب للحد الأدنى من أهداف الثورة ومطالبها، إلا إذا كان البعض قرر أن يعود إلى اللعب الفردى، ويعفى نفسه من الالتزام بروح فريق 25 يناير اعتقادا منه أن اللحظة مواتية لكى يحصد أكبر قدر من غنائم معركة لم تضع أوزارها بعد.
إن أبسط قواعد الوفاء لأرواح المئات من شهداء ثورة 25 يناير ألا يعود البعض ويمد يده ليغرف من طبق يضع فيه الحزب الوطنى يديه.
لا تلهثوا خلف الحصرم بينما يمكن الحصول على الثمار الناضجة بعد قليل.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات