الحصيلة العامة لمشهد يوم الاستفتاء على التعديلات الدستورية كانت تاريخية من نواحٍ عديدة تحدث عنها كثيرون، لكن «بقعا» صغيرة حاولت تدنيس هذا الثوب الأبيض الناصع.
البقعة الأولى هى المحاولات المستميتة من قبل كثيرين لتحويل النقاش والجدل السياسى إلى خناقة طائفية لا تتوقف بين المسلمين والمسيحيين على المادة الثانية، بدلا من النقاش حول التعديلات الدستورية نفسها وصلاحيات الرئيس والحكومة، وكيفية الانتقال الديمقراطى ودور كل مؤسسة فى هذا البلد وللأسف الشديد نجح أصحاب هذه المحاولات فى تسجيل نقاط عديدة لصالحهم وهم لا يشعرون بأنهم سيدفعون ثمنها لاحقا.
البقعة الثانية هى الزاوية التى حشرت فيها جماعة الإخوان المسلمين نفسها، عندما تمترست وأصرت وألحت على قول نعم للتعديلات مقرونة بأن ذلك واجب شرعى، وحاول بعض انصارها تصوير الذين قالوا «لا» باعتبارهم عملاء لأمريكا وأصحاب أجندات».
من حق الإخوان أن يقولوا لا، ومن حقهم أن يطالبوا بانتخابات برلمانية سريعة حتى يحصلوا على مقاعد أكثر.. تلك هى لعبة السياسة.. لكن عليهم أن يقولوا ذلك فى اطار المنافسة السياسية وليس باعتباره أمرا مرتبطا بالدين والحلال والحرام.
مرة أخرى الإخوان جماعة وطنية وعليها أن تفرمل نفسها وتلعب سياسة وتتوقف عن خلط الدين المطلق بأمور الدنيا المتغيرة.
نفس الأمر ينطبق على بعض الأصوات والجماعات القبطية التى تصر على «المناكفة» وإصدار بعض التصريحات التى «قد تستفز اناسا لا يحتاجون أصلا إلى استفزاز».
وبالقياس نفسه، فمن حق الأقباط أن يصوتوا بلا أو نعم، دون أن يكون ذلك مرتبطا بأمر الدين أو تعليمات الكنيسة، لكن باعتباره حقا لهم لأنهم مواطنون مصريون.
البقعة الثالثة هى الاعتداء الهجمى على الدكتور محمد البرادعى فى منطقة الزلزال بالمقطم اثناء توجهه للادلاء بصوته.. هى بقعة لأنها تنتمى للعصر الماضى بكل قبحه، والاسوأ أن وسائل إعلام صورت هذا الاعتداء باعتباره «فضيحة للبرادعى».
الكارثة فى هذه المعالجة أنها تثبت أن مسئولى بعض صحفنا لم يتعلم الدرس وتعامل مع البرادعى باعتباره «عدوا مقاتلا» ينبغى أن يسجن فى جوانتانامو، وتصوير البلطجية الذين اعتدوا عليه باعتبارهم «لقنوه درسا».
لنختلف أو نتفق مع البرادعى، لكن علينا أن ندافع عن حقه فى التجول بحرية، وأن يجد الاحترام الذى يستحقه كرمز مصرى مشرف.
على مسئولى هذه الصحف أن يتعلموا فضيلة الاختلاف، قولوا لا لسياسات وافكار البرادعى لكن فى إطار الاحترام.
البقعة الرابعة هى سوء الاعداد للاستفتاء، ونقص الأوراق، وغياب الاختام، والتأخير فى إبلاغ القضاة بلجان إشرافهم، الأمر الذى أدى إلى «هرجلة» لا مبرر لها نرجو أن يتم تداركها فى الانتخابات «الكثيرة» المقبلة.
تحية لكل من قال لا أو قال نعم، طالما كانت نابعة من وجدان مصرى وعلى أساس سياسى بحت وليس من منطلق طائفى أوفئوى.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات