الأقسام الرئيسية

جمال مبارك.. وجمال السلطة

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم مجدى مهنا ٩/ ٢/ ٢٠١١

«المصرى اليوم» تعيد نشر مجموعة من مقالات الراحل النبيل مجدى مهنا

سمعت من أستاذى كامل زهيرى، نقيب الصحفيين الأسبق، هذه الرواية، التى تدعو إلى إعمال الفكر والتأمل.

كان له فى منتصف الستينيات من القرن الماضى صديق سودانى له ميول شيوعية، وفى نهاية الستينيات عُين وزيرا فى الحكومة.

وفى جلسة ود وفرفشة على النيل الأبيض فى الخرطوم، حيث يقع منزل الوزير السودانى، بادر بسؤال كامل زهيرى: ما أجمل شىء فى الدنيا؟ قال زهيرى: النساء! فعاد وسأله الوزير السودانى: شىء أجمل من النساء؟ قال زهيرى مازحا: المنجة! على اعتبار أنه يعشق فاكهة المنجة، وتتساوى عنده مع حبه للنساء وربما تتفوق عليه، فعاد الوزير السودانى وسأله من جديد: أجمل من النساء ومن المنجة؟ فقال زهيرى: لا يوجد شىء فى الدنيا أجمل منهما، فردّ عليه الوزير الشيوعى: إنها السلطة يا صديقى!

والمعنى واضح، فهو قبل أن يصبح وزيرا فى السلطة كان يحلم مثل أى شيوعى بتغيير العالم من حوله، كل يوم يصحو على حلم التغيير، ويسعى إليه بكل الوسائل، ولا يضيع دقيقة واحدة من وقته، لا وقت عنده لكى يبدده فى النظافة أو الاستحمام أو حلاقة الذقن أو تصفيف الشعر، لأنه مشغول بالمهمة المقدسة وهى رفض الواقع الذى يعيشه فى السودان، من فقر وظلم وجهل ومرض وفساد واستغلال نفوذ، إلى عالم جديد يقوم على العدل والحرية والمساواة وتوزيع عادل للثروات.

ثم بعد أن أصبح وزيرا كان الواقع قد تغير بالفعل، وبنسبة ١٨٠ درجة، واقع معالى الوزير الشيوعى، وليس الواقع الذى حوله أو الذى يعيش فيه، فقد أصبح يأمر فيُطاع، وطلباته وأحلامه أوامر، ولم يعد فى حاجة إلى أن يحلم بعد أن تحقق الحلم الكبير، وهو اعتلاؤه السلطة، وأصبح يستحم فى اليوم خمس مرات ويحلق ذقنه مرتين!

لم يقل كامل زهيرى ذلك بالضبط، لكنه قاله مع بعض الإضافات، ومحاولة استخفاف الدم من جانبى.

هذا بالضبط ما حدث مع السيد أمين السياسات بالحزب الوطنى جمال مبارك، مع الفارق أن جمال لم يكن شيوعيا.

قبل أن يتولى أمانة السياسات لم يكن شيئا على الإطلاق، كان مجرد شاب عادى يعمل موظفا فى أحد البنوك المصرية ثم الأجنبية، لكن بدرجة ابن رئيس الجمهورية.

لم نعرف عنه اهتمامه بالسياسة أو اشتغاله بالعمل العام، بل لم نكن نسمع عنه أى شىء، ثم أصبح جمال مبارك بعد أن عُين فى منصب أمين السياسات كل شىء فى الحزب الحاكم، له رجاله فى الحكومة، وعيونه فى الصحافة، وتغلغل نفوذه إلى أن أصبح فى يوم وليلة أهم شخصية فى البلد.

تعد له التشريعات، وتطبخ فى لجنة السياسات، ويأمر فيُطاع، ومصر كلها تتغير من أجله، وهذا لم يحدث بانقلاب شيوعى مثلما حدث مع صديق كامل زهيرى، إنما حدث لأنه نجل رئيس الجمهورية، وحدث بفعل تأثير السلطة القوى على عقل جمال مبارك، وعلى عقل المحيطين به والمقربين منه، الذين يرغبون فى الاستفادة من وقوعهم فى الدائرة المحيطة به.

السلطة أجمل من النساء ومن المنجة! لا يختلف فى ذلك، الوزير الشيوعى صديق كامل زهيرى.. عن جمال مبارك.. عن شجرة الدر!

■ نشر هذا المقال فى ١٠/ ٤/ ٢٠٠٧

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer