هل بالذمة رأيتم نهاية سعيدة أجمل من هذه: فتى وفتاة فى عمر الزهور يتزوجان فى حماية المدرعة المصرية أثناء ثورة 25 يناير، وطبعا أنا لى عدة إحتمالات لهذه الصورة العجيبة:
أولها: أن العريس كان ينوى الهرب من الزواج فما كان من العروسة إلا أن طلبت نزول القوات المسلحة المصرية لإتمام الزواج.
ثانيا: أن العريس قال لنفسه أن أفضل شئ ممكن حدوثه فى شهر العسل هو الإستفادة من قرار حظر التجول والجلوس فى البيت لممارسة الحب بصورة مستمرة إحتراما لقرار حظر التجول.
ثالثا: أن أهل العريس والعروسة أرادوا الإحتفال وسط مليون مصرى فى ميدان التحرير، وشوف إنت بقى الهدايا و"النقطة" إللى حتنزل عليهم من العالم دى كلها!
أيا كان السبب ففى حياتى لم أر أجمل ولا أكثر جنونا من هذين العريسين، وألف مبروك.
...
ويوم الأحد 6 فبراير 2011 بدأت الأحوال تعود إلى ما كانت عليه، فقد فتحت البنوك وعاد معظم الناس إلى أعمالهم وبدأت الأسواق فى العمل، وفى نفس الوقت مازالت قوات الثورة المصرية مرابطة فى ميدان التحرير وتحرسها وتحيط بها القوات المسلحة المصرية.
وأعتقد أن ثوار 25 يناير لسان حالهم يقول: إحنا مش أقل من الثورة الفرنسية إللى إنتهت بنهاية الملك، أو الثورة الأمريكية التى إنتهت بخروج القوات البريطانية من أمريكا، أو ثورة إيران التى إنتهت بخروج الشاه، أو ثورة تونس التى إنتهت بخروج زين العابدين، دى حتى ثورة 1952 (التى كانت إنقلابا عسكريا) إنتهت بخروج الملك فاروق، يبقى ثورة مصر يعنى إللى وقعت من قعر القفة وتنتهى بدون خروج مبارك، طيب بالذمة ده إسمه كلام، طيب بأى وش نقدر نقول عليها ثورة؟؟
وفى تقديرى أن ثورة 25 يناير قد نجحت وحققت أهدافا كثيرة (حتى بدون النهاية السعيدة التى تنزل بعدها كلمة النهاية على الشاشة ثم تسدل الستار)، وأنا أقول هذا ليس رغبة منى فى كسر عزيمة الثوار فى ميدان التحرير وغيرها، ولكن لكى نعرف أن ما حدث حتى الآن أشبه بالأحلام:
(1) كسرت ثورة 25 يناير حاجز الخوف لدى المصريين من النظام والشرطة والحكومة والجيش، ولأول مرة أرى ضباط جيش وشرطة برتب عالية جدا يبتسمون ويصافحون الشعب، بعد أن كانوا يضربونه على قفاه.
(2) عرف الشعب المصرى ربما لأول مرة فى تاريخه قوته الحقيقية عندما نزل إلى الشارع، وخاصة عندما هرب رجال الشرطة سواء كان الهروب تآمريا أو خوفا أو الإثنين معا، لقد عرف الشعب قوته.
(3) رأينا شعبا جديدا فى مصر قضى (تقريبا) على أكذوبة الفتنة الطائفية، فلأول مرة أرى فى ميدان التحرير شيخا أزهريا يحمل القرآن فى يد وصليب فى اليد الأخرى، هل تصدقون هذا ولم يمض اسابيع على مذبحة كنيسة الإسكندرية ومذبحة العمرانية.
(4) كان من المعروف عن خصائص الشعب المصرى أنه صابر دائما، وأعتقد أنه الشعب الوحيد فى العالم الذى يعلق فى كل مكان (وخاصة فى المكاتب الحكومية) لافتة تقول :"الصبر مفتاح الفرج"، هذا الشعب يصبر ويصبر ثم يقوم فى فورة سريعة وتهدأ سريعا (مثل هوجة عرابي)، ولكننا الآن أمام شئ مختلف تماما ها نحن وقد مر أسبوعان و"الهوجة" مازالت مستمرة، والشعب مازال فى الشارع، وتحولت من هوجة إلى ثورة حقيقية يراقبها العالم أجمع بإعجاب وترقب وقلق وأمل.
على باب مصر، تدق الأكف، ويعلو الضجيج
جبال تدور، رياح تثور، بحار تهيج
وتصغى! وتصغى!!
أين؟ ومن؟
وكيف إذن؟
نعم.. كيف أصبح هذا الجلال
بأقصى مداه!؟
.. حقيقة شعبٍ
غزاه الطغاة، وأى طغاة؟!
.. أمعجزة مالها أنبياء؟!
.. أدورة أرض بغير فضاء؟!
(شعر كامل الشناوى وغنته أم كلثوم، وكأن الشاعر كان يراقب ما يحدث فى ميدان التحرير)
....
(5) إكتشف العالم فجأة بأن هناك شباب فى مصر وأن %60 من سكان مصر تحت سن الثلاثين عاما، إلا أن من يحكمونهم هم: مبارك عمره 82 ونائبه عمر سليمان عمره 75 سنة، فتحى سرور (رئيس مجلس الشعب) 79 سنة، أحمد شفيق (رئيس الوزراء 70 سنة)، صفوت الشريف (رئيس مجلس الشورى) 76 سنة، زكريا عزمى (رئيس ديوان رئيس الجمهورية) 73 سنة، محمد طنطاوى (وزير الدفاع) 76 سنة. يعنى الوحيد فيهم فى فريق الأشبال هو أحمد شفيق (70 سنة)!! فقد آن الآوان بعد ثورة الشباب أن نرى شبابا فى النظام الجديد!!
(6) لأول مرة سوف نرى كلمة "الرئيس السابق" بدلا عن الرئيس الراحل، سواء حدث هذا فى خلال أيام أو خلال شهور ولكنه سيحدث.
(7) لأول مرة نرى الفتاة المصرية تشارك الرجل فى المظاهرات بتلك الكثافة، وقضت على قوى الرجعية التى تريد حبسها فى البيت وإرجاعها للوراء.
(8) رأينا كيف أن هذا الشباب الذى إتهمناه باللامبلاة وأحيانا بالرقاعة، كيف أنه كون لجانا شعبية تحمى المدن والقرى المصرية، تنظم المرور، تنظف الشوارع كل هذا بقوى ذاتية بدون إنتظار الحكومة، وخاصة بعد إختفاء الحكومة من الشارع.
(9) واحدة من أجمل المكاسب التى عادت إلى الشعب المصرى هى عودة روح الفكاهة وعودة حب الحياة مرة أخرى بعد أن سيطر على العقل المصرى فى السنوات الأخيرة حب الحياة الآخرة فقط، وبمناسبة عودة روح الفكاهة أختم مقالى بأجمل نكتتين ظهرتا فى الأسبوعين الماضيين:
يقال أن الرئيس مبارك تأثر بثورة الشباب وخاصة ما أطلقوا عليه: يوم الغضب، جمعة الغضب، جمعة الرحيل، يوم الشهداء فقال أنه تضامنا مع الشباب سوف يرحل "يوم القيامة"!!
....
يقال أن مبارك عندما مات وصعد إلى السماء قابل عبد الناصر والسادات فسألوه:
إيه خير؟ سم... و لا منصة؟
مبارك: لأ... فيس بوك!!
samybehiri@aol.com
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات