الأقسام الرئيسية

التعديلات الدستورية

. . ليست هناك تعليقات:
الكاتب
Mon, 28/02/2011 - 08:05
يستحق أستاذنا المستشار طارق البشرى، وأعضاء لجنة تعديل الدستور، أن نوجه لهم جميعا التحية على ما بذلوه من جهد فى إعداد التعديلات المقترحة لعدد من مواد الدستور وفقا للتكليف الصادر من المجلس الأعلى للقوات المسلحة. ورغم أن نصوص التعديلات المقترحة لم تنشر بعد، فإن خطوطها العريضة، والتى عرضها المستشار البشرى بنفسه فى مؤتمر صحفى، تكفى لإقناعنا بعدد من الحقائق أهمها: 1- أن ما توافقت عليه اللجنة عكَسَ حرصها التام على استقلاليتها ورفض التدخل فى شؤونها من أى جهة وبأى وسيلة. 2- أن المصلحة الوطنية العامة كانت الموجه الرئيسى لعمل اللجنة. 3- عدم تأثر اللجنة فى عملها بأى انحيازات أيديولوجية مسبقة أو بأى ارتباطات أو علاقات سياسية أو مصلحية خاصة.

ليس معنى ذلك أن ما طرحته اللجنة سيلقى، بالضرورة، إجماعاً حين يطرح للنقاش العام. غير أننى أزعم أن التباين المحتمل فى وجهات النظر حول التعديلات المقترحة سوف يأخذ منحى «فنياً»، بسبب تعدد المدارس الفقهية والدستورية، وليس منحى «سياسياً» أو «أيديولوجيا» نابعا عن اختلاف التوجهات الفكرية أو الانتماءات السياسية ومصالح القوى والفئات والاجتماعية. وهنا يتجلى البون الشاسع بين السياق السياسى والفكرى الذى جرت فيه تعديلات 2005 و2007 والسياق الذى جرت فيه التعديلات المطروحة للنقاش حاليا. صحيح أن الذين قاموا بصياغة تعديلات 2005 و2007 كانوا «فقهاء قانونيين»، إلا أنهم كانوا موجهين سياسيا وتحملت ضمائرهم الميتة القيام بمهمة قذرة لخدمة السلطان. ولأن الوضع اختلف تماما هذه المرة، بسبب عدم وجود سلطة لها مصلحة فى توجيه النقاش وجهة خاصة، فمن المتوقع أن يظل الخلاف المتوقع حول التعديلات المقترحة حاليا محصوراً داخل نطاق الاجتهادات والرؤى الفنية. ومن هذا المنطلق أتوقع أن يدور هذا الخلاف حول عدد من القضايا الحيوية، أهمها:

1- مدى مواءمة وقانونية إدخال تعديلات على دستور معطل، وما إذا كانت الحالة المصرية الراهنة تقتضى إصدار إعلان بدستور مؤقت يشمل المواد اللازمة للتعامل مع مرحلة قصيرة مؤقتة، يفترض أن تنتهى بانتخابات رئاسية وبرلمانية خلال ستة أشهر. وفى تقديرى أنه كان يفضل إصدار إعلان دستورى مؤقت بدلا من إدخال تعديلات على دستور معطل.

2- محدودية وعدم كفاية المواد التى طلب من اللجنة تعديلها لتمكين الناخبين من اختيار برلمان قوى يستطيع أن ينهض بمهمة وضع دستور جديد للبلاد. وأظن أنه كان من الأفضل أن تمتد صلاحيات اللجنة لتشمل المواد المتعلقة بنسبة تمثيل العمال والفلاحين وحصة المرأة.

3- فترة الرئاسة، والتى تقترح اللجنة اختزالها إلى أربع سنوات وقصرها على ولايتين فقط. وهذا اتجاه محمود لا نستطيع أن نختلف معه. لكن الأهم أن يتم توحيد الفترتين الرئاسية والبرلمانية، سواء تم الاتفاق على أن تكون الفترة بالنسبة لكل منهما أربع أو خمس سنوات.

4- الجهة القضائية التى يحق لها الفصل فى صحة العضوية البرلمانية. فنحن نؤيد تماما إسقاط المبدأ المعمول به حاليا والقائل إن المجلس «سيد قراره» وإسناد هذه الصلاحية إلى هيئة قضائية. غير أننى لم أستطع تفهم الأسباب التى دعت اللجنة لنقل هذه الصلاحية من محكمة النقض إلى المحكمة الدستورية، وأرى أنه ربما يكون من الأفضل ترك هذه الصلاحية لمحكمة النقض.

5- مدة إجراء انتخابات مجلس الشعب. فاشتراط إجرائها فى يوم واحد يحد كثيرا من إمكانية تفعيل الرقابة القضائية على الانتخابات. والأفضل ترك الفترة الزمنية مفتوحة وعدم التقيد بيوم إلا فى حالة ضمان توفير أعداد كافية من القضاة لإحكام الرقابة على سير العملية الانتخابية، يحيث يكون هناك قاض لكل صندوق.

تلك ملاحظات أولية على مقترحات اللجنة الدستورية والتى نكرر توجيه الشكر لها. ولأن الموضوع بالغ الأهمية أظن أنه يحتاج إلى مناقشة مفصلة، نرجو أن يسمح بها الوقت لاحقاً، بعد نشر نصوص التعديلات المقترحة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer