الأقسام الرئيسية

تعديل الدستور المصري الحالي انحراف عن مطالب الثورة

. . ليست هناك تعليقات:

فؤاد التوني

GMT 10:34:00 2011 الإثنين 21 فبراير

لا ادري كيف يتم إجراء تعديلات دستورية على بعض مواد دستور 71، وقد سقط وفقد شرعيته بموجب ثورة 25 يناير التي أطاحت بالرئيس مبارك، وعطل المجلس الأعلى للثورة العمل بأحكامه، وحل مجلسي الشعب والشورى، وبالتالي فان إقرار أي تعديلات دستورية جديدة تستلزم موافقة البرلمان بموجب المادة 189 من الدستور الحالي، وأي تعديلات في غياب البرلمان غير دستورية، وحيث إن الشعب هو مصدر السلطات ويمتلك شرعية إسقاط الدستور والقوانين دون الرجوع للبرلمان والحاكم، فإن ثورة الشعب يجب أن تؤسس لحياة دستورية جديدة، مع العلم أن دستور 71 لم يسقط فقط بفعل الشرعية الثورية ورحيل مبارك، بل تم تعطيله بعد اغتيال الرئيس أنور السادات في أكتوبر 81 بمقتضى حالة الطوارئ الذي فرضها الرئيس المخلوع، وهذا يعني بطلان فترة حكم مبارك،وعدم شرعية نظامه الذي دام ثلاثة عقود.

معنى هذا أن مصر بحاجة إلى دستور جديد كبديل عن الدستور الحالي المعيب، والذي جرى عليه تعديل 34 مادة من قبل ترزية القوانين، وتكرس مواده كل السلطات في يد رئيس الجمهورية، إذن هذا الدستور لم يعد يناسب طبيعة العصر الحالي، قد يقول قائل إن الوقت قد لا يسعف فقهاء القانون الدستوري لوضع دستور جديد، والرد بسيط ويتمثل في تكليف المجلس الأعلى للقوات المسلحة لجنة من فقهاء القانون الدستوري بوضع دستور مؤقت يتم العمل به خلال الستة أشهر التي حددتها القوات المسلحة يتم بعدها إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية، على أن تمثل هذه اللجنة كل أطياف المجتمع، بعدها يتم وضع الدستور الدائم بحيث تعكس مواد الدستور الجديد إرادة الشعب ومبادئ ثورة 25 يناير، أما أن يقول المستشار "طارق البشري" رئيس لجنة التعديلات الدستورية إن المضطر يركب الصعب، وإن الضرورة تقنصي إجراء تعديلات على بعض مواد الدستور الحالي المعطل أصلا وعرضها على الشعب للاستفتاء فهو أمر ينافي أحكام الدستور المعطل.


كثيرون مثلي ينتابهم القلق من ترقيع بعض مواد الدستور الحالي المتعلقة بانتخابات مجلسي الشعب والشورى والانتخابات الرئاسية والمواد 76 و77و88و93و189 وهذا لا يتوافق مع مبادئ ثورة يناير، ومبعث القلق أيضا ما حدث بعد ثورة 52 فقد أسقطت الثورة دستور 23 وشكلت لجنة لصياغة دستور مؤقت في فبراير 53 مؤلفة من خمسين عضوا ولم ير هذا الدستور النور، لأن رجال الثورة شعروا أنه أقصاهم عن المشاركة في السلطة، وابعد المؤسسة العسكرية عن الحياة السياسية، فكيف لهم أن يتبنوا دستورا جردهم من السيطرة على الجهاز الإداري للدولة، وأبعد مؤسستهم العسكرية التي انبثقت منها حركتهم، واستمر عمل اللجنة عاما ونصف العام ليخرج مشروع دستور 54 وحسم الصراع السياسي لصالح قيادة الثورة ضد الأحزاب، وقد يحدث العكس فقد تشعر المؤسسة العسكرية أن الدستور الجديد قد يبعدهم عن ممارسة السياسة لمصلحة الثورة الشعبية، فيحاولون التمسك بالتعديلات على الدستور الحالي، ويخلعون بزاتهم العسكرية ليمارسوا السلطة على الرغم من تصريحاتهم المطمئنة حتى الآن بتسليم مقاليد الأمور إلى سلطة مدنية.


تعرضت مسودة دستور 54 لعملية ولادة عسيرة، ولم تتاح لها فرصة التطبيق والنمو على ارض الواقع، فمات المشروع وهو جنين على الرغم من أنه كان فريدا في صياغة مواده، فقد انفرد بمواد تعلي من شأن المواطنة والحريات، وإصدار الصحف، وتشكيل الأحزاب السياسية، وكان مصيره سلة المهملات، إلى أن عثر على نسخة منه مؤخرا الكاتب "صلاح عيسى" في مكتبة معهد الدراسات العربية التابع للجامعة العربية تخص الفقيه الدستوري "عبد الرازق السنهوري" ومن يتأمل هذه النسخة يجد فارقا كبيرا بينه وبين دستور 71 الذي خضع لأهواء الحاكم، لنكتشف في النهاية أننا تعرضا لعملية خداع طيلة حكم الرئيس المخلوع الذي كان يحلو له أن يزين خطاباته بعبارات عن احترام الدستور والقانون.
خلاصة القول أنه لا يصح البناء على الدستور الحالي احد بقايا عهد الاستبداد فقد ولى هذا العهد إلى غير رجعة، وتعديل بعض مواده يعد انحرافا عن مبادئ ثورة 25 يناير والتفافا على الإرادة الشعبية للمصريين.

إعلامي مصري

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer