اختار مدونون جزائريون مواجهة ارتفاع الأسعار وغلاء تكاليف المعيشة، بلافتات ساخرة، وحملت اللافتات صور الرئيس بوتفليقة والوزير الأول أحمد أويحيي، ورجل الأعمال أسعد ربراب، الذي يعتبرونه مسؤولا عن "جنون الأسعار والشارع". وبموازاة مع اللهجة الحادة التي استعملت في اللافتات، إلا أن الأخيرة تضمنت رسالة كبيرة ملخصها "إجماع على رفض أعمال التخريب التي طالت الممتلكات العامة والخاصة" باسم "الثورة على الحياة الاجتماعية البائسة التي يعانيها الشعب منذ الاستقلال".
وكانت عدد من المدن الجزائرية قد شهدت في الأسبوع الأول من العام الحالي احتجاجات واسعة على ارتفاع أسعار المواد الغذائية، وسارعت الحكومة لإخمادها عبر التراجع عن إجراءات رفع الأسعار. ولا يبدو أن احتجاجات الشبان الجزائريين قد أخمدت بالكامل، فقد ظهرت بأشكال متنوعة على صفحات الانترنت وخصوصا الشبكات الاجتماعية وأهمها فيسبوك.
شِعر في "عروس" المواد الغذائية
فيسبوك وسيلة الشباب المفضلة للتعبير عن احتجاجاتهم
يلفت نظر متصفح مواقع الشبكات الاجتماعية والمدونات الجزائرية ، هيمنة صور الزيت و السكر، الذين كان ارتفاع أسعارهما من اسباب الاحتجاجات التي شهدتها شوارع المدن الجزائرية، بعد أن التهبت أسعارهما بزيادات وصلت إلى أكثر من 15 في المائة بالنسبة للزيت، وبأكثر من 30 في المائة للسكر. فقد النشطون الغلاف الخارجي لصفيحة الزيت التي يُصنّعها رجل الأعمال ربراب، إلى ملصق إعلانات جاء فيه "يشبع الزيت ويجوع الشعب".
كما جاءت فيها العبارات التالية: "عن قريب..السكّر" و"كسّر واربح تذكرتك إلى سركاجي"، وسركاجي هو سجن مشهور في العاصمة الجزائر، وتحت صور الرئيس بوتفليقة والوزير الأول أويحي ونائبه وزير الداخلية السابق نور الدين يزيد زرهوني، كتبت عبارة "سياسة الجزائر الجديدة.. موت يا الزاوالي" وكلمة الزوالي تعني بالفصحى الفقير المغلوب على أمره.
ونظم آخرون أبياتا من الشعر بالعامية الجزائرية تغنوا فيها بالزيت، لكن بلغة حسرة على تحول الزيت من آخر المحترمين في زمن قريب جدا إلى عروس يثور من أجلها الشعب وتنفجر لعيونها مظاهرات، وتتحدث الأبيات عن انتفاع صاحب المصنع من الزيادات وانسحاق الفقراء تحت قدميه.
مفارقات أسعار المنتوجات
وفي لافتة ساخطة جدا، خيرت الجزائريين قائلة "عندك 1ستشتري بها" وأسفل التعليق صورة صفيحة زيت وصورة لسروال، بمعنى اختر الزيت حتى لا تجوع ولكنك إن فعلت ستبقى عاريا، أما اشتريت سروالا فستموت جوعا. وقالت أخرى بعد أن عرضت صورة زجاجة خمر وصفيحة زيت "البيرة 100 دينار، الزيت 900 دينار" وتركَت الخيار للمواطن، بين أن يصدق أن سعر الزيت وصل إلى 900 دينار، أو أن يقتني زجاجة خمر حتى يثمل فلا يصدق القصة بتاتا.
ويقول إسماعيل، وهو شاب متابع للمدونات، في حديث لدويشته فيله، بأن الشباب أشعلوا جبهة رفض ومواجهة أخرى على الشبكة العنكبوتية، وعبروا عن رفضهم لأساليب العنف والتخريب التي تجري في الشارع "أنا ضد العنف، لكنني مع الاحتجاج والتظاهر دون تخريب، لأن الأمور وصلت حدودا محرمة والأسعار باتت جحيما لا يرحم أحدا، كما أنني أدعم التظاهر والاحتجاج على الإنترنت".
دعوات لنبذ العنف
ومن جهة أخرى اختار مدونون رفع شعار رفض العنف والتخريب الذي يحصل في الشارع، فقالت إحداها "لا للعنف..لا للتكسير" وقد حملت صورة خريطة الجزائر موشّحة بالراية الوطنية توسّطتها مطرقة حطمت خارطة البلاد. وحملت لافتات أخرى صورا للمحتجين وهم يخربون الممتلكات، كتب فيها "نعم للاحتجاج لا للتخريب..أوقفوا الحريق.. من أجل الجزائر أوقفوا الحريق.. نعم مظلومون لكننا لسنا مخربين..غاب القانون لهذا حدث ما حدث..استقيلي يا حكومة".
وحرصت عدد من اللافتات على توجيه النصح للشباب الغاضب، ودعوته لأن يعبر عن مطالبه بطرق بعيدة عن العنف، وتذكيره بأن البلاد جربت الخراب لأكثر من عشرية ولم تستفد إلا الخراب.
ويعتقد مسعود هدنة، صحافي في يومية الجزائر الجديدة، أن لافتات التوعية تلعب دورا مهما في تحذير الشباب من الانخراط في أعمال الشغب والتخريب، وقال "لدويتشه فيله" بأن "الوعي ينقص الكثير من شبابنا ولا بد من زرعه بشتى الطرق، وخاصة الإنترنت التي باتت واسعة الانتشار وفي متناول معظم الشباب في البلاد".
توفيق بوقاعدة - الجزائر
مراجعة: منصف السليمي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات