الأقسام الرئيسية

مخاطر حول الثورة

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم حلمى النمنم ٢٣/ ٢/ ٢٠١١

لا أود أن أفسد حالة البهجة، التى يعيشها معظم المصريين، لكن يجب القول إن الثورة بدأت فقط، وهى لم تكتمل ولم تحقق بعد كل أهدافها، أدرك أن إبعاد الرئيس مبارك عن مناصبه أراح الكثيرين وأسعدهم، وما حدث هو خطوة أولى، ذهب مبارك لكن عقلية «المباركية» لا تزال قائمة وجاثمة، وتشكل خطراً حقيقياً على «الثورة».. نعرف أن الرئيس مبارك فى سنواته الأخيرة لم يكن أقوى شخصية فى النظام، كان أقرب إلى من يملك ولا يحكم، ليس لنزوع ديمقراطى ولكن لأن هناك من انتزع منه الحكم، أقصد «جمال مبارك» ومن حوله.. وهؤلاء ما زالوا موجودين وما زال لديهم النفوذ، وأظن أن قادة المجلس الأعلى للقوات المسلحة يدركون ذلك..

فبعد اشتداد المظاهرات وعجز الأمن عن السيطرة ونزول الجيش، ظهر اقتراح من بعض رجال جمال بأن تتولى دبابات الجيش إنهاء المظاهرات على طريقة الدبابات الصينية فى ميدان «تيان آن»، نهاية الثمانينيات، ولكن قادة الجيش كانوا قد حسموا أمرهم، وقرروا أن الجيش مع الشعب «يد واحدة»، وأنه يقدر مطالب المتظاهرين، ولن يقمعهم، ويبدو أن هؤلاء حين يئسوا من أن يتدخل الجيش لصالحهم تحركوا وخاضوا «موقعة الجمل» يوم الأربعاء الدامى..

ورغم أن رئيس الوزراء الحالى، وكذلك نائب الرئيس السابق، ثم الرئيس السابق وعدوا بالتحقيق، وأن دماء الشهداء لن تضيع هدراً، فإننا إلى اليوم لا نعرف ماذا تم فى التحقيق.. ولا نعرف إلى الآن من على وجه التحديد يقف وراء ترويع المصريين إثر الانسحاب المشين لحبيب العادلى يوم الجمعة ٢٨ يناير، ولا مَنْ وراء موقعة الجمل.. وأتصور أن التحقيق يجب أن يكون شاملاً وبلا تردد، هل كان جمال مبارك وراءها؟، هل هى عناصر من وزارة الداخلية؟ هل كانت هناك ميليشيا خاصة بجمال مبارك على طريقة «فدائيو صدام» زمن عدى صدام حسين، ثم ألا يقودنا هذا إلى التساؤل عن سر اختفاء «رضا هلال»، وسر اختطاف المناضل عبدالحليم قنديل فى صحراء المقطم؟ هل من قام باختطاف رضا وإخفائه حتى اليوم وكذلك اختطاف عبدالحليم قنديل، ينتمى إلى نفس العقلية التى دبرت موقعة الجمل؟

ويجب القول بلا مواربة إننى أشعر بتباطؤ فى البحث عن الحقيقة والتحقيق، وهذا يعنى أن هناك رؤوساً وعناصر إجرامية لا تزال بيننا، وأخشى أن ينجح بعضها فى التسلل إلى دائرة الحكم الجديد، خاصة أننا نرى بعض أنصار جمال مبارك يحاولون اعتلاء المنصة باعتبارهم من الثوار، ومن الذين نبهوا النظام السابق وانتقدوه!!

أصابع رجال النظام السابق وعقليتهم نلحظها فى بعض الإضرابات والاعتصامات الأخيرة، بالتأكيد هناك مظاليم كثر، لكن بعض الجهات الحكومية التى اشتهر العاملون بها بأنهم يشحنون فى الأتوبيسات لتزوير الانتخابات أو الهتاف للرئيس السابق فى العديد من المناسبات، نظموا اعتصامات وإضرابات ورفعوا سقوف المطالب المادية عالياً، وكأن الثورة كانت من أجل علاوة، وكأن الشباب بذلوا دماءهم لرفع نسبة الحوافز للعاملين فى مؤسسات، كان العاملون بها هم درع الحزب المنهارة فى التزوير وتسويد الانتخابات، هل فعل هؤلاء- ذلك- طبقاً لخطة الفوضى والترويع لإثبات عجز المجلس الأعلى عن إدارة أمور البلاد، وكأنه ليس أفضل مما كان أماناً واستقراراً أم فعلوا ذلك لأنها عقلية الحزب المنهار، التى لا تترك فرصة دون الحصول على استفادة وتحقيق مغنم آنىٍ ومباشر، ولا يتورعون حتى عن تحويل دماء الشهداء إلى فواتير مستحقة الدفع لهم.

ليست عقلية وذهنية الحزب المنهار هى الخطر الوحيد على الثورة، لكن هناك أخطاراً أخرى، منها العبث بهوية هذه الثورة، قلت من قبل إنها ثورة مدنية.. وطنية خالصة، قامت على الهوية المصرية، وهى ثورة بلا خمينى وبلا خمينية، لكن تعمد المحيطين بفضيلة الشيخ القرضاوى يوم الجمعة فى الميدان منع «وائل غنيم» من الصعود إلى المنصة وإلقاء كلمة، هو محاولة لفرض الخمينية على الثورة، وأتمنى ألا يكرر الإخوان خطيئة عامى ١٩٥٢ و١٩٥٣ مع محمد نجيب وجمال عبدالناصر.

الأخطار عديدة ومخيفة، وتتطلب سرعة الإيقاع فى الخطوات والقرارات من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وإدراك أن الثورة تعنى القطيعة الحادة مع الذهنية السائدة قبلها، وتعنى مواجهة الفساد والمفسدين، وحتى الآن فإن التركيز يتم على مواجهة الفساد فى المجالات الاقتصادية والمالية، لكن ماذا عن الفساد السياسى والقانونى الذى تم؟! الدرس التاريخى يقول لنا إن المفسدين سياسياً وقانونياً يمكنهم القدرة على اختراق الثورة والقفز عليها، حدث ذلك فى ثورتى عرابى و١٩٥٢، ومع اليقين بأن ثورة ٢٥ يناير مختلفة كثيراً عنهما، لكن الفساد والمفسدين هم دائماً، لديهم القدرة على التحول والاختراق ومن ثم مواصلة الإفساد.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer