في شارع مؤد إلى دوار اللؤلؤة في العاصمة البحرينية المنامة صادفت أحمد وهو فتى في الرابعة عشرة من عمره وهو ينادي على المتظاهرين القادمين للميدان طلبا لتبرعاتهم.
كان يرتدي قميصا لنادي تشيلسي الانجليزي لكنه اخبرني انه يشجع فريق برشلونة الاسباني، وعندما سألته عن سبب قدومه لدوار اللؤلؤة اجابني بتلقائية: من أجل رحيل النظام. وما البديل لرحيل النظام؟ قال من يختاره الشعب.
أحمد واحد من الآلاف الذين يتوافدون يوميا على دوار اللؤلؤة ما بين متظاهر ومعتصم، يتشحون بأعلام البحرين ويرددون هتافات تركز على ضرورة اسقاط النظام ومحاكمة المسؤولين عن مقتل سبعة محتجين قبل نحو عشرة ايام في مواجهات بين قوات الامن البحرينية والمتظاهرين في عموم البحرين.
الهم السياسي للمتظاهرين لم يمنع الاجواء الاحتفالية في الدوار الذي تحول الى ما يشبه مخيما صيفيا يقصده البحرينيون من مختلف الاعمار.
وفي هذا المخيم تنتشر عشرات الخيم الحديثة وضع على بعضها لواقط لأقمار صناعية تلتقط بث القنوات الفضائية.
وقد لاحظت ان قناة العالم والمنار الفضائيتين تحظيان بأكبر نسبة مشاهدة في الدوار. وكان لافتا ان بعض المتظاهرين رفعوا لافتات تنتقد تغطية قناة الجزيرة لأحداث البحرين اذا كتب أحدهم: وانكشف القناع عن قناة الجزيرة.
أما التلفزيون الرسمي البحريني -الذي يتهمه المعتصمون في دوار اللؤلؤة بعدم تغطية انبائهم ـ فقد ناله حظ من التعليقات، وكتب أحدهم على لافتة "تلفزيون العائلة الطائفية: مش حتقدر تغمض عينيك" محاكاة لشعار قناة "روتانا سينما" الفضائية.
"يمكن تفهم"
بعض المتظاهرين رفعوا لافتات لا تخلو من الطرافة ومنها "يا حكومة روحي وانتي طالق"، ولافتة اخرى كتبت باللغة الهندية واسفل منها ترجمة تقول "ارحل يمكن تفهم"، وذلك في محاكاة للافتات مشابهة ظهرت في ميدان التحرير المصري وطالبت برحيل الرئيس السابق حسني مبارك.
وقد تشكلت لجان عديدة في الدوار لمتابعة شؤون المعتصمين والمتظاهرين، فعلى مدار الساعة تصل امدادات من المشروبات والأطعمة للمعتصمين، وتوزع مجانا على الموجودين في الميدان.
وفي خيامهم يقضي المعتصمون اوقاتهم ما بين قراءة الصحف او السمر او تدخين النارجيلة، وقد لاحظت انتشارها الكثيف حتى في اوساط بعض النسوة.
للإعلام نصيب مهم في دوار اللؤلؤة. وهناك مركزان اعلاميان ـ أحدهما للرجال وآخر للنساء ـ يزودان الصحفيين والمهتمين باخر التطورات واخبار التظاهرات وتحركاتها.
كما أنشأ المعتصمون ركنا للرسوم الفنية. وهناك يجلس شبان وفتيات وهم يكتبون لافتات جديدة، اويرسمون ما تجود به قريحتهم قبل ان يصار الى عرض هذه اللافتات والرسومات في معرض اقيم خصيصا في وسط الدوار.
وفي الشوارع المؤدية الى دوار اللؤلؤة يمتد صف طويل من السيارات الحديثة، بعضها من انتاج العام الفين واحد عشر، وهي تعود للمعتصمين او المتظاهرين، وبات مشهدا مألوفا رؤية عائلات بأكملها تاتي لزيارة الدوار لبضعة ساعات ثم ترحل.
ولأن الاجواء احتفالية ـ في ظل غياب أجهزة الأمن عن المكان ـ فإن الجميع هناك يحمل كاميراته، ويوثق لهذه اللحظة التي يرى كثيرون انها فارقة في تاريخ البحرين الحديث.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات