الرباط (رويترز) - يصر الليبيون فيما يبدو على حماية تراثهم الثقافي الثري خلال الاحتجاجات المناهضة للعقيد معمر القذافي ويدافعون عنها من النهب الذي شهدته جارتها مصر خلال ثورتها قبل عدة أسابيع.
واستعمرت ليبيا كل الامبرطوريات القديمة التي سيطرت على منطقة البحر المتوسط ومن ضمن التراث الثقافي الخصب لليبيا مدينة لبدى الكبرى وهي مدينة ساحلية بارزة تعود الى عهد الدولة الرومانية وتقع اثارها على بعد نحو 130 كيلومترا الى الشرق من طرابلس.
وهذه المدينة هي مسقط رأس الامبراطور سبتيموس سيفيروس وتضم مسرحا رومانيا وحمامات من الرخام وشوارع ذات أعمدة وتعد درة تاج التراث الروماني.
وفي حين أن الاتصال مع ليبيا بات أمرا صعبا في ظل الظروف الراهنة فان عالمي اثار عملا كثيرا في البلاد قالا ان الاثار هناك بخير على عكس ما حدث خلال الانتفاضة التي شهدتها مصر مؤخرا.
وقال حافظ الولدة وهو ليبي يقدم المشورة لادارة الاثار في ليبيا وقاد يوما عملية استشكاف في مدينة لبدى الكبرى "حتى الان لم ترد تقارير على الاطلاق من أي مناطق من التراث الثقافي لليبيا عن تأثرها بالاضطرابات."
وقال من مقر اقامته بلندن "نحن دائما قلقون على هذا الامر فيما يتعلق بحدوث فوضى. الامر يسير في الاتجاه الصحيح حتى الان لكن لست متأكدا من أن الحال ستسير على هذا المنوال. لا أعلم."
وفي يناير كانون الثاني اقتحم لصوص المتحف المصري الذي يضم أعظم مجموعة من الكنوز الفرعونية في العالم وحطموا عدة تماثيل وأتلفوا مومياوتين في الوقت الذي كانت تخوض فيه الشرطة معارك مع محتجين مناهضين للحكومة في الشوارع.
وقال مصري عبر الحدود الى تونس لرويترز يوم السبت ان صبراتة وهي بلدة رومانية قديمة لها مسرح روماني ومسرح اخر تم ترميمه حيث شاهد بنيتو موسوليني عروضا خلال الاحتلال الايطالي أصبحت في أيدي المدنيين لكن لم يتسن التحقق من هذه المعلومات.
وقالت صحيفة قورينا التي تتخذ من بنغازي مقرا في وقت سابق خلال الاسبوع ان عددا كبيرا من القوات الحكومية انتشر هناك.
وقال عالم الاثار البريطاني بول بينيت الموجود في ليبيا منذ ثلاثة أسابيع بمنطقة برقة التي تفجرت منها الاحتجاجات "ليبيا وطني الثاني وكل هذا أسوأ كابوس."
ومضى يقول "أسمع قصصا عن نهب من مخيمات العمل وما شابه ذلك.. انها مناطق نائية نسبيا وأعتقد أن ميليشيا محلية تسيطر على القرى والبلدات."
وأضاف بينيت وهو رئيس بعثة جمعية الدراسات الليبية في لندن "هناك حواجز طرق... سكان محليون يحمون ممتلكاتهم وأحياءهم ومن خلال ذلك يرعون التراث الثقافي أيضا."
وذكر أن فريقا من خبراء الاثار تم اجلاؤهم قبل عدة أيام وانه على اتصال بالاصدقاء والزملاء هناك.
وقال "كل شيء يبدو بخير. ليست لدي مخاوف بعينها من أن المتاحف ستتضرر من كل هذا.
"أنا واثق من أن السكان المحليين سيحمونها وأن العاملين في ادارة الاثار سيضمنون أن كل شيء على ما يرام وفي أمان." ولم يتسن الاتصال بالادارة في طرابلس للتعقيب.
وبدأت عمليات الاستكشاف الاثري بشكل جدي في ليبيا في الثلاثينات من القرن العشرين عندما كانت تأمل ايطاليا الفاشية القوة الاستعمارية في ذلك الوقت أن تؤكد وجود الامبراطورية الرومانية وأن تثبت السيادة التاريخية لايطاليا على البحر المتوسط. كما أدى هذا الى اكتشاف النفط.
وتراجعت الاكتشافات الاثرية بعد ثورة القذافي عام 1969 لكن بعض علماء الاثار الاجانب واصلوا العمل وقاموا باكتشافات حتى خلال فترة تدني العلاقات مع الغرب.
وقال الولدة "تجاهلها النظام لفترة من الوقت. في وقت من الاوقات لم يكن ينظر لها على أنها تراث ليبي بل استعماري."
وأضاف أن حكومة القذافي سعت لتحسين الموارد والبنية الاساسية في السنوات الاخيرة وسط جهود لتنمية السياحة.
وقال الولدة "أتمنى أن تتغير المواقف... نريد أن ينظر لادارة الاثار على أنها جزء من الهوية الليبية ومستقبل ليبيا."
وقال هو وبينيت انهما يأملان العودة الى ليبيا. وقال بينيت "كل ما أتمناه أن يستقر الوضع وأن نعود للعمل معا قريبا... انه حلمي على اية حال."
ماري لويز جوموتشيان
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات