الأقسام الرئيسية

ضبابية وتخبط بقلم د.حسن نافعة

. . ليست هناك تعليقات:
٢٣/ ٢/ ٢٠١١

تخيم الآن حالة من الضبابية والتخبط فى إدارة شؤون الدولة والحكم فى مصر. فعندما أجبرت ثورة ٢٥ يناير رئيس الدولة السابق على التنحى وانتقلت السلطة إلى المجلس الأعلى للقوات المسلحة أطلق على حكومة أحمد شفيق وصف «حكومة تصريف أعمال». ولأنها حكومة قامت فى عهد الرئيس السابق، الذى وقع بنفسه على قرار تشكيلها، فقد كان يتعين عليها أن تقدم استقالتها فور تنحيه إلى رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة، بصفته قائما بأعمال رئيس الجمهورية فى تلك المرحلة الانتقالية الحالية، وأن يصدر من رئيس الدولة بالنيابة قرار بتكليفها بمهمة «تسيير الأعمال» إلى أن يتم تشكيل حكومة جديدة، وهو ما لم يحدث.

فلم نسمع أن حكومة شفيق قدمت استقالتها رسميا، أو أن مرسوما صدر من رئيس المجلس الأعلى يفيد بقبول هذه الاستقالة وتكليفها بالاستمرار فى أداء عملها كحكومة «تسيير أعمال». الأغرب من ذلك أن وكالات الأنباء تتناقل أخبارا تفيد بأن الفريق شفيق يجرى حاليا مشاورات لتعديل حكومته، وهو أمر غير جائز قانونا إلا بعد صدور قرار رسمى من رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة يكلفه بتشكيل الحكومة الجديدة، وهو ما لم يحدث. وتلك كلها مؤشرات تعكس وجود حالة من التخبط وعدم وضوح الرؤية، فيما يتعلق بكيفية إدارة المرحلة الانتقالية، وهو أمر يبعث على الحيرة، ويثير الكثير من القلق فى الوقت نفسه.

لذا نأمل من السيد المشير طنطاوى، بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، وقائما بأعمال رئيس الدولة، أن يتدارك الوضع، وأن يطلب من أحد معاونيه إعداد رؤية متكاملة عن كيفية إدارة المرحلة الانتقالية على أن تتضمن جدولا زمنيا واضحا بالمهام والتكليفات المحددة التى يتعين إنجازها خلال تلك المرحلة وأيضا بالمؤسسات أو الهيئات التى ستتولى إنجاز تلك المهام.

كنت قد طرحت خلال الأيام القليلة الماضية تصورا لكيفية إدارة المرحلة الانتقالية، اقترحت فى سياقه تشكيل ثلاث مؤسسات محددة لإدارتها، تشمل: مجلس للرئاسة وحكومة محايدة وبرلماناً انتقالياً، وهو تصور قابل للنقاش، قبولا أو رفضا والاستفادة منه كليا أو جزئيا. وبصرف النظر عما قد تؤول إليه مقترحات من هذا النوع، نأمل على الأقل أن تدار المرحلة الانتقالية وفق معايير الحد الأدنى من الأصول والضوابط القانونية، وهو ما يقتضى على الأقل تحديد العلاقة بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى آلت إليه السلطة المطلقة والكاملة الآن، وبين الحكومة، وهى مؤسسة من بقايا العهد القديم.

ولأن المهمة الأصلية للمجلس الأعلى للقوات المسلحة هى تأمين البلاد فى مواجهة الأخطار الخارجية وليس إدارة الدولة، فعليه أن يحدد ابتداء طبيعة العلاقة بينه بصفته الجهة التى أصبحت تتولى السلطة الفعلية، والحكومة التى يفترض أن تتولى إدارة شؤون البلاد تحت إشرافه. وفى هذه الحالة يمكن للمجلس الأعلى للقوات المسلحة الاختيار بين بديلين، الأول: أن يتولى بنفسه إدارة شؤون الدولة والحكم، وفى هذه الحالة يتعين إلغاء الحكومة وإنشاء مجلس خاص لهذا الغرض يمكن أن نطلق عليه «مجلس قيادة الثورة».

والثانى: أن يعهد إلى حكومة محايدة ومستقلة بمهمة إدارة الدولة فى هذه المرحلة ويكتفى هو بمهمة الإشراف ووضع الخطوط العامة للتوجهات الاستراتيجية. وفى هذه الحالة يتعين عليه نقل سلطة إدارة الدولة وشؤون الحكم إلى «مجلس رئاسى» يقوده رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة ويفضل أن يضم عدداً من المدنيين. استمرار الوضع الراهن يثير إشكاليات عديدة ليس أقلها ما يتعلق بمنصب وزير الدفاع وبوضعه داخل الحكومة. ففى ظل الوضع الراهن الملتبس لايزال المشير طنطاوى رسميا هو وزير الدفاع فى حكومة الفريق شفيق، وهو أمر كان يمكن تصوره وقبوله فى ظل وجود الرئيس السابق،

أما وقد أصبح وزير الدفاع هو نفسه رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى آلت إليه السلطة، ومن ثم القائم بأعمال رئيس الدولة، فلا يجوز أن يحتفظ بوزارة الدفاع فى حكومة يرأسها أى شخص آخر، وعليه بالتالى أن يرأس الحكومة بنفسه. وتلك أمور يتعين حسمها قبل تكليف أى شخص آخر بتشكيل الحكومة الجديدة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer