الأقسام الرئيسية

عصـابـات النظـام تعـيـث فسـاداً ... والمعـارضـة تـرد بطلـب محـاكمـة مبـارك واشنطن تحث على الرحيل خوفاً على بقاء النظام والمصالح ... والصلح مع إسرائيل

. . ليست هناك تعليقات:

الطاغيـة يواجـه ثـورة مصـر بالـدم
الحجارة تملأ الأجواء خلال المواجهات بين المتظاهرين المصريين و«بلطجية» مبارك في القاهرة أمس (أ ب)

حرائق تندلع خلال المواجهات بين المتظاهرين و»بلطجية» مبارك أمام المتحف الوطني في القاهرة أمس (رويترز)
تخطى الرئيس المصري حسني مبارك دموية نظيره التونسي زين العابدين بن علي، عندما لجأ أمس إلى استخدام عصاباته من اجل ترويع المتظاهرين في وسط القاهرة ومعظم المدن المصرية الكبرى التي سبق أن تركها عرضة للفراغ الأمني منذ بدء الانتفاضة الشعبية في 25 كانون الثاني الماضي، من اجل تعطيل خطة الخروج من السلطة التي فرضها الشارع وحرفتها واشنطن عن مسارها عندما حاولت إعطاء مبارك فرصة البقاء في الحكم حتى أيلول المقبل، وتوفير مخرج لائق له من الرئاسة، ما وضع مصر على شفير اشتباك أهلي لم يسبق له مثيل، يمكن أن يحول الفراغ إلى فوضى شاملة، تخدم على الأرجح المصالح الأميركية والإسرائيلية.
القاهرة خاصة، ومصر عموما، عاشت كلها هذا الهاجس المرعب، لا سيما بعدما رأت عروض القوة شبه المسلحة التي نفذتها عصابات مبارك، وأدت إلى اشتباكات مروعة مع المتظاهرين سقط فيها 3 قتلى و1500 جريح، في ميدان التحرير وحده، الذي شهد عمليات كر وفر انتهت بسرعة لمصلحة المعارضين الذين استعادوا السيطرة على الشارع بسلاح الموقف وبقوة الحشد الذي عاود النزول إلى الأرض للدفاع عن مكتسباته السياسية الأولى، التي تمثلت في دفع الحكم إلى حافة الهاوية، تمهيدا لفرض رحيله السريع.
لكن حريق القاهرة، الذي أشعله مبارك، مثلما أشعل نيرون روما، ادخل عددا من التعديلات على سياق الثورة الشعبية المصرية وإيقاعاتها المتصاعدة، التي سجلت أمس حقيقة واضحة هي أن النظام المصري ارتكب خطأ فادحا، عندما أطلق عصاباته، بخلاف نظيره التونسي الذي ظل حتى اللحظة الأخيرة يعتمد على أجهزته الأمنية، من دون أن يشق التونسيين ويدفع بهم إلى مواجهة بعضهم البعض في صراع أهلي لا تحتمله مصر، ولا يمكن أن يتسامح المصريون مع المسؤولين عن تفجيره، بدليل أن ردهم العفوي الأول هو الدعوة إلى تظاهرات مليونية جديدة غدا الجمعة، سيكون شعارها الأول ليس

رحيل مبارك الفوري، بل محاكمته على الجريمة الجديدة والجرائم السابقة كلها، وتراجع أحزاب المعارضة عن البحث في فكرة قبول الحوار مع النظام، وبالتحديد مع نائب الرئيس المعين عمر سليمان، الذي بدا أمس انه غائب عن الوعي عندما اطل على التلفزيون ليشترط وقف التظاهر قبل الدخول في حوار مع المعارضة.
وبدا أن الخطأ الذي ارتكبه مبارك لم يكن أيضا مع شعبه الذي شعر بالاستفزاز وقرر التحدي، بل أيضا مع واشنطن التي اضطرت إلى السعي لاحتواء غضب الشارع ووجهت انتقادا قاسيا للنظام وحملة عصاباته على المعارضة، وطلبت من الجيش المصري أن يضغط على مبارك للتخلي عن هذه المخاطرة، وكررت القول إنها تريد من الرئيس المصري أن يشرع فورا في عملية التغيير، التي ذكرت مصادر المعارضة المصرية أنها لم تعد تمتد حتى أيلول المقبل، مشيرة إلى أن المطلب المقبل بعد الرحيل الفوري والمحاكمة لمبارك، إجراء انتخابات رئاسية مبكرة، بعد دفع مجلس الشعب إلى تعديل الدستور في مهلة تقل عن مهلة الشهرين المنصوص عليها.
ميدان التحرير
وتحوّل ميدان التحرير في قلب القاهرة إلى ساحة حرب طوال بعد ظهر أمس، كانت «الجبهة» فيها أمام متحف القاهرة، بعدما أطلق نظام مبارك «بلطجيته» لطرد المتظاهرين، متسلحين بالحجارة والسكاكين والقضبان الحديدية الساخنة والقنابل الحارقة.
وقالت مصادر في ميدان التحرير لـ«السفير» إن قياديين في الحزب الوطني الحاكم، من بينهم رجال أعمال نافذون، جنّدوا عدداً من المساجين السابقين والفارين وآخرين من عملاء الشرطة السرية لمهاجمة المتظاهرين في الميدان، حيث امتطوا الجمال والأحصنة، التي وفرها لهم أحد أقطاب السياحة في مصر بعدما دفع أموالاً طائلة لأصحابها في منطقة نزلة السمان القريبة من الأهرام.
وبعدما تمكن أنصار مبارك من اقتحام قسم من ميدان التحرير، شن المحتجون هجوما مضادا، مكنهم من صدهم ودفعهم باتجاه المتحف وضبطوا منهم ثمانية أحصنة. عندها تحولت المنطقة من ميدان التحرير المجاورة للمتحف إلى ساحة حرب فعلية تبادل فيها مئات الأشخاص من كل جهة القذف بالحجارة وكل ما وصلت إليه أيديهم.
وحاول الشبان عند خط «الجبهة» حماية رؤوسهم من الحجارة بقطع من الكرتون أو الصفيح، وأحيانا بلف ثيابهم على رؤوسهم. إلا أن كل هذه الاحتياطات لم تنفع ونقل المئات منهم إلى «الخطوط الخلفية» لتلقي العلاج. وعرض شبان المعارضة بطاقات تثبت أن عدداً ممن تمكنوا من توقيفهم ينتمون الى الشرطة والحزب الحاكم.
وكان اللافت في هذه المواجهات الغياب التام لعناصر الجيش، حتى إن الدبابات الموجودة على أطراف الميدان بقيت مكانها فيما غادرها الجنود.
وقال ناشطون معارضون لـ«السفير» إن متظاهرين تلقوا قبل الهجوم اتصالات هاتفية من أجهزة الحزب الوطني، تضمنت تهديدات بأن النظام لن يكتفي بسجنهم بعد انتهاء الحركة الاحتجاجية لكنه «سيخطفهم من منازلهم ولن يعودوا إليها»، مضيفين أن هذه التهديدات ستشكل دافعاً للمتظاهرين للبقاء في ميدان التحرير «ولو ماتوا هناك... ما دامت نتيجة القمع ستكون واحدة».
وفي مؤشر جديد على دموية مبارك، كشفت صحيفة «وول ستريت جورنال» الاميركية انه اصدر في اليوم الاول من الثورة الشعبية امرا الى وزير الداخلية السابق حبيب العادلي باستخدام الرصاص الحي ضد المتظاهرين، وهو الامر الذي نقله العادلي الى مسؤول عمليات الامن الضابط احمد رمزي الذي رفض تنفيذه.
في هذا الوقت، أعرب ائتلاف المعارضة المصرية عن رفضه الدخول في أي حوار مع النظام، قبل أن يستجيب مبارك لمطالب الشعب المصري بإعلان تنحيه. ووجهت المعارضة الدعوة إلى كل المصريين للخروج في تظاهرات مليونية يوم غد تحت شعار «جمعة الرحيل»، رافعة سقف مطالبها إلى محاكمة مبارك على جرائمه.
وكانت أحزاب المعارضة الرسمية (التجمع، والوفد، والناصري) أعلنت قبولها دعوة الحوار التي وجهها إليها عمر سليمان، لكنها اشترطت أن يشمل جدول أعمال هذا الحوار المطالب التي رفعها الشعب المصري، وهي استقالة مبارك وتشكيل حكومة انتقالية وهيئة تأسيسية لوضع دستور جديد للبلاد، وحل البرلمان.
في المقابل، أكد سليمان أن «الحوار مع القوى السياسية يتطلب وقف التظاهرات»، داعياً المتظاهرين إلى «العودة إلى منازلهم». ونقلت وكالة «أنباء الشرق الأوسط» عن سليمان قوله إن «الحوار مع القوى السياسية الذي يضطلع به بناء على تكليف من الرئيس مبارك، يتطلب الامتناع عن التظاهرات وعودة الشارع المصري للحياة الطبيعية بما يتيح الأجواء المواتية لاستمرار الحوار ونجاحه».
واشنطن
في هذا الوقت، أعلن البيت الأبيض أن التغيير في مصر يجب أن يتم الآن، معرباً عن قلقه من الأنباء التي تفيد بأن حكومة مبارك ربما تحرض على العنف. وقال المتحدث باسم البيت الأبيض روبرت غيبس إن واشنطن تريد أن يحدث التغيير الآن، قائلا «الآن تعني الآن»، مضيفاً أنه إذا كانت الحكومة المصرية حرضت على بعض العنف فإن عليها أن تتوقف الآن. وتابع أن»الرسالة التي نقلها الرئيس (باراك أوباما) بوضوح للرئيس مبارك هي انه حان وقت التغيير... ومن الواضح أن الشعب المصري يحتاج إلى أن يرى تقدما وتغييرا فوريا». وشدد غيبس على أن الولايات المتحدة تتوقع من أي حكومة جديدة في مصر أن تحترم المعاهدات التي توصلت إليها سابقاتها، في إشارة واضحة إلى معاهدة الصلح.
وأعلنت وزارة الخارجية الأميركية أن الوزيرة هيلاري كلينتون حثت عمر سليمان على محاسبة أولئك المسؤولين عن العنف الذي حدث في القاهرة أمس. وشددت على «وجوب أن تبدأ عملية انتقال (السلطة) الآن»
وقال مسؤول أميركي بارز إنّ الولايات المتحدة تعتقد أن هناك مناقشات بين المقربين من مبارك بشأن ما إذا كان عليه أن يفعل المزيد للوفاء بمطالب المحتجين الساعين إلى تنحيته. وأضاف أن الاشتباكات في القاهرة وغيرها من المدن المصرية قد تقنع الجيش المصري بأنه يتعين عليه الضغط على مبارك لاتخاذ خطوات إضافية.
إسرائيل
واصل رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو، أمس، لهجة التهويل بـ«الاسلام الراديكالي في مصر»، والتحذير من «غزة ثانية في مصر»، متهما ايران بأنها تريد لمصر «نظاما يعود إلى القرون الوسطى»، فيما اتهم النائب العربي في الكنيست محمد بركة نتنياهو بمحاولة «رسم مستقبل مصر وفق مقاسات اسرائيل ومصالحها».
وقال نتنياهو في خطاب امام الكنيست الاسرائيلي «سيكون هناك صراع في مصر بين من يؤيدون الديموقراطية ومن يريدون الاسلام الراديكالي». وأضاف «هناك عالمان، وجهتا نظر، تلك المتعلقة بالعالم الحر والاخرى المتعلقة بالعالم الراديكالي، اي واحدة ستسود في مصر؟». وتابع نتانياهو «يمكن الا تحقق احدى هاتين القوتين فوزا على الاخرى لوقت طويل، وأن يستمر انعدام الاستقرار والغموض لاعوام عدة».
في المقابل، اعتبر وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك أن الأحداث التي تشهدها مصر حاليا لا تحمل انعكاسات تستدعي تحركات عملياتية فورية في الوقت الراهن، وبالتالي فإنها لا تستوجب أن تتخذ إسرائيل استعدادات خاصة على مدى الأسابيع المقبلة.
وأعرب باراك عن اعتقاده بأن عهد مبارك قد انتهى، وأن هذه الحقيقة ستكون لها انعكاسات بعيدة المدى على الواقـع الحــالي الذي نعيشه.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer