ألا يثير الدهشة، قرار وزارة الأوقاف، بإلزام جميع خطباء المساجد بأن تكون خطبة الجمعة حول حرمة الانتحار وتكفير المنتحر يأساً واعتراضا على قدر الله؟! ويدفعنا ذلك للتساؤل: منذ متى يهتم النظام بحياة المصريين ودنياهم ومعاشهم، حتى تهمه آخرتهم ويدعي أنه يخشى عليهم سوء الخاتمة؟!
إن سياسات النظام الحاكم، وفشلها في توفير حياة كريمة، كانت هي الدافع الرئيسي وراء إقدام المصريين على الانتحار، للتخلص مما يلاقوه من فقر وبطالة ومرض وتعذيب، وما دعواه للحديث عن حرمة الانتحار، إلا دليلا على شعور النظام الحاكم "بالرعب" من الحالة التي وصل إليها الشعب، وخوفه من أن تثير حالات الانتحار المتزايدة غضب الجماهير وتلهب مشاعرهم أكثر، فيثوروا، ويخلعوه ويطردوه، كما فعل شرفاء تونس مع الرئيس "الهارب" زين العابدين بن علي.
فلماذا لا يطلب النظام الذي يرتدي مسوح الإيمان والتقوى، من خطباء المساجد أن يحدثونا عن حرمة الاعتقال والتعذيب في السجون والأقسام حتى الموت؟ ولماذا لا يطلب منهم أن يحدثونا عن حكم الشرع في المحتكر، والفاسد، والمزور، والناهب لثروات البلد والمتجاهل لأحكام القضاء؟ وعن حكم التعاون مع الأعداء في حصارهم لإخواننا الذين تخلينا عن نصرتهم في غزة؟ لماذا لا يطلب منهم إخبارنا بما قاله الرسول – صلى الله عليه وسلم – في قوم إذا سرق أو قتل أو حرق أو سمم أو أغرق فيهم الشريف تركوه، وإذا أخطأ الفقير مضطرا بسبب الحاجة والعوز أقاموا عليه الحد؟
لماذا يذكر النظام "ربنا" فقط عندما يتعلق الأمر بأمنه وبقائه في السلطة، وينساه عندما يتعلق بحقوق المواطنين وما يرتكبه في حقهم من جرائم؟؟
إن المصريين لا يحتاجون خطباء وشيوخ وقساوسة النظام ليعرفوهم دينهم، بل هم في حاجة إلى لقمة عيش نظيفة، وعمل كريم، وسكن يقيهم حر الصيف وبرد الشتاء، فهل وفر النظام للمصريين بعد ثلاثين عاما مجرد لقمة عيش نظيفة؟
وإن كان الخطباء والشيوخ والقساوسة، يهتمون لأمر المصريين حقا، فعليهم أن يقفزوا من سفينة النظام المتداعية التي أوشكت على الغرق، وأن يعودوا إلى صفوف الجماهير ليقودوا ثورتهم القادمة لا محالة ويوجهونها لما فيه صالح البلاد والعباد، حتى يتسنى بحق الحفاظ على النفس والمال وتتحقق مقاصد جميع الشرائع السماوية.
الغريب، أن النظام الذي حرم الفقراء في عهده من الجنة، يبدو أنه سيحرمهم من الجحيم أيضا، بعدما فشل بعض المواطنين في إحراق أنفسهم بسبب تصدي قوات الأمن لهم ومنعهم من الانتحار والتحفظ عليهم!! وكأنه يصر على إبقائنا تحت قبضته أحياء .. وأمواتا، فإلى متى؟؟
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات