دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) -- أطلق التغيير التونسي، المدفوع بالاحتجاجات الشعبية، والتي أنهت عهد الرئيس زين العابدين بن علي، موجة من التحليلات والتخمينات في العالم العربية، تمحورت حول سؤال طرحه كثيرون: بعد تونس، من التالي؟
ويرى محللون أن دولا عربية كثيرة مرشحة لما أصبح يعرف بالسيناريو التونسي، إذ أنها "تعاني ذات المشاكل من البطالة وارتفاع في الأسعار والخدمات، وكلفة المعيشة، إلى جانب ضيق المساحة الممنوحة للحريات المدنية وحقوق الإنسان."
ووفقا لتقرير التنمية البشرية لعام 2011، والذي يصدر عن الأمم المتحدة، تتذيل دول مثل مصر، والسودان، واليمن، والأردن، وليبيا وسوريا، وغيرها، قوائم الترتيب من حيث نسب البطالة أو الإنفاق على التعليم، أو حتى حرية الصحافة وحقوق الإنسان، وغيرها من الحقوق المدنية.
ويرى المحلل والإعلامي الاقتصادي محمد عايش أن هناك "على الأقل سبع إلى 10 دول عربية، تعيش أوضاعا أسوأ من تلك التي في تونس،" قائلا: "في مصر هناك ملايين العاطلين عن العمل، وهناك أرقام مرعبة في دول مثل اليمن وموريتانيا."
وأضاف في اتصال هاتفي مع CNN بالعربية من العاصمة البريطانية لندن، "الانفجار الاجتماعي متوقع ومرتقب في دول عربية أخرى، وسيكون أعنف بكل تأكيد، ذلك أن تلك الدول تعيش حالة أسوأ من تونس بكثير."
واعتبر عايش أن المشاكل في العالم العربي واحدة تقريبا، وقال إن "الاستبداد السياسي دفع الدول العربية إلى ذيل قوائم التنمية البشرية،" متسائلا "لماذا ترتفع الأسعار ونسب التضخم والبطالة في أوروبا ولا نرى انفجارا شعبيا هناك؟ السبب هو أن الناس تشعر في الغرب بالعدالة وانعدام الفساد."
ونصح المحلل الاقتصادي الدول العربية التي تعاني أوضاعا على وشك الانفجار "بمحاربة الفساد وتعزيز الحريات المدنية والسعي نحو مزيد من الانفتاح،" معتبرا أن ذلك "هو الضمانة الوحيدة،" لاستمرار تلك الأنظمة.
وعلى مؤشر التمنية البشرية الذي تصدره الأمم المتحدة، احتلت الدول العربية مراتب متأخرة في قائمة الدول التي عززت مجالات التمنية الشاملة فيها، إذ جاءت مصر، أكبر دولة عربية، في المرتبة 101 من أصل 169، تبعتها سوريا في المرتبة 111، والمغرب في المنزلة 114.
أمام اليمن فاحتل المرتبة 133، في حين أحرزت دول الخليج مراتب متقدمة، على رأسها الإمارات العربية المتحدة في المرتبة 32، تتبعها قطر في الرتبة 38، ثم البحرين في المنزلة 39 من القائمة.
من جهته، يرى الكاتب والمحلل السياسي مختار ولد أباه، أن "السمات المشتركة التي تميز الحكم في عدد من الدول العربية تجعلها جميعها مرشحة لاختبار النموذج التونسي،" قائلا إنها "تتطابق حتى في أكثر من دولة."
ولخص ولد أباه تلك بالقول، إن أبرزها "القهر والاستبداد السياسي، وغياب الحريات المدنية، والعمل على وأد الخصومات السياسية، إلى جانب الرعاية الحكومة للفساد والفاسدين، والتسلط على مقدرات الشعوب."
وأضاف يقول: "كل تلك السمات هي تركيبة لقنبلة تنتظر أن تنفجر، وكما حدث في تونس، فإن الحالة الاجتماعية من بطالة ويأس وغضب بين أوساط الشباب في عدد من الدول، ستكون سببا لثورات متلاحقة إذا لم تنتبه الأنظمة العربية لذلك."
واعتبر المحلل السياسي الموريتاني أن "تحرك الأنظمة العربية الآن نحو مزيد من الانفتاح والحريات وتعزيز المناخات السياسية ومحاربة الفساد، الأمر الذي سيقيها ويلات الانهيار والفرار وترك البلاد تموج في أوضاع مأساوية."
ويشار إلى أن الاحتجاجات الشعبية التي استمرت لأكثر من أسبوعين في تونس، أدت إلى فرار الرئيس زين العابدين بن علي إلى المملكة العربية السعودية، وتسلم حكومة ورئيس مؤقتين السلطات في البلاد إلى حين إجراء انتخابات عامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات