خلال 13 يناير كانون الثاني من كل سنة يحتفل الأمازيغيون المغاربة وغيرهم بسنتهم الجديدة. وراء هذا الاحتفال حدث تاريخي كبير، لكن أحداث مؤلمة جعلت الفرحة "ناقصة" هذه السنة، ليس فقط بسبب وفاة نجم الأغنية الأمازيغية مبارك أولعربي، بل أيضًا جرّاء الأحداث التي تعيشها الدول المغاربية التي يقطنها أمازيغ.
الدار البيضاء: بنظرة سريعة على مواقع يديرها ناشطون أمازيغ، يمكن للزائر مواكبة الأنشطة الكثيرة والمتنوعة التي تنظمها جمعيات أمازيغية خلال هذه الفترة احتفاءً بحلول عام أمازيغي جديد. ففي المغرب تنظم جمعيات في مدن الصويرة، والرباط، وطنجة، ومراكش، ووجدة، ووارزازات، ومكناس، وأكادير، ومدن أخرى، أنشطة كثيرة ومختلفة، احتفاءً بالحدث ذي الدلالة الرمزية الكبيرة. يحدث الأمر نفسه في دول مغاربيّة ودول أخرى في شمال أفريقيا، ودول أوربية وأميركيَّة تعرف تواجد جالية مغربية.
للاحتفال تاريخ
![]() |
إقرأ أيضًا |
عيد يناير مناسبة لإحياء التراث الأمازيغي |
الأدب الأمازيغي في الجزائر: معوقات ورهانات |
الأمازيغ جواهر الأطلسي وصناديده |
ويحتفي الأمازيغ هذه السنة بحلول العام 2961 وفق تقويمهم الخاص، ويعود أصل هذا الاحتفال إلى 950 سنة قبل الميلاد، حين انتصر شيشونك ملك قبائل "ليبو" الأمازيغية على أحد الملوك الفراعنة الأقوياء. منذ ذلك التاريخ قرر الأمازيغ الأحتفال بالنصر كبداية لسنتهم الجديدة وقد اعتبروه كذلك بداية للتقويم الأمازيغي.
واستطاع شيشونك أن يحكم مصر، وقد استمر هذا الحكم الأمازيغي في مصر لسنوات.
وما زالت بعض الواحات المصرية في "سيوا" تتكلم اللغة الامازيغية. ويقول الناشط الأمازيغي منير كجي إن قرابة 30 ألف أمازيغي هناك يتكلمون الأمازيغية، لافتًا إلى أنه أذهل عندما أمضى عشرة أيّام في واحة "سيوا" ولاحظ مدى معرفة سكانها باللغة الأمازيغية. وتقع الواحة على بعد 650 كلم عن القاهرة.
وينتشر الأمازيغ، وهم السكان الأصليون لشمال إفريقيا، من واحة سيوة المصرية إلى المحيط الأطلسي، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى نهر النيجر، ويتكلمون لهجات مختلفة يعتبرها بعض اللسانيين من عائلة "الأفروآسيوية" على اعتبار أن أصولهم آسيوية، هاجروا في قرون سحيقة واستقروا بالمغرب.
وكان الرومان أول من أطلق اسم "أمازيغ" المأخودة من "مازيس". سكان هذه المنطقة الجغرافية استمروا لقرون في الاحتفاء بهذه السنة، بل ان عدداً من القبائل العربية بدأت هي الأخرى تحتفي بالسنة الجديدة.
المغاربة جميعهم يحتفلون
لا يقتصر الاحتفال بالسنة الجديدة الأمازيغية على المغاربة الذين يتكلمون الأمازيغية، بل يحتفي به الجميع، إذ تعد العائلات المغربية (الأمازيغية أو الأمازيغية التي تعربت أو العربية) أطباقا شهية خلال هذه الليلة "لا أعتبر نفسي أمازيغي لأنني لا أتكلم الأمازيغية ولا يوجد فرد من عائلتي يتكلمها لكننا (في العائلة) نحتفل بما نسميه "السنة الفلاحية" كل سنة. نعد الرفيسة (شطائر الخبز الرقيقة مع الدجاج) والبيض" يقول حسن، 52 عامًا ابن الشاوية المقيم بالدار البيضاء.
بعض العائلات المغربية تعد خلال الليلة نفسها الكسكس بسبعة أنواع من الخضار، إذ تتم دعوة جميع أبناء وبنات العائلة، ويتم الاحتفال بهذه السنة. يضيف حسن إنّ معظم تلك العائلات تجهل السبب الأساسي لاحتفاليتها، موضحًا إنّه "عادة ورثناها لا نعرف بالضبط سبب الاحتفال بها". ويضيف حسن "أعتقد أنها مرتبطة بالفلاحة إنها احتفالات بما تقدمه الأرض من خيرات". ويجهل أن وراء الاحتفال انتصار لملك أمازيغي على الفراعنة بمصر، كما يجهل تفاصيل كثيرة مرتبطة بتاريخ الحكم الأمازيغي للمغرب.
ويحتفل التقويم الأمازيغي عن التقويمين الإسلامي والمسيحي، فهو مرتبط بانتصار سياسي كبير لأحد ملوك الأمازيغ، هذا الحدث التاريخي الذي يعتبره الأمازيغ يومًا مشهودًا في تاريخ الإنسانية، كان احتفالاً بالأرض، لاعتقاد الأمازيغ أن الارتباط بها والاعتماد على خيراتها كان سبباً في النصر على المصريين والأنتقال إلى الحكم لقرون.
نظرًا لرمزية الحدث، طالبت حركات أمازيغية بجعل يوم 13 كانون الثاني (يناير) يوم عطلة في المغرب. وكانت تنوي إعادة مطالبتها هذه السنة، غير أن وفاة أحد رموزها مبارك أولعربي، نجم الفرقة الأمازيغية "صاغرو باند" قبل أيام أثر على هذه الاحتفالات. وعنه يقول منير كجي "كان رمزا للأغنية الأمازيغية، وتوفي وعمره لا يتجاوز 29 سنة".
احتفالات حزينة
إذن يحتفل الأمازيغ بعامهم الجديد وسط أجواء حزينة، ليس فقط بسبب وفاة نجم الأغنية الأمازيغية مبارك أولعربي، بل أيضًا جرّاء الأحداث التي تعيشها الدول المغاربية التي يقطنها أمازيغ، ومنها ما تعيشه تونس والجزائر من أحداث اجتماعيّة خطيرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات