بقلم أحمد المسلمانى ١٧/ ١/ ٢٠١١
هذه أجمل ثورة عربية.. بل هى واحدة من أجمل الثورات فى العالم.. هى أجمل من ثورة رومانيا وثورة أوكرانيا.. بكثير. ■ كان الرئيس التونسى زين العابدين بن على مناضلاً عظيماً ضد الاستعمار.. هو واحد من شباب الحركة الوطنية التونسية ضد الاحتلال الفرنسى.. ودفع ثمن وطنيته مفصولاً من التعليم ومعذباً فى السجون. ■ ثم قام زين العابدين عام ١٩٨٧ بانقلاب رائع على الرئيس الحبيب بورقيبة.. كان بورقيبة قد فقد الكثير من قدراته الفكرية والسياسية.. وكان بورقيبة ضعيفاً فى مواجهة الزمن، وكان الشعب التونسى ضعيفاً فى مواجهة بورقيبة والزمن.. فجاء زين العابدين بالانقلاب الصائب فى التوقيت الصائب.. ثم بدأ زين العابدين صُلحاً مع المعارضة والنخبة المثقفة وفئات الشعب.. وفتح أبواب قصر الرئاسة فى قرطاج لمن يرغب فى النقاش والحوار. ■ ما الذى تفعله السلطة بالرجال.. كيف تحول رجل وطنى قاوم الاستعمار إلى رجل قاتل يطلق الرصاص الحى على شباب منكسر موجوع؟ كيف تحول رجل الدولة الذى لم يترك المزيد لأخطاء بورقيبة.. ثم بنى دولة جيدة من طبقة وسطى واسعة إلى تعليم وصحة وإسكان.. إلى رجل السلطة الذى لم يهتز لطوابير العاطلين ولم يخشع لأنّات الفقراء والمهزومين؟ كيف أصبح رجل الدولة.. رجل السلطة؟ كيف أصبح الثائر ضد الثورة؟ ■ يذكرنى زين العابدين بصدام حسين الذى كان نائباً عظيماً.. ثم أصبح رئيساً لا يُحتمل.. بنى صدام حسين بلاده وهو نائب للرئيس.. ثم هدم ما بناه وما بناه الآخرون حين أصبح رئيساً للبلاد.. كان صدام الرئيس يمشى بأستيكة فوق صدام النائب.. ثم مشى بقنبلة نووية فوق مستقبل بلاده ومستقبل بلاد العرب.. فترك العراق أرضاً للخراب.. وأتى بالاحتلال الأمريكى إلى شرق العرب. ■ هى المدرسة ذاتها.. زين العابدين بدأ مناضلاً وانتهى قاتلاً.. بدأ ضد الاستعمار وانتهى ضد الشعب.. بدأ ضد فرنسا وانتهى ضد تونس! ■ لم يفهم زين العابدين أن لصبر الشعوب حدوداً.. وأن التاريخ لا يغفر لمن يفهم متأخراً.. وأن قراراته بحل البرلمان وإقالة الحكومة والإطاحة برجاله قد تأخرت كثيراً عن الموعد الذى انتظره الشعب.. نجحت «القلة المنحرفة» وأطاحت بأقوى نظام أمنى فى العالم العربى.. نجحت «القلة المنحرفة» فى أن تجعل من الكرامة جيشاً شعبياً ضد زين العابدين ومؤسساته. ■ إنها أجمل ثورة عربية.. وهى من أجمل ثورات العالم.. لم يكن هناك ذلك التجهيز الطويل الذى حدث فى أوكرانيا.. ولا آلاف الرجال التابعين للمخابرات المركزية الأمريكية ولا مليارات «سورس» التى موّلت الثورة البرتقالية فى أوكرانيا. ■ لم يكن هناك ستون ألفاً من رجال السى آى إيه ورجال الكى جى بى كما حدث فى رومانيا.. لم يكن هناك دعم أمريكى وتواطؤ روسى من أجل إسقاط شاوشيسكو.. بل كانت ثورة ١٤ يناير المجيدة.. ثورة «تونسية» خالصة.. قادها شباب عظيم.. زاده الرصاص جسارة وفروسية. ■ تحية للشباب التونسى العظيم الذى رفع رؤوس العرب أجمعين.. ألف مبروك. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات