يشير المحلل الاقتصادي الالماني المعروف هورست لوشيل أن الصين حالياً تعتبر قوى عظمى، وبحسبه فإن جميع المؤشرات تدل على تنامي اقتصادها وقوتها في العالم، حيث إن استثماراتها منتشرة في كل القارات، سواء أكان ذلك في أوروبا أم في أفريقياً او حتى أميركا.
هورست لوشيل |
برلين: يعيش الخبير الالماني، هورست لوشيل، في الصين منذ عام 2003، وهو بالتالي مطلع على كامل التطورات في هذا البلد الذي يتنامى اقتصاده بشكل فائق، وشرح لوشيل، الذي يعمل استاذا للاقتصاد ويترأس احدى المؤسسات المالية الاوروبية في شنغهاي في حلقة تناولت الاقتصاد العالمي والصين في برلين وحضرها عدد من الصحفيين، مستقبل التطور الذي ستشهده بكين خلال السنوات المقبلة.
واشار في مستهل حديثه إلى أن الصين اظهرت في الآونة الاخيرة أهتماما كبيراً لشراء سندات حكومات لبعض البلدان المعتمدة على اليورو منها اليونان من أجل التخفيف من إنعكاسات الأزمة المالية نتيجة الديون الضخمة عليها، وبالتالي على مصير النقد الاوروبي. وفسر هذا الاهتمام بالقول: "بلدان الاتحاد الأوروبي بالنسبة للصين سوق لمنتجاتها المنافسة للمنتج الغربي، لذا فهي مهتمة بأن تكون هذه الاسواق مستقرة كي تضع استراتيجية تصدير طويلة المدى. عدا عن ذلك فان للصين تطلعات جيوسياسية في اوروبا مستقبلاً، وتريد خلق تواجد اقتصادي لها هناك ليكون بنفس وزن الولايات المتحدة الاميركية، ما يعني تواجد قوتين عظميين في العالم، تمكن الصين من تنظيم الامور الاقتصادية الدولية".
ولم يخف الخبير المالي بأن تفاقم الأزمة المالية في أوروبا سيكون كارثة على اوروبا والاتحاد الاوروبي، وانعكاساتها سوف تلحق بالصين ودورها الذي تريد لعبه مستقبلا، لذا على بكين وبالدرجة الاولى أن تخشى على احتياطها النقدي الضخم من اليورو، وان تأخذ في الاعتبار اذا ما واجهت اوروبا كارثة مالية، فعليها أن تواجه الولايات المتحدة الاميركية لوحدها وهذا يشكل ضغطا هائلاً عليها.
وعن نظرة بعض الاوروبيين المتحفظة الى موقف الصين من ديون بلدان اوروبية وعدم ارتياح البعض الآخر منه أو بالأحرى عدم الثقة بها، رد لوشيل بالقول للصين نظام سياسي واقتصادي يختلف عن البلدان الأخرى، ولا احد يعرف شكله بالتحديد. فعبارة" سيطرة الراسمالية الحكومية" المتبعة في الصين تبعث بعدم الارتياح للغرب، لكنها كانت مرتبطة بالنجاح الذي حققه الاقتصاد الصيني، ونحن الاوروبيون اقرب تقليديا الى الولايات المتحدة، لان الكثيرين من الاميركيين هم مهاجرون اوروبيون. الا ان الصين اقتصاديا سوف تقف الند للند امام الولايات المتحدة، لذا علينا ان نعتاد التعامل معها والعمل سوية كما نفعل مع الولايات المتحدة، فالقوة الاقتصادية العالمية تتوجه اليوم الى اسيا.
ولا يخفي بان الصين منافس اقتصاد شديد لاوروبا، لكن هذا من ناحية، إذ أن اوروبا وبالاخص المانيا تستفيد من السوق الصينية الشاسعة. ومن دون النمو الصيني لما تمكن الاقتصاد الالماني ان يشهد الانتعاش بعد الازمة المالية الصعبة، لذا يجب اسقاط الشعار السابق الذي سيطر على العالم خلال الحرب البادرة القائل"الشرق ضد الغرب"، اذ على المانيا اليوم ان تفهم الصين، فهي والولايات المتحدة اليوم شريكان ومتنافسان.
وعن انتقاد الغرب للتواجد الصيني في البلدان الافريقية مثل السودان عبر مشاريع كثيرة وعدم اعطاء اعتبار للانظمة الدكتاتورية هناك قال لوشيل إن ذلك ادعاءات لها خلفية عقلية الاستعمار الاوروبي، فما اسمعه في كل مؤتمرات البلدان الافريقية يدل على عكس ذلك.
وتابع: "والمرء في افريقيا مرتاح للسياسة الصينية، ويأمل في ان تساهم في تخفيف الفوضى السياسية في بلاده. فالمساعدات الانمائية الغربية في افريقيا تقدم منذ اكثر من خمسين عاما، لكن لم يثبت حتى الآن انها تمكنت من وضع اسس سياسية واقتصادية تحسن الاوضاع في القارة الافريقية بشكل جذري، حتى أن الوضع السياسي اصبح غير مستقر اكثر فاكثر، ويبدو أن الانتقادات الغربية للسياسة الصينية في افريقيا ليست سوى حسدا لما حققته من نجاح".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات