الأقسام الرئيسية

عملوها الرجالة فى تونس

. . ليست هناك تعليقات:


ليست مصادفة أن الذى قال «إذا الشعب يوما أراد الحياة فلابد أن يستجيب القدر» كان تونسيا، ذلك أن كلمات شاعر تونس الأشهر أبى القاسم الشابى الذى اختطفه الموت قبل أن يكمل عامه الخامس والعشرين تبدو وكأنها كتبت خصيصا لحشد الهمم فى الانتفاضة الشعبية الحالية.

وكأن الشابى الذى توفى عام 1943 نهض من قبره ليكتب قصيدة رثاء فى الشاب محمد البوعزيزى، يستنهض بها الشعب التونسى لمواصلة انتفاضته طلبا للحرية والخبز وفرص العمل وإنهاء الفساد الضارب فى أطناب الدولة.

لقد أجبر أبطال انتفاضة البوعزيزى من شباب تونس الرئيس التونسى على الرضوخ لمطالبهم المشروعة، حيث أطاح بوزير داخليته وعدد من رءوس الحكم، والأهم من كل ذلك أنه تراجع واعتذر عما كان يردده من اتهامات باطلة وشتائم بحق شباب الانتفاضة، وأعلن على الهواء مباشرة سحب توصيفاته بحق الثائرين التى اعتبرهم فيها مخربين ومأجورين، وأقر بأن رسالتهم وصلت واستوعبها جيدا، وعلى ضوء ذلك اتخذ مجموعة من القرارات والإجراءات التى كان التفكير فيها يعد ضربا من الخيال حتى وقت قريب.

ولعل إلغاء الرقابة على الإنترنت وإطلاق حرية الصحافة وتشكيل لجنة وطنية ترأسها شخصية نزيهة ومستقلة لفتح ملفات الفساد والتحقيق، وتعهد الرئيس بعدم الترشح للرئاسة مرة أخرى عام 2014، كل ذلك هو أول الغيث الذى حملته رياح التغيير فى تونس.

وحتى هذه اللحظة لم تتوقف الانتفاضة أو سمها «ثورة أبى القاسم الشابى» فى تونس ضد الفساد والاستبداد والقمع، حيث لايزال الشعب التونسى قابضا على مطالبه المشروعة ومطالبا الرئيس بالتنحى عن الحكم بعد 24 عاما فى رئاسة الجمهورية.

وأظن أن الأشقاء التوانسة لن يتراجعوا عن تحقيق مطالبهم كاملة، فقد فات أوان المكاسب الصغيرة وصار الهدف الآن هو التغيير الشامل وليس مجرد تعديلات أو عمليات تجميل عابرة، ولو حدث ذلك ستكون تونس الخضراء، تلك الجميلة الساحرة الصغيرة، هى المعلمة والرائدة فى عالم عربى جديد ومختلف.

سيكون التونسيون أول شعب عربى يلتحق بالعصر، فيما لايزال أشقاؤه الآخرون يعيشون فى عصور مضت وصارت شيئا من التاريخ، لكن الأهم أن الثورة الشعبية الخضراء ستدشن واقعا عربيا جديدا.

والمشهد الآن لا يختلف كثيرا عن مشاهد انهيار النظم البالية فى أوروبا الشرقية، وتحديدا رومانيا شاوشيسكو 1989، فى انتفاضة شعبية غيرت شكل الحياة هناك.

وأزعم أن الرئيس التونسى سيدخل التاريخ من أوسع أبوابه لو قرر التنازل طوعا عن الحكم وترك للشعب حرية اختيار من يحكمه بالطريقة التى يريدها، حقنا للدماء وإنقاذا للبلد من جحيم مستعر.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer