بدأ العد التنازلي لاستفتاء تقرير المصير في جنوب السودان المقرر صباح الاحد، واعلنت مفوضية استفتاء الجنوب ان كل الاستعدادات باتت "مكتملة".
وتواصل تدفق المراقبين والمسؤولين الدوليين لمراقبة اجراء عملية الاستفتاء في اجواء من الشفافية وبدون ضغوطات وتأثيرات.
وفي مقدمة الوافدين كان الرئيس الامريكي جيمي كارتر، الذي يقول موفد بي بي سي الى الخرطوم نور الدين زورقي انه زار مفوضية الاستفتاء، حيث سيتولى مراقبون من المعهد الذي يديره المشاركة في مراقبة سير الاستفتاء،وانه سيلتقي السبت الرئيس السوداني عمر البشير.
ان المناقشات تدور بشأن "قيام اتحاد بين الشمال والجنوب لرعاية المصالح المشتركة امنية كانت او سياسية او اقتصادية. وفي هذا الصدد نضرب مثلا بالاتحاد الاوروبي".
الرئيس السوداني عمر البشير
ويضيف ان المفوضية تنشر اليوم رسميا قوائم الذين يحق لهم المشاركة في الاقتراع ، وعلى الرغم من البعض يرى ان ذلك اجراء متأخر الا أن المراقبين الدوليين والمسؤولين الامريكيين ما فتأوا يغدقون الثناء على المفوضية وعملها.
ويشارك في عملية مراقبة الاستفتاء اكثر من 150 هيئة دولية ومحلية بينهم ممثلون عن منظمة الايغاد والاتحاد الاوروبي والجامعة العربية ومعهد كارتر للسلام وغيرها من المنظمات والهيئات الدولية.
اجواء احتفالية
وفي جوبا انتهت رسميا حملات الدعاية لاستفتاء الجنوب، بيد ان موفد بي بي سي الى جوبا علي اوجانه يقول ان الاجواء الاحتفالية تعم المدينة وان اصوات الموسيقى ظلت تتعالى اماكن كثيرة في جوبا احتفاء بالاستفتاء لاسيما في الساعات الاخيرة قبل توقف الحملات الدعائية، وقد وضع في احدى الساحات عداد كبير يحسب الساعات والدقائق المتبقية على بدء الاستفتاء.
ويضيف ان نتيجة الاستفتاء تكاد تعرف سلفا مع الميل الواضح لاغلبية الجنوبيين لخيار الانفصال الذي يعتبره البعض هنا نيلا للاستقلال من الشمال.
واعلن المتحدث باسم مفوضية الاستفتاء جورج ماكير ان "الاستعدادات لاجراء الاستفتاء باتت مكتملة تماما" وان بطاقات الاقتراع وصلت الى كل مراكز الاقتراع في الجنوب.
واوضح ان قوة الامم المتحدة في السودان قدمت طائرات لنقل بطاقات الاقتراع الى المناطق النائية.
وتفتح مكاتب الاقتراع صباح الاحد التاسع من كانون الثاني/ يناير الحالي على ان تتواصل عمليات الاقتراع لمدة اسبوع بسبب صعوبة المواصلات في الولايات العشر التي يتألف منها الجنوب السوداني، والتي تفتقر إلى ادنى مقومات المواصلات.
ثورة جديدة
بدوره حذر الرئيس السوداني، عمر حسن البشير، من عدم الاستقرار وقلة الفرص أمام الجنوبيين المقيمين في الشمال إذا قرر الجنوب الانفصال وذلك في ظل استعداد الجنوبيين للتصويت في الاستفتاء.
وقال البشير لقناة الجزيرة إنه يتفهم رغبة الجنوب في الانفصال لكنه لا يملك القدرة على توفير حاجيات أبناء الجنوب أو إنشاء دولة لهم.
وأضاف ان الجنوبيين الذين يعيشون في الشمال بعد انفصال الجنوب سيعاملون على أنهم أجانب.
ولم يستبعد البشير إمكانية إبرام اتفاق بين الشمال الجنوب يقضي بمنح أبناء الطرفين حقوق السكن والعمل.
واوضح انه لا يتحدث عن اتفاقية للدفاع المشترك وان المناقشات تدور بين الجانبين بشأن "قيام اتحاد بين الشمال والجنوب لرعاية المصالح المشتركة امنية كانت او سياسية او اقتصادية. وفي هذا الصدد نضرب مثلا بالاتحاد الاوروبي".
كما هاجم البشير احزاب المعارضة السودانية ومن وصفهم بأنهم يرون ان انفصال جنوب السودان سيؤدي الى نهاية نظام الانقاذ الحاكم في السودان، وقال في خطاب له اثناء افتتاح جسر في مدينة حلفا في شمال السودان ان "فصل الجنوب سيكون بداية ثورة جديدة" بالنسبة لنظامه.
حوافز للسودان
وقال جون كيري رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الامريكي، ان حوافز ستقدم للسودان في حال مضى الاستفتاء على انفصال الجنوب بسلاسة.
وقال كيري متحدثا في الخرطوم، ان هناك تغييرا بناءا قائما في الشمال. وأشار إلى أن الرئيس أوباما مستعد لإخراج السودان من القائمة الأمريكية للدول التي ترعى الارهاب اذا قبلت الخرطوم نتيجة الاستفتاء.
كما ربط كيري رفع واشنطن للعقوبات الاقتصادية أيضا بحصول تقدم نحو السلام في دارفور.
واوضح انه يتعين على الولايات المتحدة والقوى الاخرى ان تساند عقد جولة جديدة من محادثات السلام "الرفيعة المستوى" لحل الصراع في اقليم دارفور السوداني لان الجهود الحالية لا تحقق نجاحا.
واضاف "عزز ذلك لدي اهمية قيامنا باعادة عملية السلام في دارفور الى جدول الاعمال بطريقة اكبر واهم".
مشكلة غياب التنمية
وبلغ عدد المسجلين للمشاركة في الاستفتاء ثلاثة ملايين و930 الفا في السودان والشتات بينهم ثلاثة ملايين و754 الفا في الجنوب السوداني.
ولا بد من مشاركة 60% على الاقل من المسجلين في الاستفتاء لتعتمد نتيجته.
واعلنت المفوضية العليا للاجئين التابعة للامم المتحدة الجمعة من جنيف ان عدد الجنوبيين الذين غادروا الشمال عائدين الى الجنوب للمشاركة في الاستفتاء تضاعف منذ منتصف كانون الاول/ ديسمبر الماضي ليصل الى 120 الف شخص.
وعانى جنوب السودان من حروب طويلة مع الشمال اوقعت نحو مليوني قتيل قبل التوصل الى اتفاق سلام عام 2005 فتح الباب امام اجراء هذا الاستفتاء الذي اعطى الجنوبيين حق الاختيار بين الانفصال والوحدة مع الشمال.
ورغم ثرواته الطبيعية الكامنة اكانت من النفط او من الاراضي الخصبة الصالحة للزراعة، فان جنوب السودان في حال انتقاله الى مصاف الدول المستقلة سيكون على الارجح افقرها.
وقالت مليندا يونغ المسؤولة في منظمة اوكسفام في جنوب السودان "مهما كانت نتائج هذا التصويت فان الفقر المزمن وغياب التنمية والخوف من عودة العنف هي امور باقية ولن تحل باجراء الاستفتاء".
وحتى قبل اسابيع قليلة كانت الشكوك لا تزال كبيرة حول احتمال اجراء هذا الاستفتاء لاسباب لوجستية ام سياسية.
وجاءت تصريحات عدة لكبار المسؤولين من الشمال والجنوب لتبدد هذه المخاوف.
وتكرس الاتفاق على ضرورة تسهيل اجراء الاستفتاء بالزيارة التي قام بها الثلاثاء الرئيس السوداني عمر حسن البشير الى جوبا حيث التقى رئيس حكومة الجنوب سلفا كير.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات