الأقسام الرئيسية

الأنظمة العربية أوهن من بيت العنكبوت

. . ليست هناك تعليقات:

حازم القواسميحازم القواسمي*
لم يتوقع أحد هذا الهروب السريع للرئيس التونسي زين العابدين بن علي. فالشعب التونسي ثار تلقائياً نتيجة الظلم والقهر والفقر والجوع الذي كان نتاج نظام بن علي الطاغي، تماما كما هي باقي الأنظمة العربية الدكتاتورية. ومع ضعف الأحزاب التونسية المعارضة، كان لا بد للشعب التونسي الذي فاض الكيل به


أن يخرج بشكل عفوي إلى الشارع بتأييد من الحركة النقابية والاتحاد التونسي للشغل والجمعيات ومختلف هياكل وأجسام المجتمع المدني.

وتعتبر هذه أول ثورة شعبية عربية حديثة تطيح بنظام الحاكم المستبد. وقد أشعل هذه الثورة حرق محمد بوعزيزي لنفسه بعد أن ضاقت به سبل الحياة. هذا الشاب الجامعي كان عاطلاً عن العمل، تماماً كما هو الحال مع كثير من الشباب العربي اليوم، وثار احتجاجاً على مصادرة السلطات البلدية في مدينة سيدي بو زيد لعربة كان يسترزق منها ببيع الخضار والفواكه وللتنديد برفض سلطات المحافظة قبول شكوى أراد تقديمها في حق شرطية صفعته أمام الملأ. إن محمد بوعزيزي يمثل ظاهرة واسعة من الشباب العرب العاطلين عن العمل، وعائلته الفقيرة تمثل الشريحة الأوسع من العائلات العربية المعدومة التي تعاني الويلات بسب ضنك العيش.

وقد هزت هذه الحادثة عروش الملوك والدكتاتوريات العربية، خاصة في الدول التي ينتشر فيها الفقر والجوع والبطالة وغلاء المعيشة مثل مصر والأردن والجزائر والمغرب واليمن والسعودية. فمن المعلوم أن معظم الزعماء العرب يحكمون شعوبهم بالحديد والنار، وهي أنظمة بوليسية استبدادية تقمع شعوبها ولا تأبه إلا لحاشيتها وأبنائها. وليس غريباً أن تبدأ أول ثورة عربية حديثة تحت حكم أكثر الأنظمة العربية استبداداً وجبروتاً، فالنظام التونسي السابق كان لا يرحم، وقد رأينا عشرات القتلى التونسيين في الشوارع في الأيام الأولى للتحركات الشعبية العفوية.

لذلك، فمن الطبيعي أنه كلما زاد الضغط زادت معه فرص الانفجار. ومن المتوقع أن تكون مصر هي المحطة الثانية للثورة العربية التي بدأت في تونس. فالشعب المصري يعيش فقراً مدقع، والمطالبة بتغيير النظام ومنع التوريث والتحول للديمقراطية كان وما زال مطلباً يومياً للمصريين من مختلف مشاربهم وانتماءاتهم. وكذلك علاقة النظام المصري بالكيان الصهيوني، تماماً كما هو الحال مع الأردن، يزيد من هشاشة النظام وكره الشعب له والتصميم على تغييره.

فالشعوب العربية تعرف اليوم ما تريد وما تسعى إليه: تريد الحرية والوحدة وكرامة العيش؛ تريد إنهاء الإستعمار والتبعية العمياء لأمريكا وأوروبا؛ تريد تحرير فلسطين من الصهاينة؛ وتريد أن تمارس حقها في اختيار قادتها المخلصين. ولا شك أن انتشار تكنولوجيا المعلومات والاتصالات بما فيها الفضائيات والإنترنت والهواتف الخلوية، والذي أدى إلى سهولة نشر المعلومة المكتوبة والمرئية، نقل المعركة بين الشعوب المقهورة وحكامها المستبدين إلى مرحلة نوعية جديدة. فقد انتهى زمن عربدة المخابرات وتكميم الأفواه والتعتيم الإعلامي. والحاكم الذي سيمنع المظاهرات السلمية في الأيام القادمة سيواجه بمظاهرات شعبية غير سلمية على الإطلاق ترميه خارج البلاد، تماماً كما حدث مع الرئيس التونسي المخلوع بن علي، حيث ارتكب غلطة غاية في الغباء- كانت بداية مقتله - حينما منع قناة الجزيرة من العمل في تونس، ومنع مواقع الإنترنت والفيسبوك واليوتيوب.

*القدس- فلسطين المحتلة
hazem.kawasmi@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer