بقلم: معتز بالله عبد الفتاح
6 يناير 2011 09:44:27 ص بتوقيت القاهرة
وصلتنى رسالة غاضبة من شاب مسيحى يتهمنى فيها بأننى أمارس التقية خوفا من أن ينكشف وجه الإسلام للغرب. وقد استند فى هذا الحكم على ما ذكرته فى عمود سابق عن عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) لنصارى نجران ولم أذكر «العهدة العمرية».وقد استخدم تحديدا بعض آيات القرآن الكريم وبعض ما جاء فى كتب الفقه التقليدية التى تضم «مظاهر ظلم بيّن للنصارى واليهود».
وسأبدأ فى ردى على القارئ الكريم بعبارتين قد أقولهما فى مناسبتين مختلفتين: العبارة الأولى «فرحت لك، ربنا يتمم بخير»، أقولها حين أسمع خبرا جيدا من شخص. والعبارة الثانية «شد حيلك وربنا يصبرك». أقولها حين أسمع خبرا محزنا من شخص. هل هناك من تناقض؟ الإجابة عندى لا.
نفس الكلام ينطبق على كل ما جاء فى الكتب المقدسة أو ورد على ألسنة الأنبياء، فحين قال القرآن الكريم: «قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله» فهذا مفهوم للغاية فى ضوء أنها آية نزلت لقوم دخلوا إلى ساحة المعركة الحربية أو هم يستعدون لها، وبالتالى لا بد من تذكيرهم بأنهم يقاتلون استجابة لأمر إلهى وليس لغرض دنيوى.
ولكن حين يكون من الممكن تجنب القتال، فلا مجال للاعتداء «وقاتلوا فى سبيل الله الذين يقاتلونكم ولا تعتدوا، إن الله لا يحب المعتدين». ولا تناقض بين الآيتين، فلكل مناسبتها.
ولهذا فهم معظم المسلمين أوامر القرآن الكريم على أنها نزلت استنادا للتفرقة بين المقاتلين والمسالمين. وجاءت الآية الكريمة لتأمر المسلمين بالبر والقسط مع كل مسالم حتى وإن كان غير مسلم. وكلمة البر كما نعلم هى تعجيل الخير مثل «بر الوالدين».
فإن كان فى مرحلة ما طلب من غير المسلمين أن يتميزوا بزى معين أو أن يتم التضييق عليهم فى الطرقات (كما جاء فى العهدة العمرية)، فقد كان هذا تنظيما إداريا (كإجراء احترازى أو عقوبة سياسية) أيا ما كانت ظروفها ضد مجموعة من الناس لم يدخلوا بعد فى فئة المسالمين مع خوف من أن يرتدوا إلى القتال. وفى الحالتين لا يترتب عليها بالضرورة حكم شرعى إلزامى، لاسيما أن الحكم الشرعى الوارد فى القرآن هو الأصل الذى لا يخرج عنه المسلم إلا لضرورة محددة تقدر بقدرها.
إذن دعوة عقلاء المسلمين لحقوق متساوية لمسيحيى مصر على قاعدة المواطنة ليست خوفا من الغرب ولا خروجا على الإسلام، وإنما هى من روح البر والمحبة التى أمر الله عباده بها: مسلمين ومسيحيين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات