رسم بياني يظهر نتيجة الاستفتاء |
إقرأ أيضاً |
مسيحيو الشرق الأوسط... مأساة مهملة في المنطقة |
نشهد حاليا انعطافة مخيفة في تاريخ المنطقة العربية. ففي خروج على المألوف، ضمت "القاعدة" المسيحيين العرب الى قائمة أهدافها "المشروعة"، وألحقت القول العمل بهجومين مريعين على المصلين، أولا في كنيسة "سيدة النجاة" ببغداد في 31 اكتوبر / تشرين الأول (58 قتيلا)، و"القديسين" بالاسكندرية في الدقائق الأولى من العام الجديد (21 قتيلا).
على ضوء التطورات المقلقة بعد استهداف كنيسة سيدة النجاة في العراق والقديسيين في الاسكندرية، طرحت "إيلاف" على قراءها السؤال التالي: "بعد العراق ومصر، هل تتوقّع ان يمتدّ استهداف المسيحيين الى دول عربيّة أخرى"؟ وتفتح "إيلاف" أيضا ملفاً يتناول أوضاع المسيحيين في الشرق الأوسط خاصة بعد الاعتداءات الأخيرة.
شارك في الاستطلاع 7105 قراء، أجاب 25.48 في المائة منهم (أو أكثر قليلا من ربع العدد الإجمالي) بأنهم لا يتوقعون حدوث هذا. لكن الأغلبية الكاسحة التي قاربت ثلاثة أرباع المشاركين (74.52 في المائة) أعربت عن اعتقادها أن يتنشر استهداف المسيحيين الى دول عربية أخرى. بعبارة أخرى فإن أغلبية القراء الكاسحة تعتقد أن المسيحيين العرب غير آمنين في أوطانهم.
سوابق وعواقب
هذه، بلا شك، نتيجة محزنة، لأن فيها أيضا تسليماً بالخطر الذي يمكن ان يأتي به المستقبل الى مسيحيي الدول العربية على ضوء ما تعرضت له هذه الفئة المهمة في العراق ومصر مؤخرا. وقد يقول البعض إن فيها إفراطا في التشاؤم. لكن هذا نفسه هو أفضل ما يمكن ان يتمناه أي عاقل مستنير.. ألا يتعدى الأمر الإفراط في التشاؤم وأن تثبت الأقدار خطأ الأغلبية الهائلة من قراء "إيلاف".
والواقع الذي لا مناص منه هو أن الصورة العامة لا تبشر خيرا. فأحداث "سيدة النجاة" و"القديسين" تأتي إضافة الى سلسلة من المظالم التي يشكو منها المسيحيون في الدول الإسلامية والعربية. وتشمل هذه طائفة واسعة وموثّقة من الاعتداءات على الكنائس (50 كنيسة عراقية تعرضت للدمار بشكل أو آخر، واغتيل مطران في الموصل - بولص فرج - وقبله أربعة قساوسة برصاص مسلحين طلبوا اليهم إشهار إسلامهم والنطق بالشهادتين).. وكل هذا على سبيل المثال.
سيدة النجاة أحيت أعياد الميلاد بصور الضحايا |
أضف الى هذا أن المسيحيين عموماً محرومون تقريبا من الوظائف السياسية العليا ومميَّز ضدهم في العديد من مؤسسات الدولة والمجتمع. ومع هذا الوضع ظلت المنطقة تشهد انخفاض عدد المسيحيين في البلدان التي ظلوا يسجلون فيها التكثيف الأكبر وهي ومصر وفلسطين وسوريا والعراق وحتى لبنان (ما بعد الحرب) وإن كان دستوره ينص على ضمان حقوقهم السياسية على الأقل.
إدانات
صحيح أن سيل إدانات الإرهاب الأصولي الأخير تدفق من كل الاتجاهات الإسلامية الرسمية. ففي العراق، أدانه رئيس الوزراء نوري المالكي المالكي الذي أصدر توجيهاته لوزارتي الدفاع والداخلية للخروج بخطة أمنية واضحة لحماية المسيحيين في بغداد والمحافظات الأخرى.
وفي مصر أدانه الرئيس حسني مبارك الذي اتهم "أصابع أجنبية" بتنفيذ الهجوم "الوحشي" ووعد بـ"قطع رأس الحية". وأدان شيخ الأزهر أحمد الطيب "هذه الجريمة النكراء".
وخارج المعنييْن أولا - العراق ومصر - وصف الأمين العام لمنظمة المؤتمر الإسلامي، أكمل الدين إحسان أوغلي الهجوم بأنه "اعتداء أثيم". وأدانته جامعة الدول العربية والأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، كما أدانته بشكل أو آخر سائر الدول العربية إضافة الى حركة حماس وحزب الله اللبناني وغيرهما من الجماعات الإسلامية عدا "القاعدة" المتهمة الأولى بالهجومين. بل أن الأنباء أوردت أن مسلمي هولندا عرضوا حماية الكنائس القبطية ضد ما أسموه "هجمات القاعدة المحتملة البغيضة".
عاملان خطيران
على أن كل هذه الإدانات "النابعة من القلب" لم تطمئن قراء "إيلاف" الى مصير آمن للمسيحيين في الدول العربية. وبديهي أن الأسباب وراء هذا الوضع تتعدد بتعدد القراء، لكن الأرجح أنها تصب جميعا في أحد عاملين أو كليهما:
العامل الأول - والأخطر - هو الجو العام الناجم عن الفشل السياسي والعسكري والاقتصادي في العالم الإسلامي، العربي خصوصا. وقد انتهى هذا الحال الى ضياع الإحساس العام بالهوية والانتماء والأمن المعيشي والاجتماعي. وكان طبيعيا لشيء ما أن يملأ الفراغ ويطرح نفسه باعتباره "البديل".. فقيل "الإسلام هو الحل".
صورة السيد المسيح داخل كنيسة القديسين |
ولسوء الحظ فقد ترجم هذا الشعار نفسه على أرض الواقع الى "الإسلام الأصولي هو الحل". وبلغ الأمر حد أن مسلمين كثيرين - بمن فيهم مثقفون - هللوا لأسوأ حادث إرهابي ديني في التاريخ الحديث في 9/11/2001. لكن هذا أدى، بالطبع، الى عالم مستقطب دينيا على نحو لم يسبق له مثيل الا في زمن الحروب الصليبية وحروب الامبراطورية العثمانية. وكانت النتيجة الفرعية لهذا أن المجتمعات الإسلامية نفسها تخلت عن نوع التسامح الديني الذي كان ملموسا - - ربما حتى التسعينات - فألصقت بشرائحها المسيحية هوية القطب الآخر.
والعامل الثاني هو أن الإدانات والنوايا الحكومية الطيبة شيء، و"قدرة" الأنظمة العربية على حماية رعاياها المسيحيين شيء آخر. فحتى بافتراض أن أن الأنظمة العربية تعامل مواطنيها - مسلمين ومسيحيين - على قدم المساواة وتحرص على الحرية الدينية وتوفير الحماية للناس في دور عبادتهم، تبقى مسألة "قدرتها" على هذا معلقة على علامة استفهام كبيرة.
وخطورة الإرهاب الإسلامي الأصولى تكمن بالطبع في كونه "غير مرئي" ولا يعلم أحد مَن وأين ومتى يضرب. ولئن كانت الدول الغربية قد نجحت الى حد كبير في استباق العديد من الهجمات الإرهابية وإحباطها، فقد فعلت ذلك بفضل شبكة استخباراتها المتقدمة.
لكن هذا غير متاح لأنظمة الدول الإسلامية. فأجهزة استخباراتها تفتقر، أولا، لنوع الموارد والتكنولوجيا والتدريب وغيرها مما يلزم لرؤية "عدو خفي" فتمنعه من فظائع على غرار الهجوم على كنيستي سيدة النجاة والقديسين.
ولسوء الحظ، ثانيا، فإن أجهزة الاستخبارات في المنطقة عموما خُلقت في المقام الأول لسبب وحيد ومختلف تماما وهو "حماية الدولة من أعدائها". هذا هو السبب ا"المعلن" الذي يعني "حماية النظام الحاكم من مواطنيه المعارضين"، وخارج هذا الإطار فلا وظيفة أو جدوى لجهاز المخابرات العربي.
وللسببين الآنف ذكرهما فلا غرو،أن ينظم أقباط الإسكندرية مظاهرة عقب الهجوم على كنيستهم متهمين قوات الأمن بالتقاعس عن توفير الحماية لدور عبادتهم برغم إعلان القاعدة أن المسيحيين العرب صاروا هدفا مشروعا لإرهابها. ولا غرو أن نعلم أن ما يقرب من نصف مليون مسيحي في العراق هربوا منه بعد الغزو الأميركي وطنهم في 2003.
هلع دولي..
لوعة الأقباط |
لا غرو أيضا أن يقابل العالم الغربي هذا التطور بهلع مبرر. فقد دعا بابا الفاتيكان بنديكتس السادس عشر قادته علنا لـ"نجدة" المسيحيين في الدول الإسلامية "حيث يغيب التسامح ويسود التمييز الديني" كما قال على مسامع العالم. (أغضبت الدعوة شيخ الأزهر الذي اتهم البابا بالتدخل في شؤون مصر الداخلية).
وفي باريس ألمحت وزيرة الخارجية ميشيل آليو - ماري بقوة الى أن بلادها على استعداد لقبول المسيحيين العرب الهاربين من بلادهم كلاجئين على الأراضي الفرنسية. وفي المانيا قال وزير الخارجية، غيدو فيسترفيله، إن التطورات الجديدة "تظهر أهمية التصدي بحزم للإرهاب وغياب التسامح الديني". وفي بريطانيا قالت وزارة الخارجية إن الهجوم على كنيسة القديسين "محزن وهجوم أيضا على الشعب المصري".
وفي واشنطن - المتهمة بتأييدها الأعمي لإسرائيل وعدائها للإسلام - لزمت وزيرة الخارجية، هيلاري كلينتون، جانب الحذر وهي تفرج عن تقرير عن الحريات الدينية حول العالم ورد فيه ان العراق وباكستان وأفغانستان هي الأسوأ سجلا في قائمة الدول التي تتغاضى عن العنف ضد الأقليات الدينية.
وقالت كلينتون: "لا ننوي إصدار الأحكام ضد الدول الأخرى ولا ندعي أننا مثال يحتذى. لكننا نعتقد أن الحرية الدينية حق إنساني أساسي وعامل حيوي لأي مجمتع يطمح للاستقرار والسلام والازدهار". وهكذا فإن القادة الغربيين يقتسمون مع أغلبية قراء "إيلاف" الرأي القائل إن المسيحيين العرب غير آمنين في أوطانهم.
.. وتحسر إعلامي
كما هو متوقع فقد سارع الإعلام الغربي لتسلط الضوء على "محنة" مسيحيي الدول الإسلامية والعربية. فأشار الى أنهم كانوا يشكلون في بداية القرن العشرين 20 في المائة من عدد السكان العرب فصاروا أقل من 5 في المائة الآن تتناقص هي ايضا يوما بعد آخر.
وأشار الى مساهمات المسيحيين في حركات التحرر الوطني ومساهماتهم الاقتصادية والسياسية والاجتماعية في بناء بلدانهم. ومضى ليشرح كيف أنهم صاروا - مع البقية أولا - ضحايا للأنظة الدكتاتورية التي سادت المنطقة بعد الاستقلال، ثم مستبعَدين من القيادة مع ارتفاع مد التوجهات الإسلامية الرسمية، وأخيرا كبش الفداء في حرب الأصولية على الغرب الكافر وحرب الغرب على الإرهاب الإسلامي الأصولي.
وفي أصداء عالية لدعوة بابا الفاتيكان قادة الغرب للدفاع عن مسيحيي الدول الإسلامية، اقترحت جهات صحافية غربية، في أعقاب الهجوم على كنيسة سيدة النجاة، أن يُخصص ملاذ آمن لمسيحيي العراق في شمال البلاد على غرار ما ناله الأكراد في ختام حرب "عاصفة الصحراء" العام 1991.
إسلاموفوبيا
بالطبع فإن أقليات المنطقة المسيحية ليست الوحيدة التي تدفع ثمنا فادحا لحرب الإسلام الأصولي، و"الإسلاموفوبيا" التي ضربت أطنابها في الغرب رداً عليها. فالأقليات المسلمة في الخارج لم تُعف هي ايضا من دفع الثمن. فبعدما كانت منسيّة وتعيش في أمان نسبي، قذفت بها أحداث 9/11 والعمليات الإرهابية التي تلتها في الغرب الى دائرة الضوء قفص الاتهام، وعانى أهلها في عيشهم وكسب أرزاقهم وتعليم أبنائهم.
وهذا وضع أشاع الخوف في نفوس مسلمي الأقليات حتى بلغ الأمر في الولايات المتحدة أن جماعات إسلامية أميركية أجّلت احتفالاتها بعيد الفطر الأخير لأنه تزامن مع إحياء ذكرى هجمات 9/11. وبررت هذا بأن احتفالاتها بالعيد قد يُساء تفسيرها على أنها احتفاء بذكرى العمل الإرهابي نفسه.
هذا هو بعض الثمن الذي يدفعه المهاجرون المسلمون إلى مناحي العالم المسيحي. وهو ثمن يدفعونه مضافا الى ما يلقونه جراء اتهامهم، تقليديا، بالجهل والتحجر في أعماق التاريخ والعجز عن المساهمة في الحضار الإنسانية، وحديثا بالإرهاب العشوائي الساعي لهدم هذه الحضارة نفسها.
هل رجع العالم القهقرى مئات السنين وصار يميّز مجددا على أساس الدين والعقيدة، فما عاد المسيحي العراقي حرا في بغداد ولا القبطي حرا في الاسكندرية ولا المسلم الأميركي حرا في نيويورك؟ الأخبار، للأسف، ليست طيبة.. وقراء "إيلاف" يدركون ذلك.
مسيحيو العالم الإسلامي.. بالأرقام
رغم أن المسيحية هي الدين الأكبر في العالم من حيث عدد الأتباع (حوالي مليارين مقابل حوالي 1.5 مليار مسلم) فإنهم يشكلون أقلية ضئيلة في العالم العربي. ويذكر أن مسلمي العالم العربي نفسه لا يشكلون أكثر من 20 في المائة من عدد مسلمي العالم الكلي، إذ يعيش 60 في المائة منهم في شبه القارة الهندية وإندونيسيا وماليزيا وآسيا الوسطى، والباقون موزعون على مختلف نواحي الدنيا الأخرى. وتبعا لآخر تقارير The World Factbook التي تصدرها "وكالة المخابرات المركزية" (سي آي ايه) فإن نسب المواطنين المسيحيين في الدول العربية كما يلي:
مصر: 10%
العراق: 3%
لبنان: 39%
سوريا: 16%
الضفة الغربية: 8% (ضمن آخرين)
غزة: 0%
الأردن: 6%
الأمارات: 4% يتقاسمونها مع شرائح أخرى
السعودية: 0 %
الكويت: جزء من شرائح أخرى نسبتها 15%
اليمن: 0 %
قطر: 8.5%
البحرين: 6.9%
عمان: غير متوفر
السودان: 5% (يتوقع أن تنزل الى أقل من 1% في حال انفصال الجنوب)
المغرب: 1.1%
الجزائر: 1% يقتسمونها مع اليهود
تونس: 1%
موريتانيا: قرابة 0 % (توجد أبرشية كاثوليكية صغيرة في نواكشوط)
جيبوتي: 6%
وسط بعض الدول الإسلامية غير العربية:
تركيا: 0.2% يتقاسمونها مع اليهود
إيران: 2% تشمل شرائح أخرى كاليهود والزراديشت
باكستان: 8.7%
أفغانستان: 1% يتقاسمونها مع شرائح أخرى
اندونيسيا: 6.7%
ماليزيا: 9.1%
قزقستان: 46% وهذه نسبة تقل بنقطة مئوية واحدة عن عدد المسلمين
اوزبكستان: 9%
طاجيكستان: 10% يتقاسمونها مع ديانات أخرى
تركمانستان: 9%
أذربيجان: 4.8%
بنغلاديش 2%
بروناي: 10%
البانيا: 30%
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات