بقلم سليمان جودة ١٨/ ١/ ٢٠١١
لا يدعو الدكتور البرادعى إلى شىء، منذ عودته إلى البلد، قبل نحو عام من الآن، إلا إلى التغيير، لأنه يرى، ومعه حق طبعاً، أن أوضاعاً كثيرة عندنا، قد طال بها الاستقرار، حتى تحول الاستقرار، فى النهاية، إلى نوع من الجمود الحقيقى! وبطبيعة الحال فإن للاستقرار مزاياه، خصوصاً فى مجتمع من نوع مجتمعنا، الذى نشأ على ضفاف نهر عتيق، كان ولايزال يبعث فى الذين يعيشون على ضفافه روح الرهان على الوقت، ثم على الانتظار، أملاً فى أن ماء النيل فى النهاية سوف يجىء! وإذا كان هذا كله صحيحاً، وهو كذلك، إلا أن الأصح منه، أن الاستقرار من هذا النوع يجب ألا يستغرقنا أبداً إلى هذا الحد، وإلا فإنه يتحول، فى غاية الأمر، إلى نوع من الموات لا أكثر.. ولا أقول الموت! وإذا كانت كلمة «التغيير» تصيب القائمين على الأمر فى البلد بحساسية شديدة، على أساس أنها تؤدى إلى تبديل وضع بوضع آخر، فإن عليهم هم أنفسهم، أن يبادروا بشىء آخر تماماً، يغنينا عن التغيير بمعناه الانقلابى تحديداً، وينجينا من عواقب الاستقرار الزائد عن الحد، الذى هو، كما يتضح أمامنا، استقرار شكلى، ولا علاقة له بمفهوم الأمور. وهذا الشىء الذى يمكن أن يكون بديلاً عن التغيير هو «التطوير»، لأن أوضاعاً كثيرة فى حياتنا، لو كانت قد طالتها يد التطوير أولاً بأول، لكنا الآن نعيش فى العصر الذى نحيا فيه، بدلاً من أن نكون موجودين فيه بأجسادنا فقط، بينما عقولنا فى عهد آخر، وفى عصر مضى! بالله عليكم.. هل كان من المتوقع أن يكون حالنا على ما هو عليه الآن لو أن الدستور المؤقت الذى وضعه عبدالناصر عام ١٩٥٦، قد تعرض للتطوير الواجب فى كل عصر، وهل كان من الممكن لو أن هذا قد تم أن يكون عندنا الآن، فى المادة ٧٧ منه، نص يقول إن رئيس الدولة، أى رئيس، له أن يبقى فى مكانه مدى حياته؟! هل هذا دستور عرف التطوير الحقيقى، بأى معنى من المعانى، فى مراحل وجوده بيننا؟!.. وهل كانت الدولة، بأركانها، سوف تحتشد على هذه الصورة الخائفة، أمام دعوة رجل مثل البرادعى، لو أن تطويراً على هذا المستوى قد طال دستورنا فى كل مرحلة من مراحل حياتنا؟! وما ينطبق على الدستور، كمجرد مثال، ينطبق بالتالى على كل وضع متجمد أمامك، فى أى اتجاه، فلا تضعوا المجتمع، من فضلكم، فى مرمى الخطر، بالمغالاة فى التمسك باستقرار يجب أن تكون له حدود، واجعلوا «التطوير» شعاراً بديلاً، ومستمراً، حتى لا نستيقظ على تغيير من نوع مفاجئ، قد لا نحبه، ولا نرغبه! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات