الأقسام الرئيسية

«يوم الغضب» يُحرج الحريري ... و«يُتوّج» ميقاتي رئيساً مكلفاً بـ68 صوتاً واشنطن تتهم «حزب الله» بالترهيب ... وباريس تدعو لبـنان لاحترام التزامه بالمحكمة

. . ليست هناك تعليقات:

نصر الله: لسنا طلاب سلطة ... ومع حكومة إنقاذ بلا غالب ولا مغلوب

ميقاتي يتحدث في القصر الجمهوري في بعبدا، أمس، بعد تكليفه تشكيل الحكومة الجديدة (عباس سلمان)





لم تنجح كل انواع «الشغب الأزرق» في الشارع، من الشمال الى الجنوب مرورا ببيروت، في وقف المسار الدستوري للاستشارات النيابية الملزمة، التي أفضت الى تكليف الرئيس نجيب ميقاتي بتشكيل الحكومة المقبلة، بأكثرية نيابية مريحة بلغت 68 صوتا في مقابل 60 صوتا حصل عليها منافسه الرئيس سعد الحريري.
ويمكن القول في نهاية يوم الغضب «المستقبلي» أمس ان دخان الاطارات المشتعلة وحاويات النفايات لم يحجب حقيقة ان لبنان دخل في مرحلة سياسية جديدة، وان الحجارة والعصي التي جرى استخدامها لتحطيم تجهيزات بعض وسائل الاعلام لم تنجح في كسر صورة الرئيس ميقاتي الذي استطاع الحفاظ على تماسكه وصلابته في موازاة تمسكه بوسطيته واعتداله ويده الممدودة الى الحريري.
وفي حين كان المقصود من تحريك الارض الضغط على ميقاتي لدفعه الى رفض التكليف، بدا في حسابات الربح والخسارة، ان السحر انقلب على الساحر وان تيار المستقبل كان المتضرر الاكبر من غضب مناصريه، كأن «قنبلة الشارع» انفجرت بين يديه لتصيب شظاياها «وجهه المدني» الذي لطالما حرص «المستقبليون» على الترويج له باعتباره يرمز الى التزام تيارهم خيار الدولة والمؤسسات واحتضانه جمهورا من المتعلمين والمثقفين، فإذا بـ 25 كانون الثاني يشوه هذه الصورة، لتتصدر الواجهة والمواجهة مجموعات من الخارجين على القانون... وعن السيطرة.
والاخطر من الشغب الميداني هو «العنف الخطابي» الذي مارسه باحتراف مذهبي من كان يفترض بهم ان ينظموا غضب الجمهور، ليتبين انهم وظفوا المنبر المفتوح في الهواء الطلق من أجل الإيغال في التحريض واستثارة المشاعر عبر لغة مبتذلة، لم تتحملها حتى قيادة «المستقبل» التي سارعت الى التبرؤ منها.. لكن بعد فوات الاوان.
ويسجل مرة أخرى للمؤسسة العسكرية انها أحسنت التعامل مع مثيري الشغب، وتدرجت في ملاحقتهم من الاحتواء نهارا الى الحزم مساء، بعدما اتخذت قرارا قاطعا جرى تبليغه الى كل الوحدات المتواجدة على الارض بوجوب منع أي كان من قطع الطرقات والاعتداء على الاملاك العامة والخاصة، كما أكد مصدر عسكري كبير لـ«السفير»، موضحا ان لا غطاء سياسيا لمفتعلي الاعتداءات.
وبعدما وصل زخم الشارع الى مداه، من دون ان يحقق أي نتيجة، تتجه الانظار نحو الخطوات المقبلة للرئيس المكلف الذي سيقوم اليوم بالزيارات البروتوكولية


التقليدية لرؤساء الحكومة السابقين، وإن يكن لقاؤه مع الرئيس سعد الحريري سيتخذ طابعا يتجاوز الحدود البروتوكولية.
وفي حين يفضل ميقاتي التكتم على تصوره لشكل الحكومة المقبلة، توقعت مصادر مطلعة ان تكون الاولوية لديه لمحاولة إقناع الحريري بالانضمام الى حكومة وحدة وطنية، فإذا أصر على رفضه، فقد يصبح خيار حكومة التكنوقراط هو الاوفر حظا.
وبرز في اليوم الأخير من الاستشارات، موقف الوزير محمد الصفدي الجريء الذي منع استفراد ميقاتي طرابلسياً وشمالياً، وعدم رضوخ النائب نقولا فتوش لكل انواع الترهيب والترغيب التي مارستها بحقه السفيرة الأميركية لدفعه الى تسمية الحريري.
وواكبت الاستشارات في يومها الثاني تحركات احتجاجية قام بها مناصرو تيار المستقبل في مناطق عدة في الجنوب والشمال والبقاع والعاصمة، وسُجلت أعنف الاحتجاجات في طرابلس، كما شملت أعمال العنف الطريق الجديدة ومستديرة الكولا والاحياء المحيطة بهما، وحصلت تحركات ايضا في صيدا وعلى الطريق الساحلي بين بيروت والجنوب، إضافة الى العديد من بلدات البقاع، وقد أصيب خلال اليوم الطويل من «الغضب» 35جنديا من الجيش اللبناني.
وعقدت قيادة تيار المستقبل في طرابلس والشمال اجتماعا أكدت فيه أن عناصر غير منضبطة دخلت على خط التحرك وأخرجته عن أهدافه السلمية. وعلمت «السفير» أن قيادة التيار وضعت برنامج تحرك لليوم وغدا، حيث سيقوم انصار التيار بنصب خيمة في ساحة التل اعتبارا من صباح اليوم الأربعاء لاقامة الأنشطة التضامنية مع الرئيس الحريري فيها، على أن ينظم التيار مسيرة شموع عند الخامسة مساء غد الخميس. وأشارت المعلومات الى ان قيادة التيار تدرس إمكان إقامة تجمع مركزي احتجاجي في طرابلس ما بين يومي السبت او الأحد المقبلين.
وكان الحريري قد وجه كلمة الى مناصريه أعلن فيها رفضه مظاهر الخروج على القانون، مشددا على ان مسارنا ديموقراطي، وخطابنا وطني وليس مذهبيا. وقال: ليس هدفنا ولا هو هدفكم أن نكون في السلطة، أو أن نعود الى رئاسة الحكومة.
ميقاتي: جئت لمنع الفتنة
في هذا الوقت، قال الرئيس ميقاتي لـ«السفير»: لم نأتِ الى الحكم لنفتعل معارك مع أي طرف، بل لنصالح الناس مع بعضها البعض بعد سنوات القطيعة والخلاف، وقد اتخذت قراري بالترشح لمنصب رئاسة الحكومة لتفويت الفرصة على الفتنة .
وقال ميقاتي لوكالة «فرانس برس» ان تسمية «حزب الله» له في الاستشارات النيابية لا تلزمه في الوقت الحاضر بأي موقف سياسي حيال الحزب «سوى التمسك بحماية المقاومة».
الى ذلك، شدد ميقاتي في مقابلة مع «المؤسسة اللبنانية للارسال» ليل أمس، على انه لا يقبل المس بسنيته، فـ«أنا أكثر من أخذ أصوات السنة في الصناديق الانتخابية، وأنا السني الأول في لبنان».
وعن فرض قيود عليه، أكد أن «لا قيود، بل أنا الذي وضع الشروط»، وتمنى مشاركة الجميع في الحكومة، «وإذا تحفظ البعض فسأنظر كيف ستكون الحكومة بين تكنوقراط ومختلطة، وذلك بالتعاون مع رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان».
بري: ميقاتي رجل المرحلة
من ناحيته، نوه الرئيس نبيه بري في حديث لـ«السفير» بالرئيس ميقاتي «الذي يجمع بين الصفة التمثيلية الواسعة سنيا وخيار الاعتدال والوسطية وطنيا، والعلاقات الهامة عربيا ودوليا، ما يجعله الرجل الاكثر ملاءمة لهذه المرحلة. وإذا لم يكن وصوله الى رئاسة الحكومة قد حصل بعد على توافق إقليمي - دولي، فأنا أتوقع ان يحظى به بأسرع مما يتصور البعض».
ونفى بشدة ان تكون المعارضة قد فرضت عليه شروطا مسبقة، مستغربا محاولة الترويج لنظرية لـ«الاحباط السني»، وساخرا من مقولة فريق 14 آذار ان ميقاتي مرشح حزب الله والمعارضة، وهو الذي حصل في الانتخابات النيابية السابقة على أكبر نسبة من الاصوات السنية في طرابلس والشمال، بل حتى على مستوى كل لبنان.
وإذ اعتبر بري ان الحريري ارتكب خطأ كبيرا بمسارعته الى رفض ترشيح ميقاتي، اقترح تشكيل حكومة إنقاذ وطني تتمتع بالفعالية ولو انها قد لا تضم الجميع، من دون ان يمانع في تأليف حكومة تكنوقراط، «مع الاخذ بعين الاعتبار ضرورة ان تنال دعم القوى السياسية».
جنبلاط: لم أتعرض للضغط
بدوره، قال النائب وليد جنبلاط لـ«السفير» ان الرئيس ميقاتي رجل اعتدال ورجل أعمال معروف وله علاقات دولية وعربية ممتازة، وهو حريص على الثوابت الوطنية وثوابت الطائف، مستغربا محاولة البعض تشويه الحقائق وتحريفها.
واعتبر جنبلاط انه لم تكن هناك حاجة الى يوم غضب، بل كنا بحاجة الى يوم احترام المؤسسات والدستور والقبول باللعبة الديموقراطية، مؤكدا أن أحدا لا يستطيع ان يلغي الآخر ولا بد في نهاية المطاف من التسوية، وأنا التقي في هذا الموقف مع كلام السيد حسن نصر الله.
وعما إذا كان قد تعرض لأي ضغط من أجل التخلي عن دعم ترشيح الحريري الى رئاسة الحكومة لصالح الرئيس ميقاتي، قال: لم أتعرض للضغط من أحد، لا من سوربا ولا من حزب الله، وما فعلته انني انسجمت مع قناعتي باحترام الجغرافيا السياسية ومع قراري في 2 آب 2009 بالعودة الى تاريخي والثوابت القومية والوطنية واتفاق الطائف، وأضاف: لقد جاء تصويتي في الاستشارات ترجمة لهذا الخيار بعدما كنت قد حاولت إعطاء فرصة للتوافق، لكن عندما رأيت ان هناك دولا عطلت التسوية السورية - السعودية ولاحقا المحاولة القطرية - التركية، كان لا بد لي من أن ألتزم التصويت في الاستشارات النيابية بما يتوافق مع ثوابتي.
وتابع: لقد كنا بغنى في هذه المرحلة عن نصائح السيدة هيلاري كلينتون.
نصر الله: لا غالب ولا مغلوب
ومن بعلبك، قال الامين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله في خطاب ألقاه لمناسبة اربعبن الإمام الحسين: أنا أدعو اللبنانيين إلى اغتنام الفرصة القائمة. والتهويل على الرئيس نجيب ميقاتي لن يجدي نفعاً، وبعض المجموعات القيادية التي لديها خبرة كبيرة في تزوير الأمور والحقائق، تقول إن رئيس الحكومة المكلف هو من «حزب الله»، لكن الرئيس ميقاتي لم يكن كذلك وهو ليس الآن كذلك، والمعارضة وجدت في ترشيحه فرصة امام لبنان للخروج من التحدي وتدوير الزوايا، لأن المعارضة لم تكن تريد أن تدخل معركة كسر عظم مع الفريق الآخر.
وقال: نحن لسنا طلاب سلطة ولا حكومة بل نحن حركة مقاومة نذرنا أنفسنا للدفاع عن البلد وعن كرامة اللبنانيين والعرب، ونريد منكم فقط شيئين، أولاً: «حلّوا عنا»، فلا تتآمروا علينا ولا تقتلونا ولا تطعنونا بالظهر، وثانيا: اهتموا بالناس واخدموهم خصوصاً في المناطق المحرومة.
واضاف نصر الله: أكبر كذب وأكبر تزوير هو اتهام «حزب الله» بأنه يريد أن يسيطر على الدولة والحكومة وأن يفرض رئيس وزراء وأن يمسك بالبلد. نحن دعمنا ترشيح الرئيس نجيب ميقاتي وندعوه إلى تشكيل حكومة شراكة وطنية وحكومة إنقاذ وطني، واللبنانيون اليوم أمام فرصة حقيقية للمّ الشمل، لا غالب ولا مغلوب، فتعالوا نلتقِ في إطار حكومة واحدة.
تدخل واشنطن
في هذه الاثناء، اعتبر البيت الأبيض أن حزب الله استخدم الترهيب والتهديد لتنفيذ مآربه السياسية، فيما اعتبرت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون امس ان سيطرة حزب الله على الحكومة اللبنانية «سيكون لها بالتاكيد تأثير» على العلاقات بين الولايات المتحدة ولبنان. واكد مصدر حكومي اميركي رفيع المستوى لـ«السفير» ان شكل الحكومة اللبنانية هو «قرار لبناني، لكن هذا القرار يجب عدم التوصل اليه عن طريق الاكراه والترهيب والتهديد بالعنف، و«حزب الله» انخرط بدعم من سوريا في هذه الطرق الثلاث لتحقيق اهدافه السياسية». وتابع: ما يهم ان تلتزم الحكومة اللبنانية المقبلة الدستور اللبناني وترتقي الى كل التزاماتها الدولية بما في ذلك قرارات مجلس الامن الدولي والتزامها بالمحــكمة الخاصة بلبنان.
ودعت فرنسا ميقاتي الى تشكيل حكومته «في اطار الدستور عبر الحوار وبمنأى عن أي تدخل خارجي». ودعت ايضا «الحكومة المقبلة الى احترام الالتزامات الدولية التي اتخذها لبنان وخصوصا ما يتعلق بالمحكمة الدولية الخاصة بلبنان».
ونقل متحدث رسمي عن الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون دعوته جميع الأطراف للمحافظة على الهدوء، متوقعا من أي حكومة في لبنان «أن تلتزم التعهدات الدولية».
وأعلنت دولة قطر عن أنها «تحترم النهج الديموقراطي في التشاور الذي أسفر عن تكليف الرئيس ميقاتي تأليف الحكومة».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer