الأقسام الرئيسية

15 دقيقة..و 23 عامًا

. . ليست هناك تعليقات:

فى أقل من 15 دقيقة فقط هى الوقت الذى استغرقه خطابه، استجاب الرئيس التونسى «السابق والهارب» زين العابدين بن على لمطالب أساسية يطالب بها الشعب منذ 23 عاما، والسبب أن هذا الشعب نزل إلى الشارع لمدة أسبوع واحد.

صاحب هذه الملاحظة الذكية هو الأستاذ ناجى شكرى فى تعليقه بالموقع الإلكترونى لـ«الشروق» على ما كتبته فى هذا المكان يوم الجمعة الماضى بعنوان «الشرارة التونسية».

يقول الأستاذ ناجى إن «بن على» فى خطابه عصر الخميس الماضى قرر تخفيض أسعار السكر والحليب والخبز، وأنه لن يترشح للحكم مرة ثانية ووعد بالإصلاح السياسى والديمقراطية وتفعيل دور الأحزاب وحرية الصحافة والإنترنت، وإقالة مستشاريه الذين اتهمهم بأنهم ضللوه، واعترف بوجود فساد وإهدار للمال العام.

انتهى الاقتباس من تعليق الأستاذ ناجى.. وبقية التطورات صارت معروفة..تواصلت الثورة الشعبية فاضطر «بن على» لمواصلة التنازلات، حيث أقال الحكومة وأعلن الطوارئ ودعا إلى انتخابات تشريعية خلال ستة أشهر بعد أن أقال وزير الداخلية.. وبعدها بدقائق كان الرئيس يهرب من البلاد بعد تهريب عائلته. ويبدأ نظامه فى الانهيار مثل قصر من ورق أو بيت من الرمال.

من قبيل التكرار القول إن كل الأنظمة المستبدة تشترك فى صفة واحدة لن تتغير حتى تقوم الساعة وهى الإصابة بالعمى عن رؤية الحقائق طوال الوقت.. فقط ترى جزءا من الحقيقة فى اللحظات الأخيرة وعندما يكون الآوان قد فات.. وبالتالى فهى عندما تبدأ فى تقديم التنازل تلو الآخر لا تدرك أن نهايتها قد حانت.

النظام المستبد يتعامل مع شعبه باعتباره قطيعا من البهائم وفى أحسن الأحوال مجموعة من العبيد، عليهم أن يحمدوا الله أن هذا النظام قبل بأن يحكمهم!!.

والمتابع لنظام زين العابدين بن على منذ انقلابه على الحبيب بورقيبة فى 7 نوفمبر 1987 ـ بدعوى أنه كبر وصار «مخرفا» ــ يدرك أنه تفنن فى حكم الشعب بالحديد والنار، ووصل «فجوره» إلى تلفيق صورة مركبة مخلة للمعارض راشد الغنوشى مع ساقطات على سجادة الصلاة.

نعود مرة أخرى لملاحظة لماذا يستجيب حاكم ديكتاتور فى ربع ساعة فقط لكل المطالب التى رفضها طوال 23 عاما.

«بن على» وصف الشعب فى بداية الاحتجاج بانهم مشاغبون وبعدها بثلاثة ايام فقط ــ عندما ادرك أن الاحتجاجات مستمرة ــ اعتذر لهؤلاء «المشاغبين والمرتبطين بالخارج» وكاد يبكى طالبا منهم العفو والسماح.

لو أن أى حاكما استجاب لمطالب شعبه العادلة ما اصبح مستبدا.

الحاكم العادل يصلح من نفسه وحكمه أولا بأول. والذى يجعل الحاكم عادلا ــ ليس طيبة قلبه أو جدعنته ــ بل وجود شعب حى لا يقبل الظلم.

ثم إن أى ظالم لا يفكر فى ترك السلطة طالما أن الناس خانعون.. لكنه يتنازل، بل ويهرب من البلاد إذا شعر بأن الشعب نزل إلى الشارع ويصر على مطالبه.

تذكروا ماذا حدث لشاه إيران والرئيس الرومانى الأسبق نيكولاى تشاوشيسكو، وطغاة افريقيا وامريكا اللاتينية.. قصص سقوط الطغاة تكاد تكون واحدة مع اختلاف التفاصيل.

عندما يدافع الناس عن حقوقهم وحرياتهم ويكونون مستعدين للتضحية ودفع ثمن التغيير فإن المستبد يمكن أن يقبل بكل المطالب فى 15 ثانية فقط وليس 15 دقيقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer