(رويترز) - تضم قائمة المخاطر السياسية التي تجدر متابعتها في العالم في عام 2011 التنافس بين الولايات المتحدة والصين والزعماء الكبار في السن واحتمالات شن هجوم اسرائيلي على ايران والتداعيات السياسية لازمة منطقة اليورو الى جانب قضايا أخرى.
التنافس بين الولايات المتحدة والصين:
يتصدر التنافس بين الولايات المتحدة والصين قوائم الكثيرين للمخاطر التي تجدر متابعتها عام 2011 وأصبح يمثل "خطرا عالميا" خلال العامين الماضيين ولا ينتقص من هذا كون الامر معروفا. وتتناول عناوين الصحف النزاعات التجارية وضعف العملة الذي يزيد القدرة التنافسية للصين والزوارق الحربية التي تجوب مياه بحر الصين الجنوبي والنفوذ الاقليمي والتنافس الاقتصادي والخلاف الدبلوماسي في المواقف حول كوريا الشمالية وايران كما تستدعي العلاقة المتوترة بين أكبر قوتين اقتصاديتين في العالم قضايا أخرى عديدة. وتقول صحيفة (ايكونومست) ان الولايات المتحدة والصين دخلتا عهد "انعدام الثقة الاستراتيجي". ويكفي ملاحظة لغة الجسد أثناء زيارة الرئيس الصيني هو جين تاو للولايات المتحدة في يناير كانون الثاني للتكهن بأجواء العام الجديد.
دول يحكمها زعماء كبار في السن:
تجدر متابعة احتمال نشوب توترات في بلاد يحكمها زعماء كبار في السن ولا توجد فيها خطة واضحة لانتقال السلطة. فالرئيس المصري حسني مبارك يبلغ من العمر 82 عاما وعانى من قبل من مشاكل صحية. وتذهب تكهنات الى أن ابنه جمال يتأهب للخلافة لكن الامر غير مؤكد. وقد يوضع تقدم العمر بالزعماء السعوديين في اختبار اذا توفي العاهل السعودي الملك عبد الله مع وجود مخاوف حول مدى تأثر السياسة الخارجية والنفطية للمملكة اذا تولى العرش وزير الداخلية الامير نايف الذي ينتمي الى التيار المحافظ. أضف الى ذلك ما ورد في تقارير سربها موقع ويكيليكس الالكتروني حول اصابة الزعيم الاعلى الايراني اية الله علي خامنئي بسرطان في مراحله الاخيرة والسؤال هو مدى حقيقة هذا الامر وتأثير وفاته اذا مات على الصراعات الداخلية المحتدمة على السلطة في ايران. وعلى الرغم مما يكنه التايلانديون من اجلال لملكهم بوميبون ادولياديج البالغ من العمر 83 عاما فان ابنه لا يحظى بنفس الدعم في البلد المنقسم بشدة. فهل سيشهد العام الجديد عودة للاحتجاجات الحاشدة لاصحاب القمصان الحمراء والمواجهات الدامية التي أسفرت عن مقتل العشرات في العاصمة التايلاندية بانكوك في مايو أيار..
مخاوف توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية لايران:
ما هي احتمالات توجيه ضربة عسكرية اسرائيلية للمنشآت النووية الايرانية بهدف كبح جماح تقدم طهران نحو امتلاك القدرة على صنع أسلحة ذرية.. الشيء الوحيد الذي يمكن قوله هو أن فرص هذه الاحتمالات تتراوح بين صفر في المئة ومئة في المئة. لكن الشيء المؤكد هو أن الاثار الاقتصادية لاي ضربة اسرئيلية لايران ستكون هائلة في بداية الامر مما يعني أن هذا الخطر لا يمكن تجاهله كما أنه لا يمكن قياس حجمه للاسف. ما هي بواعث القلق الاخرى التي تجدر متابعتها في الشرق الاوسط؟ يبدو أن فرص اندلاع انتفاضة عنيفة جديدة ضئيلة في الوقت الحالي والسبب هو حالة الجمود التي تعيشها محادثات السلام بين اسرائيل والفلسطينيين. ولا يبدو أن حزب الله اللبناني يريد ضرب شمال اسرائيل كما أن عودة العنف الطائفي في العراق لا تلوح في الافق أيضا. وبالنسبة لليمن فان وجود دولة فاشلة أدى دون قصد الى تصدير الاضطربات عبر حدوده البرية مع السعودية والى الولايات المتحدة عبر قنابل وطرود ملغومة على متن طائرات.
أما عن الاقتصاد:
تمثل الادارة السياسية الناجحة للاقتصادات الغربية في الوقت الحالي تحديا لم يسبق له مثيل مع تفاوت النمو وارتفاع مستويات الديون وذيوع التقشف ككلمة السر. يعرف السياسيون أنه من الصعب فعل الصواب ومع ذلك يفوزون في الانتخابات. وتجدر متابعة تقلب المواقف في مواجهة احتجاجات والتحركات التكتيكية بشأن اصلاحات ضرورية لكنها تكون مكلفة عندما يتعلق الامر بصناديق الاقتراع. ويتوقف الامر كله على التوقيت. فحكومة بريطانيا الائتلافية تعول على الوقت فهي تعلم أن بامكانها فرض قرارات خفض مؤلمة الان دون أن تواجه رد فعل الناخبين حتى عام 2015 . أما السياسيون في أيرلندا فهم ليسوا محظوظين لهذه الدرجة فان الحزب الفائز ايا كان لن يتمكن بالضرورة من تخفيف مشاكل الميزانية. ويرجح أن تجرى انتخابات مبكرة في ايطاليا مع ترك مشاكل الديون العميقة التي تعاني منها دون علاج. اما اسبانيا التي يدرك السياسيون فيها أن الانتخابات العامة يجب أن تجرى بحلول مارس اذار 2012 فتواجه خفضا في الميزانية واصلاحات في قانون العمل وبيع أصول في الاسواق مما يرفع من تكلفة ديونها. وبشكل عام لا يساعد عامل الوقت اقتصادات دول الاطراف في منطقة اليورو والتي لا يمكنها تقليل الانفاق وتحقيق نمو يؤدي الى فرض ضرائب ويكون سريعا بما يكفي لاخراجها من أزماتها المالية. ومع انحسار خطر التخلف عن سداد الديون السيادية فان الارادة السياسية وحدها في الدول الاكبر بمنطقة اليورو خاصة ألمانيا هي التي تحول دون الاعسار المالي في اقتصادات دول الاطراف وينطوي هذا الامر على شكوك سياسية.
تداعيات الازمة:
أعمال العنف في الشوارع تكون واضحة وصاخبة ومثيرة للقلق لكن هل تغير شيئا؟ ستنظم احتجاجات مناهضة للتقشف في أوروبا لكننا نتوقع أن العنف سيتم احتواؤه ولن تسقط حكومات وستستمر الاصلاحات المالية على استحياء. وتواجه أنحاء كثيرة في العالم المتقدم تراجعا حقيقيا في مستويات المعيشة مع انكماش العقود الاجتماعية التي طبقت بعد الحرب العالمية الثانية في ظل وطأة وعود معاشات التقاعد التي لم توفى والديون الوطنية. وسيرفع هذا نغمة الغضب في الجدل السياسي مع ارتفاع ضجيج الاصوات المعارضة في الولايات المتحدة حيث هاجم حزب الشاي المؤسسة السياسية. وسيفقد أعضاء حزب الشاي وضعهم كمتمردين من الخارج في يناير كانون الثاني عندما يمارس من فاز منهم في انتخابات التجديد النصفي عملهم في الكونجرس. وقد لا تتغير نبرتهم لكن طبيعة المشاركة في الحكم ستجعل الوصول الى حل وسط أمرا لازما.
الاوضاع قبل الانتخابات:
كما يؤثر قرب الانتخابات في صنع السياسات فان احتمالات اجراء انتخابات له تأثير أيضا. وتجدر متابعة مناورات وتجاذبات سياسية للوصول الى السلطة في فرنسا. ويتعين على الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي انعاش وضعه السياسي الذي تضرر بسبب مواجهات مع النقابات حول اصلاح نظام معاشات التقاعد اذا أراد أن يعاد انتخابه في انتخابات مارس اذار 2012 . ومن المثير للاهتمام أن التأثير الاكبر لذلك قد يكون خارج فرنسا. فساركوزي سيحاول اصلاح النظام النقدي العالمي أثناء رئاسته لمجموعة العشرين للفوز برضا الناخبين في فرنسا. لكن هل ستقبل واشنطن بدور متضائل للدولار في عالم المال الدولي؟ ويجب على الرئيس الامريكي باراك أوباما أن يجد طريقة لتوفير وظائف وتحفيز الطلب الداخلي في ظل كونجرس منقسم فاز الحزب الجمهوري بأغلبية مقاعد مجلس النواب فيه وفي ظل قلق متصاعد من عجز يصل الى تريليون دولار وديون متراكمة تقف في طريقه. وفي نفس الوقت يبدأ أوباما حملة اعادة انتخابه. وسينصرف انتباه معظم وسائل الاعلام في الولايات المتحدة الى الجولات الاولى من التنافس الشرس على مرشح الحزب الجمهوري لانتخابات الرئاسة. وروسيا أيضا ستتابع من سيخوض انتخابات الرئاسة عام 2012 وهل سيكون رئيس الوزراء فلاديمير بوتين أم الرئيس ديمتري ميدفيديف؟ وتذهب الافتراضات الى أن الرئاسة الروسية متاحة أمام بوتين اذا قرر العودة اليها لكن الكرملين له أساليب غير عادية في الكشف عن توجهاته.
وربما يكون نظام انتقال السلطة في الصين مختلفا حيث يتولى شي جين بينغ السلطة خلفا للرئيس هو جين تاو مع اقتراب نهاية عام 2012 أو أوائل 2013 . ولضمان انتقال السلطة في سلاسة وعلى أساس اقتصادي مستقر تجدر متابعة اجراءات لاحداث توازن بين نمو الصين الذي يعتمد على الصادرات والطلب الداخلي والانتقال الى نظام عملة يستند الى السوق بشكل أكبر. ولا تتهاون الصين مع المعارضة.
مخاطر الاستثمار في دول بعينها:
لكل دولة مخاطرها. والمخاطر الداخلية على الاقل يمكنك قياسها بنفسك. لكن اذا اراد مستثمر من العالم المتقدم تحقيق عائد لائق فعليه الاستثمار في الخارج فهل يوجد مكان امن.. فليجرب تركيا حيث يرجح أن يفوز حزب العدالة والتنمية بزعامة رئيس الوزراء رجب طيب اردوغان بفترة ثالثة في الحكم في انتخابات يجب أن تجرى بحلول يوليو 2011 ويجب أن تسير الاصلاحات المؤيدة للنمو وفقا للمسار المحدد لها. ويتعين على المستثمرين الحذرين تجنب السودان حيث يرجح أن يسفر استفتاء يجرى في يناير كانون الثاني عن تقسيم أكبر دولة في افريقيا من حيث المساحة الى دولتين. وسيكون تجنب اندلاع حرب في السودان عملا شاقا حيث تذهب تقديرات الى أن المنطقة ستعاني من تداعيات انسانية مدمرة وتكلفة اقتصادية بقيمة مئة مليار دولار. ولا يمكن تجنب متابعة اضطرابات واسعة النطاق في نيجيريا التي تجرى الانتخابات فيها في ابريل نيسان وما اذا كانت مستويات ترويع الناخبين وحشو صناديق الاقتراع ستصل الى المستويات الي حدثت في انتخابات سابقة. واذا فشلت محاولة الرئيس جوناثان جودلاك في البقاء في السلطة فتجدر متابعة عودة للتشدد المصحوب بالعنف في منطقة دلتا النيجر المنتجة للنفط. وسيكون لهذا تأثير على امدادات النفط وربما يصل الى التأثير في أسعار بنزين سيارتك.
حرب بين الكوريتين:
كوريا الشمالية هي المكان الاكثر ترجيحا لاثارة أزمة اقليمية كبرى. لكن تقدير النسبة المئوية لهذا الخطر مستحيل وما يمكن قوله هو أن احتمال أن يحدث هذا في 2011 أكبر منه في 2010 . ويبدو أن زعيم كوريا الشمالية كيم جونج ايل يعزز مكانة ابنه وخليفته كيم جونج اون مع تنامي فرص نشوب اشتباكات عبر الحدود مع كوريا الجنوبية. وعزز الكشف في الاونة الاخيرة عن منشات متقدمة لتخصيب اليورانيوم في الشمال وضع بيونجيانج النووي وزاد من قوتها التفاوضية في وقت تحاول فيه حماية اقتصادها من الانهيار وما ينطوي عليه ذلك من سقوط للنظام. وانهيار الدولة في كوريا الشمالية مرجح بشكل أكبر من نشوب حرب. والاحتمالان واردان وكلاهما سيكون له اثار اقتصادية وانسانية واسعة.
خطر القاعدة:
لم ينقشع خطر الارهاب والطبيعة المتغيرة للتهديد الذي يمثله تنظيم القاعدة والمتعاطفون معه في السنوات العشرة الاخيرة ويجب أن يبقى الامر على قائمة المخاطر. ومازال المهاجمون يبحثون عن نقاط ضعف أمنية مثل ما حدث في وضع عبوات ناسفة في طابعات كمبيوتر في اليمن على سبيل المثال ويعزز الوجود العسكري الكبير والمستمر في أفغانستان الدعاية التي يرددها المتشددون. وعلى الرغم من أنه يصعب كثيرا الان شن هجوم مثل ما حدث في 11 سبتمبر أيلول 2001 فلا يجب استبعاد احتمال شن هجوم ناجح على طائرة مدنية يوما ما وستكون تداعيات هذا الامر غير متوقعة أيضا.
مشاكل الكترونية:
أدى فيروس ستاكس نت والبرقيات التي سربها موقع ويكيليكس الالكتروني والهجمات المضادة التي تعرض لها من حاولوا اغلاق الموقع والهجوم على موقع جوجل من مناطق في الصين واستخدام الاعلام الاجتماعي في الكشف عن معلومات كان القانون يضمن بقاءها سرا الى اظهار مدى قدرة الكمبيوتر واليات النقل عن طريق الانترنت على تغيير المعايير الاجتماعية والسياسية عام 2010 . ولا يصل الامر الى حد شن حرب الكترونية كما قد يقول بعض المنجمين كما لا يعد بحرية مطلقة في انتقال المعلومات كما يبشر خبراء الانترنت. ويمثل الامر انتهاكا للخصوصية بمفهومها الذي نعرفه وتكلفة كبيرة أمام الشركات لحماية نفسها وعنصرا جديدا في عالم التجسس الى جانب تعريف جديد لمعنى من هو الصديق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات