خالد شمت-برلين أثار الإعلان عن إلقاء بابا الفاتيكان بنديكت السادس عشر خطابا أمام البرلمان الألماني -البوندستاغ- أثناء زيارته لبرلين الخريف القادم، جدلا واسعا بين مؤيدين ومعارضين لهذا الخطاب داخل الأوساط السياسية والدينية الألمانية. وعبرت الكنيسة البروتستانتية الألمانية عن رفضها لحديث البابا كرئيس دولة أمام برلمان البلاد، وشددت على التمايز العقيدي بين البروتستانت والكاثوليك. وانتقد حزب الخضر المعارض دعوة بابا الفاتيكان لمخاطبة النواب الألمان، معتبرا أن هذا الإجراء يفرض دعوة قادة جماعات دينية أخرى مستقبلا لإلقاء خطابات مماثلة في البوندستاغ. ومن المقرر أن يقوم بابا الفاتيكان بزيارة رسمية إلى ألمانيا في الفترة بين 22 و25 سبتمبر/أيلول القادم، حيث سيلقي خطابا سياسيا أمام البوندستاغ ، تلبية لدعوتين تلقاهما من رئيس الجمهورية كريستيان فولف ورئيس البرلمان الألماني نوربرت لامرت. بروتستانت وخضر وفي أول رد فعل على الإعلان الرسمي عن الزيارة المرتقبة لرأس الكنيسة الكاثوليكية، انتقد رئيس الكنيسة البروتستانتية الألمانية الأسقف نيكولاوس شنايدر بحدة عزم البابا إلقاء خطاب أمام البوندستاغ باعتباره رئيس دولة. وأوضح في مقابلة مع صحيفة برلينر تسايتونغ أنه لا يعرف إذا كان سيلتقي ببابا الفاتيكان أم لا إذا كانت زيارة الأخير لبرلين ستحمل طابع زيارة دولة رسمية. وقال شنايدر إنه لا يرى كبروتستانتي أي شيء إيجابي في منصب البابا. وبدوره عبر حزب الخضر المعارض عن معارضته الشديدة لحديث بابا الفاتيكان -الألماني الأصل- أمام البرلمان. واعتبر المدير العام للكتلة البرلمانية للحزب فولكر بيك، إن البوندستاغ محق في تحفظه على إلقاء رؤساء دول من على شاكلة البابا خطبا أمام نوابه. وقال بيك إن "بابا الفاتيكان هو في المقام الأول رئيس لجماعة دينية، وهذا يطرح سؤالا حول معاملة البوندستاغ لرؤساء الجماعات الدينية الأخرى بنفس الأسلوب، ودعوتهم لإلقاء خطابات مماثلة لخطاب البابا". وطالب بيك البابا بنديكت السادس عشر بألا يتضمن خطابه المتوقع تدخلا في شؤون ألمانيا الداخلية، أو تعرضا لقضايا للمجتمع الألماني فيها رأي مغاير لتصورات الفاتيكان، كالإجهاض أو استخدام الواقي الذكري أو الوقاية من مرض فقدان المناعة المكتسبة (الإيدز). موافقة يسارية وقال هانز كريستيان شترويبله القيادي البارز في حزب الخضر "لا أرى أي مبرر أو فائدة لخطاب بابا الفاتيكان أمام البرلمان الألماني، ولهذا سأغادر القاعة عند دخول البابا، مثلما فعلت أثناء خطابين سابقين أمام البوندستاغ للرئيسين الأميركي والروسي السابقين جورج بوش وفلاديمير بوتين". وانتقد شترويبله في مقابلة مع الموقع الإلكتروني لصحيفة ميتيل دويتشين تسايتونغ عدم اعتراف البابا بنديكت أثناء زيارته لأميركا اللاتينية بالذنب من انتهاكات قساوسة الكاثوليكية، وبسعي الفاتيكان المتواصل لتنصير الهنود الحمر السكان الأصليين لأميركا اللاتينية.
في المقابل عبر الحزب المسيحي الديمقراطي الحاكم عن ترحيبه بخطاب البابا، وأبدى حزب اليسار المعارض -خلافا للتوقعات- عدم ممانعته في حديث بابا الفاتيكان أمام النواب. وقال نائب رئيس الهيئة البرلمانية للحزب ديتمر بارتش" إذا سمحنا عام 2002 لجورج بوش بالحديث في البوندستاغ، فعلينا أن نعطي هذا الحق لبنديكت دون مبالغة". قداس مفتوح ولم يقتصر الجدل المثار حول زيارة البابا لألمانيا على خطابه أمام برلمان البلاد، وانتقل إلى قضية ثانية هي إعلان الكنيسة الكاثوليكية في برلين عن عدم إقامة قداس مفتوح "للحبر الأعظم" في برلين خلاقا لعادته في البلاد التي يزورها. وبدا الفاتيكان بهذا الإعلان في نظر كثيرين متخوفا من عدم حضور أعداد كبيرة لقداس مفتوح يقيمه البابا في برلين التي تسكنها أعداد ضئيلة من الكاثوليك، وتعد معقلا للبروتستانت الألمان واليساريين واللادينيين، المتوقع أن يستقبلوا البابا بنديكت السادس عشر بفعاليات احتجاجية ضخمة. وعزا مراقبون عدم إقامة القداس المفتوح لرغبة الكنيسة الكاثوليكية في تجنيب رأسها موقفا محرجا مماثلا لما تعرض له سلفه يوحنا بولس الثاني، الذي ألقي عليه البيض الملون، واستقبل بصفارات احتجاج أثناء إقامته قداسا مفتوحا أمام بوابة براندنبورغ التاريخية بالعاصمة الألمانية أثناء زيارته لها عام 1996. يشار إلى أن زيارة البابا بنديكت القادمة لألمانيا هي أول زيارة رسمية له إلى بلده الأصلي، وثالث زيارة يقوم بها بعد زيارتين خاصتين عامي 2005 و2006. | |||||
|
المصدر: | الجزيرة |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات