كتب شيماء عادل ٢٧/ ١٢/ ٢٠١٠
حالة من السكون خيمت على المنطقة الصناعية بمدينة المحلة الكبرى، بعدما توقفت أصوات ماكينات الغزل والنسيج عن عملها، معلنة دخولها فى إضراب إجبارى عن العمل، بعد اختفاء خام الغزل أو «الغزول»، وهى المادة الخام، التى تقوم عليها صناعة الغزل ومستخرجة من الأقطان، لفترة زادت على الشهرين تقريباً، الأمر الذى جعل أغلب أصحاب المصانع يغلقون أبوابها أمام مئات العمال، والبعض الآخر خفض إنتاجيته إلى الربع، فى انتظار نجاح الحكومة فى استيراد غزول جديدة، بعدما امتنعت دول الهند وباكستان وتركيا عن تصدير غزولها، بعد الفيضانات التى ضربتها، إلى مصر. وطالب عدد من أصحاب المصانع الرئيس مبارك بسرعة التدخل وحماية صناعة النسيج فى مصر، مطالبين إياه بمنع تصدير القطن المصرى إلى الخارج، وتوجيه القطن لتشغيل المصانع المحلية، التى يعمل بها مايقرب من ٧٥٠ ألف عامل وهو مايعادل ٤ ملايين أسرة مصرية، كما فعلت أغلب دول العالم مثل الهند وباكستان وتركيا عندما امتنعت عن تصدير أقطانها بعد الفيضانات، التى أصابتها ووجهتها إلى مصانع الغزل والنسيج المحلية. وانتقد المهندس نعمان أبوقمر، صاحب مصنع نسيج، السياسات التى اتخذتها الحكومة حيال أزمة الغزول فى مصر، وقال لـ«المصرى اليوم»: «الجميع يعرف أن أزمة اختفاء الغزل أزمة عالمية ويعانى منها أغلب دول العالم، خاصة بعد الفيضانات التى ضربت الدول التى تصدر الغزل ومنها الهند وباكستان». وأضاف: «كنا نتوقع من الحكومة المصرية أن تتخذ إجراءات مثيلة لهذه الدول، التى امتنعت عن تصدير المتبقى لديها من أقطان وغزول، وتوجيهها لتشغيل المصانع المحلية، حتى لاتتوقف هذه المصانع عن العمل، بل وقامت بدعم صادرات المرحلة النهائية من صناعة الغزل وهى الملابس الجاهزة بنسبة ٤٥%». وتابع: «نحن نطلب من الحكومة أن تقوم بإصدار قرار فورى وسريع بمنع تصدير القطن المصرى إلى الخارج وتوجيهه إلى المصانع المحلية وبسعر السوق العالمية لتشغيل أكثر من ٣ آلاف مصنع للنسيج فى مدينة المحلة، بينها ١٥ مصنعاً تصدر منتجاتها إلى الخارج». وأكد أبوقمر أن أغلب المصانع بدأت تعمل بنصف انتاجيتها والبعض الآخر خفض إنتاجيتها إلى الربع، فى الوقت التى أغلقت فيه مئات المصانع أبوابها، لعدم تمكنها من الحصول على الغزل، وإن وجدته تجده بأسعار مضاعفة ومبالغ فيها. وأوضح أبوقمر أنه تم عرض مشكلتهم على المهندس محسن الجيلانى رئيس الشركة القابضة، الذى أكد لهم أنه يتم حالياً التعاقد مع دولة اليونان لاستيراد الغزول منها، وأن هذا لن يتم إلا فى أبريل المقبل، وهو ما وصفه أصحاب المصانع بأنه «خراب بيوت»، حيث إن المادة الخام المتوفرة فى السوق لا تكفى تشغيل المصانع إلا لمدة أسبوعين. وقال أبوقمر: «صناعة النسيج فى مصر أصبحت على حافة الانهيار، والمجهودات التى بذلها صناع الغزل والنسيج فى مصر من فتح أسواق خارجية للصناعات المصرية سيتم القضاء عليها»، مضيفاً: «بقى لنا ١٢ سنة بنحاول نفتح أسواق خارجية، ونتيجة لسوء اتخاذ القرارات هنفقدها فى شهر أو اتنين». وكشف أبوقمر عن أن إغلاق مصانع الغزل والنسيج سوف يهدد بتشريد ما يقرب من ٧٥٠ ألف عامل فى هذا المجال، وعلى الدولة أن تسدد لهم رواتبهم وتأميناتهم، متسائلاً: «لماذا لم تبادر الدولة بوقف تصدير القطن المصرى إلى الخارج لتشغيل مصانعها المحلية وإنقاذ صناعة الغزل والنسيج من الانهيار، ومن المستفيد الرئيسى من تصدير القطن؟». وهو ما اتفق معه المهندس محسن القاضى، الذى يعمل فى صناعة الغزل والنسيج منذ ٤٠ عاماً، حيث أكد أن صناعة الغزل والنسيج فى مصر لم تمر بمثل هذه الأزمة من قبل، واصفاً صناعة الغزل بأنها محاصرة، قائلاًَ: «هذه هى المرة الأولى التى توجد فيها أزمة فى جميع مقومات الصناعة من اختفاء المادة الخام «الغزول»، وعدم توافرها من شهر سبتمبر وحتى الآن، ووجود مشكلة فى التمويل نتيجة لارتفاع أسعار الغزول والتى وصلت إلى ١١٥%، وهو ماترتب عليه وجود مشكلة فى التسويق، وعدم تقبل الأسواق لهذه الزيادة التى وصلت فى بعض المنتجات إلى ٧٥%، فمثلاً بعدما كان سعر الفوطة ١٠ جنيهات سوف يرتفع إلى ١٧ جنيهاً». وأضاف القاضى: «مشكلة الغزل فى مصر مشكلة صعبة ومعقدة ولن يقدر على حلها سوى التدخل السريع من جانب الدولة، خاصة أن هذه المشكلة لا يعانى منها العاملون فى القطاع الخاص فقط، وإنما يعانى منها القطاع العام أيضاً، والذى تخلو مخازنه من الغزول، لافتاً إلى أن شركات القطاع العام فى المحلة خفضت إنتاجها فى شهر أكتوبر إلى ٢٥% ليصل إلى ٥٠% فى شهر نوفمبر. وطالب القاضى الحكومة بسرعة اتخاذ قرار فورى لحل هذه الأزمة، وسرعة استصدار قرار إما بوقف تصدير القطن المصرى إلى الخارج وبيعه إلى المصانع المحلية بسعر السوق العالمية، أو سرعة استيراد الغزول من دول بديلة عن الهند وباكستان وتركيا، التى امتنعت عن تصدير أقطانها بعد موجة الفيضانات التى ضربتها وأثرت على محصولها من القطن، لافتاً إلى أن وقف تصدير القطن لن يضار منه الفلاح، طالما أنه سيتم بيعه بالسعر العالمى لحين حل الأزمة. وأكد القاضى أن المشكلة الحقيقية تكمن فى أنه فى حال عدم التدخل ستغلق المصانع أبوابها فى وجه آلاف العمال الذى يعتمدون بشكل أساسى على صناعة الغزل فى مصر، والتى تساهم بنسبة ٦٥% من صادارت النسيج، موضحاً أن كميات الغزل المتواجدة فى الأسواق لن تكفى تشغيل المصانع لمدة أسبوعين على الأكثر، حتى بعدما خفضت المصانع إنتاجيتها إلى الربع، متسائلاً: « كيف ستنتظر المصانع حتى شهر أبريل المقبل عندما تقوم الحكومة باستيراد الغزول من اليونان، أو الانتظار حتى موسم القطن الجديد فى شهر أكتوبر من العام المقبل». أما محمد العنتيبى، وهو واحد من بين أصحاب المصانع التى أغلقت أبوابها، بعدما فشلت فى الحصول على الغزول من السوق المحلية، واستغلال بعض التجار للأزمة وقيامهم برفع أسعار الغزول إلى أن وصلت إلى ١١٥% ، ورفض بعض المستوردين بيع المخزون لديهم أملاً فى ارتفاع أسعار الغزل، فى ظل أزمة الغزول العالمية. فقال العنتيبى: «هذه هى المرة الأولى التى نعانى منها من اختفاء مادة الغزول، واستمرارها حتى فترة طويلة، ففى كل مرة تستمر الأزمة شهراً أو شهرين على الأكثر ويتم تداركها باستيراد الغزول من الخارج، أما هذه المرة فأغلب الدول التى نستورد منها أوقفت تصدير أقطانها، نتيجة تداركها بوجود أزمة، وأن عملية التصدير سوف تهدد عمل مصانعها المحلية، فى الوقت الذى استمرت فيه الحكومة المصرية فى تصدير أقطانها دون النظر إلى أزمة مصانعها». أضاف العنتيبى: «ورغم عدم وجود صعوبة فى الحصول على الغزول، ارتفعت بنسبة كبيرة، مما انعكس على ارتفاع أسعار المنتج النهائى من الأقمشة والمنسوجات، مع رفض السوق المحلية لهذه الأسعار، فإن أسعارها واكتفاءها بمخزونها من المفروشات والمنسوجات، أملاً فى انخفاض الأسعار، الأمر الذى جعل أغلب المصانع تغلق أبوابها حتى تستطيع مقاومة الخسائر المادية التى تتكبدها دون الحصول على أى مكاسب حقيقية، خاصة مع زيادة أجور العمال ومطالبة البعض بضرورة وجود حد أدنى». وتعجب العنتيبى من موقف الحكومة تجاه الأزمة التى تمر بها صناعة الغزل والنسيج، رغم الشهرة العالمية التى وصلت إليها تلك الصناعات، داعياً الدولة إلى سرعة التحرك لاحتوائها كما فعلت دول العالم، وتساءل: «لماذا لا تقوم الدولة بدعم صناعة الغزل والنسيج خاصة مع أنها صناعة رائجة ولها شهرتها على المستوى العالمى؟، ولماذا لا يقوم القطاع العام بتخصيص حصص لمصانع القطاع العام بدلاً من أن يقعوا فريسة فى أيدى المستوردين، تتحكم فى أسعار السوق كيفما تشاء؟». وقال العنتيبى: «الغلق معناه فى ثقافتنا الشعبية أنه خراب، ومفيش حد بيرضى بالخراب، بس الواحد هيعمل إيه مع الخسارة اللى بيتعرض لها يوم بعد يوم دون تدخل لحل المشكلة، أنا أفضل لى أشتغل على توك توك، وبيتى أولى بالخسارة اللى بتعرض لها». شاهد فيديو «أزمة صناعة النسيج» على الرابط التالى: |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات