قرّرت السلطات الإيرانيَّة حجب موقع جريدة إيلاف الإلكترونيّة الصادر باللغة العربيّة، بالإضافة إلى المواقع الإلكترونيَّة لثلاث مؤسسات صحافية عالمية مرموقة هي "بي بي سي" والغارديان ودوتشه فيله، من دون إبداء أيّ أسباب موجبة.
"سایت وجود ندارد"... عبارة باللغة الفارسيّة سيقرأها أي مستخدم للإنترنت في إيران إن حاول الولوج إلى موقع جريدة "إيلاف" الإلكترونيّة. فهذا "الموقع غير موجود"، مثلما تقول العبارة، في عرف السلطات العليا في طهران، التي سلطت سيف رقابتها على إيلاف لاعتبارات غير محددة، وذلك اعتبارًا من اليوم الثلاثاء الواقع فيه 21 كانون الأوّل (ديسمبر) 2010.
ولم تكن إيلاف المنبر الإعلامي الوحيد الذي طاله قرار الحجب، حيث امتدت يد الرقيب لتطال مواقع مؤسسات إعلاميَّة عالميّة مرموقة ومعروفة من بينها موقع هيئة الإذاعة البريطانيّة (بي بي سي)، وصحيفة "الغارديان" البريطانيّة، وموقع دويتشه فيله الألمانيّ، بالإضافة إلى موقع الجزيرة القطرية.
يأتي هذا القرار في خضمّ سلسلة تحولات يشهدها الداخل الإيراني على مستوى التشدّد في الإمساك بزمام السلطات السياسية في البلاد. وقد كان من أبرز النتائج الأخيرة لهذه التحولات مناقلات حصلت في مناصب سياسية رفيعة أخيراً، حيث عزلت طهران وزير خارجيتها منوشهر متكي وعينت مكانه علي أكبر صالحي، رئيس هيئة الطاقة الذرية الإيرانية، في خطوة فسرها مراقبون بأنها محاولة من الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد للإمساك بالمزيد من مفاصل اللعبة السياسية في إيران ولم تتلق إيلاف أي تبرير لقرار الحجب من جانب السلطات الإيرانية، حيث التزم المسؤولون في طهران جانب الصمت، على الرغم من أنّها ليست المرّة الأولى التي يجري فيها حجب موقع الصحيفة الإلكترونيَّة في إيران. فموقع "إيلاف" تعرض للحجب في السابق، قبل أن تعود السلطات عن قرارها وتفكّ الحجب. لكنَّ يبدو أن تطوّرات داخلية قد دفعت طهران إلى العودة عن قرارها مرَّة ثانية، مغلبة كفة الحجب هذه المرة .
ولا يعدّ قرار "اعتقال الكلمة" جديدًا على السلطات الإيرانيّة، لا سيما أنَّ قائمة المواقع المحجوبة في البلاد والتي يُحظر على الإيرانيين دخولها تطول يوماً بعد يوم. ويندر أن تقدم السلطات تفسيراً مقنعاً لقرارات الحجب التي تتخذها، حيث تتلطى في الغالب خلف مبررات واهية تحمل بطبيعتها أكثر من تفسير، على غرار أنّ السلطة تحجب مواقع "الأعداء الذين يهاجمون هويّة إيران الدينيّة". لكنَّ مبررات ماثلة لا تقنع أيّاً من المراقبين، خصوصاً في بلد يبدو أنه لم يعد يؤمن سوى بسلطة "الصوت الواحد"، الذي لا يرغب في أن يعكر صفوه أيّ نقد، ويزعجه إعلام يورد الحقائق والوقائع مثلما تحدث، ومن دون أي محاباة، سواء أتعلقت بالصراع الداخلي المحتدم الذي أطاح بوزير الخارجيّة الإيراني، أو بمنظمة مجاهدي خلق أو بغير ذلك من المواضيع الأخرى، من دون الاعتراف بوجود "خطوط حمراء".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات