مع قرب انعقاد القمة العربية الثالثة والعشرين في بغداد وتصميم الحكومة العراقيّة على استضافتها لايصال رسالة تؤكد إنتماء العراق للأمة العربية تتصاعد الاستعدادات أمنياً وفنياً ولوجستياً لتأمين أجواء مناسبة لانعقادها في بغداد بعد 20 عاماً من استضافتها آخر قمة فيما يستعد وفد أمني عراقي رفيع للمغادرة الى القاهرة لإجراء مباحثات حول المتطلبات الامنية مع المسؤولين في الجامعة العربية التي سيزور أمينها العام عمرو موسى العراق بعد تشكيل حكومته المرتقبة للبحث في التحضيرات للقمة.
قال مصدر رسمي في العاصمة العراقية ان اللجان المشرفة على تحضيرات القمة العربية المنتظر عقدها في بغداد في الثالث والعشرين من آذار/ مارس المقبل قطعت أشواطا متقدمة في مهماتها. وأشار إلى أنّ هذه اللجان الثلاث المنبثقة من اللجنة العليا وهي الامنية والخدمية والاعمارية قد حققت نتائج متقدمة وأنجزت الكثير من الأعمال المناطة بها كما ابلغ "إيلاف" اليوم.
واللجنة الأمنية العليا التي شكلها مجلس الوزراء العراقي والمنبثقة من قيادة عمليات بغداد والمكلفة بوضع ومتابعة التدابيرالامنية التي سيجري تنفيذها خلال انعقاد القمة في بغداد انجزت لحد الان تنفيذ خطط امنية واسعة.
وقال المتحدث باسم قيادة عمليات بغداد اللواء قاسم عطا ان اللجنة الامنية العليا تعمل برئاسة وكيل وزير الداخلية لشؤون الشرطة الفريق آيدن خالد لمتابعة الخطط الأمنية الخاصة بالقمة مشيرا إلى أنّ عملها يشمل دراسة الخطط الأمنية التي سيتم تطبيقها قبل وخلال انعقاد القمة. وأوضح ان وزارة الداخلية تقوم حاليا بنصب 200 كاميرا مراقبة للحيلولة دون وقوع أي اعمال تخريبية من شأنها أن تعكر أجواء انعقاد القمة.
ومن جانبه يقول الوكيل الأقدم لوزارة الداخلية عدنان الأسدي ان اللجنة الامنية العليا التي تضم ممثلين عن وزارات الداخلية والدفاع وجهاز الاستخبارات وقيادة عمليات بغداد وأمانة بغداد ومحافظة بغداد تعمل للتنسيق بين اجهزة هذه الوزارات والمؤسسات الامنية والخدمية للتنسيق في ما بينها بهدف توفير الحماية اللازمة للقمة العربية.
ومن جانبها شكلت أمانة بغداد لجنة لتهيئة وتأمين المتطلبات الخاصة بمؤتمر القمة من اجل تقديم الرؤى والأفكار والتحضيرات المطلوبة لتحسين وتطوير الواجهة العمرانية لمدينة بغداد بما يتناسب مع تاريخها ومكانتها بالتنسيق مع الوزارات والجهـات ذات العلاقة.
وقد خصصت الحكومة العراقية مبلغ 300 مليون دولار لإعادة تأهيل أكبر ستة فنادق في بغداد استعدادا للقمة التي لم يستضفها العراق منذ أواخر آيارعام 1990 بسبب الحصار الاقتصادي والسياسي المفروض على العراق.
وفد أمني رفيع الى القاهرة
ومن المنتظر ان يقوم وفد امني عراقي رفيع المستوى يضم اعضاء من اللجنة الامنية العليا الخاصة بالقمة بزيارة القاهرة قريبا لبحث الاستعدادات الامنية التي اعدتها الحكومة مع المسؤولين في الجامعة العربية. وقال مسؤول في وزارة الداخلية إن اجهزتها أنهت جميع استعداداتها الأمنية لعقد القمة بعد ان كانت المخاوف الامنية قد وقفت حائلا بين استضافة العراق للقمة العربية السابقة.
وتصف الحكومة العراقية عقد القمة العربية في بغداد بالانجاز الوطني ودليل على عودة العراق إلى الحاضنة العربية والإقليمية. وأكد المتحدث باسم الحكومة علي الدباغ إن التحضيرات تجرى حاليا لعقد القمة العربية المقبلة في بغداد من خلال توفير الأماكن والحماية اللازمة للرؤساء العرب والمشاركين في القمة. وأشار إلى أنّ انعقادها في بغداد يمثل رسالة من الحكومة والشعب العراقيين لكل العرب تؤكد انتماء العراق للأمة العربية.
وأضاف أن الحكومة العراقية متمسكة بعقد القمة العربية في بغداد "ولن تتنازل عنها كجزء من حقنا في التواصل مع محيطنا العربي وأشقائنا العرب".. مؤكدا أن العراق ليس لديه خيار إلا أن يكون جزءاً من الأمة العربية. ودعا جميع الدول العربية إلى تحمل المسؤولية والمشاركة في القمة المقبلة لنقل رسالة للشعب العراقي تؤكد أنه جزء من الأمة العربية.
وأشار إلى أنّ الحكومة العراقية خصصت مبلغ 276.5 مليون دولار لاستضافة القمة تشمل الإحالات للشركات وأجور المكاتب الإستشارية والمراقبة والإحتياط والإشراف مع المبالغ التخمينية لتأهيل صالة الشرف الكبرى في مطار بغداد الدولي ودور الضيافة ومكاتب رئيس الجمهورية في الجادرية والمنطقة الخضراء. وأوضح الدباغ ان هذا المبلغ سيتم تخصيصه من إحتياطي الطوارئ المعتمد ضمن الموازنة العامة الاتحادية لعام 2010 ويصبح مبلغ 100 مليون دولار الذي كان مخصصا سابقاً ضمن المبلغ الجديد.
مقترحات الخارجية العراقية
ومن بين الإجراءات التي اقترحتها وزارة الخارجية العراقية تهيئة منطقة واسعة في العاصمة لإقامة مشروع متكامل يضم مجمع قاعات للمؤتمرات وملاحق للاجتماعات وفيلات للرؤساء والملوك العرب وكذلك بيوتاً وشققاً لوزراء الخارجية إضافة إلى وحدات سكنية وفنادق لبقية الوفود والضيوف والإعلاميين.
وأوضح وكيل وزارة الخارجية العراقية لبيد عباوي أن اللجنة الوزارية ستباشر عملها قريباً بدراسة مختلف التدابير اللوجستية والفنية المرتبطة بمسألة التحضير للقمة بهدف الخروج بخطط عمل مشتركة بين وزارة الخارجية والوزارات المعنية الأخرى.
واعتبر عباوي إجماع وتأييد زعماء الدول العربية لعقد مؤتمرهم القادم على أرض العراق بأنه نصر وموقف تضامني مع القضية العراقية.. مضيفا "نحن نسجل تقديرنا واحترامنا الكبيرين لجميع الدول التي ساندتنا وأيدت ما ذهبنا إليه في ضرورة استضافة القمة كون ذلك حق عراقي لا يمكن القفز عنه خصوصاً وأن العراق يعتبر من الأعضاء المؤسسين للجامعة العربية".
وكان مندوب العراق في الجامعة العربية السفير قيس العزاوي قد أكد الاسبوع الماضي ان بلاده متمسكة بحقها في استضافة القمة العربية المقبلة مشيرا إلى أنّ استضافة القمة تحدٍ للعراق واعلان جديد بان هذا البلد "يقف على قدميه". وأشار إلى أنّ الحكومة العراقية تجري استعدادات هائلة للتحضير للقمة وهناك لجنة عليا في رئاسة الوزراء وعضوية اغلب الوزارات هدفها الاعداد وتهيئة الاجواء لاستقبال الرؤساءالعرب.
وخلال زيارته الاخيرة للقاهرة الشهر الماضي أكد رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي ان العراق مصمم على استضافة القمة العربية المقبلة وأشار إلى أنّ بلاده بدأت استعدادات مبكرة في جميع المجالات لاستضافة قمة عربية ناجحة. ومن جهته أكد موسى انعقاد القمة العربية المقبلة في بغداد وقال "ان القرار العربي بهذا الشان واضح هو عقد القمة في العاصمة العراقية".. وعبر عن الامل في ان يتم الاعداد والتشاور حولها بين العراق والجامعة وعلى جميع المستويات لتكون ناجحة ومثمرة.
موسى الى بغداد بعد تشكيل حكومتها
ومن جهتها أكدت جامعة الدول العربية على أن الزيارة المرتقبة لأمينها العام عمرو موسى إلى بغداد مرهونة بانتهاء العراق من ملف تشكيل حكومته التي كلف نوري المالكي بها امس بعد اتفاق الكتل السياسية مؤخرا.
وقال السفير هشام يوسف رئيس مكتب الأمين العام لجامعة الدول العربية في مؤتمر صحافي في القاهرة مؤخرا ان هناك زيارة لموسى لبغداد وهي تعتمد على الجهود المبذولة لتشكيل الحكومة مشيرا إلى ان "هناك تطورات حدثت وهناك رئيس وزراء مكلف بتشكيل الحكومة وهم منشغلون الآن بتلك الأحداث لذلك لابد من ان نترك لهم الفرصة للعمل". وأعرب عن أمله في نجاح القوى السياسية العراقية بتشكيل الحكومة لافتا إلى "ضرورة ترك الفرصة للقوى السياسية العراقية والعراقيين للعمل والانتهاء من تشكيل الحكومة".
وحول مدى إمكانية استقبال العراق للقمة العربية المقبلة قال السفير هشام يوسف انه وفقا لما أكده وزير خارجية العراق هوشيار زيباري ورئيس الوزراء العراقي نوري المالكي خلال الزيارة الأخيرة للجامعة العربية فإن الاستعدادات مستمرة والترتيبات تجرى لانعقادها. وأوضح أن القرار بعقدها في العاصمة العراقية متخذ من قبل في إشارة إلى قرار عقد القمة العربية المقبلة برئاسة العراق في بغداد.
وكانت جرت في وقت سابق مناقشات حول ما اذا كانت القمة ستعقد في بغداد او في اربيل عاصمة اقليم كردستان الشمالي الذي أكد رئيسه مسعود بارزاني أن عاصمة الاقليم اربيل على استعداد لتضييف القمة العربية اذا ما حال الوضع الامني في بغداد دون ذلك وقال ان الاقليم تحت تصرف الجامعة العربية في هذا المجال.
يذكر أن العراق استضاف القمة العربية لمرتين الاولى بدورتها التاسعة عام 1978 والتي تقرر خلالها مقاطعة الشركات والمؤسسات العاملة في مصر التي تتعامل مباشرة مع إسرائيل وعدم الموافقة على اتفاقية كامب ديفيد.. والثانية بدورتها الـثانية عشر عام 1990 والتي شهدت خلافات كبيرة بين العراق ودولتي الكويت والإمارات العربية المتحدة وتبعها احتلال العراق للكويت واندلاع حرب الخليج الثانية عام 1991.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات