ضحاياه قبائل الأوريو الهاربة من حضارة الرجل الأبيض إلى الغابة
حذّر علماء أجناس بشرية، وقادة سكان محليين في الباراغواي، من أن حملة يقيمها متحف التاريخ الطبيعي البريطاني في البلاد، من شأنها أن تؤدي إلى حالة «قتل جماعي» للسكان الأصليين، ودعوا إلى إلغاء هذه الحملة، ويخشى هؤلاء من أن يقوم العلماء والفرق العاملة معهم، بالاتصال مع جماعات منعزلة من السكان الأصليين الذين يعيشون في مناطق نائية يخطط العلماء لزيارتها، ويمكن أن ينقلوا إليها الأمراض المعدية.
ومن المقرر أن تنطلق هذا الحملة المؤلفة من 100 شخص خلال الأسبوع الجاري إلى اثنتين من أكثر المناطق بعداًوانعزالاً في الغابات الجافة الفسيحة المعروفة باسم «غران تشاكو»، التي تمتد إلى شمال الباراغواي، وبوليفيا، والأرجنتين. ويأمل منظمو الحملة العثور على مئات من الأنواع الجديدة من النباتات والحشرات، لكن سكان الموقعين الذين يخطط أعضاء الحملة، وهم من الإنجليز والباراغويين، للبقاء فيهما لنحو شهر، يعرفون بـ«هنود الأوريو»
ويعيش هؤلاء الهنود في منفى اختياري معزول، ويتجنبون أي اتصال مع الغربيين، كما قال مدير الجماعة الرئيسة التي تعنى بحماية السكان الأصليين ويطلق عليها «مباردة اموتوكودي»، بينو غلوسر.
وأرسل غلوسر، وبدعم من قادة هنود الأوريو، الذين غادروا الغابة خلال العقدين الماضيين، أكثر من 40 قطعة من المعلومات إلى متحف التاريخ الطبيعي، تظهر وجود شعب يعيش بصورة منعزلة عن الناس في منطقتي شوفوريكا، وكابريراتيمان، وكتب غلوسر في الرسالة التي أرسلها الى المتحف «من المؤكد أن الحملة التي تنوون القيام بها تشكل خطراً كبيراً على عيش وسلامة، وحق تقرير المصير والحقوق الإنسانية، لشعب الأوريو الذي يعيش حياة الانعزال عن الآخرين، إضافة إلى استقرار وتكامل أراضي الأوريو. وثمة خطر كبير على سلامة العلماء أيضاً الذين سيشاركون في الحملة، إضافة إلى بقية أفرادها».
شعوب معزولة يوجد نحو 100 مجموعة باقية من الشعوب المعزولة في العالم، منها نحو 67 مجموعة في البرازيل، و30 في بابو غينيا، والأخرى في بابو غينيا الجديدة والباراغوي، والأكوادور وكولومبيا، وجزر الاندامان قبالة شبه القارة الهندية. ومع استمرار شركات النفط والمزارعين في قطع الأشجار والدخول إلى أعماق تلك الغابات النائية، يتم اكتشاف أدلة على وجود مجموعات جديدة. وهناك بضع مجموعات ربما ليس لديها أي فكرة عن الدولة أو أي لغات اخرى، كما أن أحداً لم يقترب منها أو يتصل بها. وينحدر بعضها من قبائل اتصل بعضها مع المستعمرات قبل نحو 100 عام، الذين هربوا خوفاً من الاستعباد أو المرض، وبعضهم قطع كل علاقة مع الحضارة الغربية، لكن لديهم فكرة جيدة عن الحياة خارج الغابة، وربما يملكون سكاكين وأدوات أخرى تم الحصول عليها من خلال الاتصال مع جماعات أخرى. |
ويعتقد أنه حتى عام 1950 عاش نحو 5000 من الأوريو في غابة شاكو بصورة معزولة عن البشر، ويكسبون عيشهم عن طريق الصيد والجمع، دون الاتصال مع المزارعين ومربي الماشية، والجماعات الدينية التي منحتها الحكومة الباراغواتية قطعاً من الأراضي، لكن معظم أفراد الأوريو غادروا الغابة الآن، بعد ان استهدفتهم البعثات التبشيرية الأميركية، ويعتقد انه يعيش الآن نحو ست أو سبع مجموعات من الأوريو المنعزلين عن الناس في الغابة، ويبلغ مجمل تعدادهم نحو 150 شخصاً، ويعتقد انه المكان الوحيد خارج غابات الأمازون الذي لايزال يعيش فيه هنود منعزلون عن العالم.
وناشد قادة الأوريو الذين استوطنوا وعاشوا بالقرب من بلدة فيلادلفيا في شمال الباراغواي، رئيس الباراغواي ومتحف التاريخ الطبيعي التخلي عن هذه الحملة، وقالوا في رسالة «كلا المنطقتين تخصان السكان الأصليين من شعب الأوريو، ونحن نعرف أن شعبنا لايزال يعيش في الغابة، وهم لايريدون مغادرتها والانضمام إلى حضارة الرجل الأبيض».
وقالوا إنه يوجد ثلاث مجموعات على الأقل من المجموعات المعزولة التي لم تتصل مع احد حتى الآن في المنطقة. وأضافوا «إذا مضت هذه الحملة قدماً، فإننا لن نكون قادرين على فهم السبب الذي يجعلكم تخسرون حياة العديد من البشر فقط، لأن العلماء الإنجليز يريدون ان يدرسوا حياة النباتات والحيوانات».
من جهته، قال الناطق باسم حملة البقاء الدولية وناثان مازوير «يعتبر التواصل مع هذه المجموعات من اعمال العنف، وأحيانا يجلب الهلاك وغالبا ما يكون كارثياً».
وتعتبر هذه الحملة هي الأكبر من نوعها التي يتعهد متحف التاريخ الطبيعي البريطاني القيام بها منذ اكثر من نصف قرن، ويمكن ان تكلف أكثر من 300 ألف جنيه استرليني، ويتوقع ان ترسم وتسجل آلاف الأنواع من النباتات والحشرات التي ستذهب إلى متاحف الباراغواي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات