مستقبلها يبدو مشرقا رغم كل الصخب الإعلامي الذي يصاحبها
من بين كل الأسماء المبتكرة التي أثارت غضب واستياء الكثيرين والتي أطلقت على أجهزة فحص المسافرين باستخدام أشعة إكس المستخدمة في المطارات، يأتي اسم «مصور الأعضاء التناسلية» كوصف يتبادر إلى ذهني وأنا أنظر إلى تعرجات جسد بيتر كانت. ويشغل كانت منصب نائب الرئيس التنفيذي لشركة «رابيسكان»، التي تصنع هذه الأجهزة، ونحن نقف في غرفة في أحد مكاتب «رابيسكان» في مقاطعة أرلينغتون. وكان يشرح لي ما يقول إنه أمر ليس فيه ما يخشى، ومن دون أن يقول ذلك، فإن أجهزة «رابيسكان سكيور 1000» مستخدمة بالفعل في 70 مطارا أميركيا. والجهاز عبارة عن صندوقين صناعيين أزرقين تفصلهما قطعة من السجاد محدد عليها موضع القدم باللون الأصفر. ويقوم كانت ويقف بين هذين الصندوقين. وعندما تظهر الصورة، يحدث الجهاز صوتا يستمر حول 10 ثوان. ومن خلال هذه الصورة يمكنني بسهولة تحديد موضع الحزام الذي يشد بطنه والتعرجات على ركبتيه، وهي تفاصيل تختفي تحت بذلته الفضفاضة. وعلى الرغم من أنها ليست صورة فوتوغرافية، فإنها تبدي أجزاء أخرى من الجسم بصورة تامة.
ويشير كانت إلى أننا لو كنا في المطار، لاستمرت الصورة على شاشة الجهاز لثوان قليلة، ما دام أن جهاز الفحص لم يشر إلى الاشتباه في وجود شيء غريب. كما يضيف كانت أن هذه الأجهزة ليست لديها القدرة على حفظ أو تخزين الصور. أما بالنسبة لقضية حراس أحد المحاكم في ولاية فلوريدا الذين قاموا بحفظ 35000 صورة من صور أجهزة الفحص، فهم لم يكونوا وكلاء من إدارة أمن النقل، ولم يكن الجهاز المستخدم من صنع شركة «رابيسكان».
ومع ذلك، فإن الضجة التي أثيرت الأخيرة حول عمليات فحص المسافرين التي تقوم بها إدارة أمن النقل تتعلق بالصور. وقد تسبب الجدل الدائر حول هذه الصور في بعض مشكلات لشركة «رابيسكان». فقد تعرضت الشركة مؤخرا لانتقادات من جميع أطياف المجتمع، بما في ذلك غير السياسيين والآباء والنشاطين في مجال الدفاع عن الحريات المدنية والصحف من «هافينغتون بوست» إلى «درودغ ريبورت».
وكان رد «رابيسكان» على هذا الجدل أنها قالت أولا، إنها فقط تصنع أجهزة الفحص، لكنها ليست مسؤولة عن الطريقة التي يستخدمها بها عملاؤها، وإنها ليس لها علاقة بإجراءات الفحص الجديدة الخاصة بإدارة أمن النقل، ثانيا أنها يمكن أن تصنع أجهزة فحص أفضل، حيث إنها تدرك الجدل الدائر حول الأجهزة الحالية وتسعى جاهدة لتوضح للجميع أن ما تقوم به يهدف إلى جعل عملية تأمين المسافرين أسهل.
والجدل الدائر مؤخرا حول هذه الأجهزة كان له تأثير إيجابي أيضا لشركة «رابيسكان»، فالإرهاب والحرب أمور جيدة للمتعهدين الأمنيين، والعقد الماضي شهد الكثير من الارتباط بينهما. وتمثل أجهزة فحص الأشخاص جزءا صغيرا من منتجات شركة «رابيسكان»، فالشركة تنتج أيضا أجهزة لفحص الأمتعة والبضائع وطرود البريد وحاويات الشحن. ولكن إنتاجها من أجهزة فحص الأشخاص يشهد نموا كبيرا، فقبل نحو سنة، فازت الشركة بعقود بقيمة 173 مليون دولار لإنتاج أجهزة فحص أشخاص من نوع سكيور 1000 للمطارات الأميركية. في حين فازت شركة «إل - 3 للاتصالات» المنافسة، بصفقة مماثلة ولكن بحجم أصغر. وبحلول نهاية هذا العام سيتم نشر نحو 1000 من هذه الأجهزة في المطارات.
ويبدو أن المستثمرين في الشركة الأم «رابيسكان»، «أو إس آي سيستمز»، غير عابئين بهذا الصخب الإعلامي، فأسهم الشركة بدأت مؤخرا في الارتفاع من جديد بعد فترة هبوط وجيزة.
وتساءلت بعض المنشورات والنقاد عن نفوذ الشركة وعلاقاتها مع الحكومة، وأشاروا إلى أن الرئيس التنفيذي للشركة، ديباك شوبرا قد رافق الرئيس أوباما خلال الجولة التي قام بها في آسيا مؤخرا وأن مايكل شيرتوف، المسؤول السابق في جهاز الأمن الداخلي، يمارس الضغط لصالح الشركة. لكن الشركة تقول إنها غير متورطة فأي أمر غير لائق. وبالطبع فإن «رابيسكان» تربطها علاقات وثيقة مع الحكومة، فهي متعاقد معها.
وتقول «رابيسكان» إنها واثقة من أن أجهزة الفحص وعلى وجه التحديد الماسحات الآلية، هي مستقبل أمن المطارات، وحجتها في ذلك ليست مجرد السلامة، بل أيضا الكفاءة. ويقول كانت: «بالنسبة لهذا للنموذج الأحدث المخصص للمطارات، فإن دقة البيانات عالية جدا ونسبة الخطأ منخفضة للغاية، وهذا يعني أن عددا أقل من المسافرين قد يحتاج إلى عمليات فحص ثانوية».
وفي غضون ذلك، تعد «رابيسكان» تطبيقات وبرامج جديدة لتجعل مسؤولي إدارة أمن المطارات الذين يطلعون على صور أجهزة الفحص لا يشاهدون سوى جسد من دون معالم وأبعاد واضحة، لكنها في نفس الوقت تكشف أي شيء غريب موضوع تحت الملابس. كما أن الشركة تحاول إضافة إمكانية كشف جديدة، وقريبا، سيكون بمقدور الأجهزة التي تطورها التعرف على عدد أكبر من الأشياء التي تمثل تهديدا، مثل السوائل والسيراميك والأسلحة والآلات المعدنية الحادة وأي نوع شيء يمكن أن يستخدم كسلاح أو أي مواد ممنوعة. وسوف تطلق الأجهزة الجديدة صفارات الإنذار تلقائيا عند وجود قطع مهربة، مما سيلغي الحاجة إلى وجود ممثل من إدارة أمن النقل لمراجعة معظم صور الأشعة السينية الخاصة بالمسافرين. وتريد الحكومة إدخال هذه التكنولوجيا أيضا، لأن ذلك من شأنه أن يساعد على خفض عدد موظفي الأمن.
وعلى المدى البعيد، تسعى «رابيسكان» إلى جعل عملية تأمين المطارات أمرا أقل إثارة للمسافرين، وتقول إدارة أمن النقل نفس الشيء. وتحاول الشركة دمج جهاز فحص للأحذية في الأجهزة الموجودة حاليا حتى لا يضطر المسافرون إلى نزع أحذيتهم من أجل وضعها على جهاز الفحص، وكما تسعى لإنتاج أجهزة فحص دينامكية، تقوم بفحص المسافرين وأثناء سيرهم دون الحاجة إلى التوقف أمامها. ويقول كانت: «إنه فيما يتعلق بأمن المطارات فإن الحقائب تمثل تحديا أكبر لشركة (رابيسكان) من المسافرين، فمن السهل اكتشاف وجود شيء خطير مدسوس في صدرية أو جيب مسافر أكثر من اكتشاف شيء خطير من أصل 100 شيء موجود في حقيبة مزدحمة.
وأشار استطلاع للرأي أجرته الشركة إلى أن 99 في المائة من المسافرين يفضلون العرض على أجهزة الفحص الإلكترونية بدلا من التفتيش الشخصي. وفي مطار هيثرو في لندن، حيث تستخدم أجهزة «رابيسكان»، قال 95 في المائة من المسافرين إنهم يفضلون أجهزة الفحص بالأشعة السينية عن التفتيش بواسطة رجال الأمن. والبيانات القادمة من جهات مستقلة تؤكد ما توصلت إليه الشركة، حيث أشار استطلاع آخر للرأي أجرته شبكة «سي بي إس» مؤخرا إلى أن أكثر من 80 في المائة من الأميركيين يؤيدون استخدام أجهزة فحص المسافرين في المطارات.
شيء وحيد يأتي في صالح شركة «رابيسكان» وهو أنه عندما يتعلق الأمر بأمن الطيران وعلى خلاف، خطوط خدمة العملاء المجانية، فإن الغالبية العظمى من المواطنين يفضلون التعامل مع آلة على التعامل مع إنسان.
خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ«الشرق الأوسط»
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات