الأقسام الرئيسية

العلمانية هى الحل

. . ليست هناك تعليقات:

بقلم شارل فؤاد المصرى ٦/ ١١/ ٢٠١٠

هو برنس الصحافة المصرية بحق.. كنت أسمع عن اسمه فى الوسط الصحفى من جيل يكبرنى سنا، ولكن لم ألتقه من قبل، وشاءت المصادفة أن ألتقيه قبل عام من الآن، فى ليلة شتوية كنت وقتها عائدا من إجازة لم تكن سعيدة بالمرة، لأنها كانت فى بلدى نجع حمادى فى محافظة قنا وقت مذبحة عيد الميلاد العام الماضى.

عندما سألنى الأصدقاء عما حدث وبدأ الحديث وكل شخص يدلى بدلوه، قال الرجل طويل القامة الذى جاوز الثمانين من عمره ولاتزال أفكاره متقدة، ونظرته تحليلية عميقة لما تموج به مصر هذه الأيام - جملة واحدة وهى: «العلمانية هى الحل».

إنه فاروق القاضى الذى أهدى المكتبة العربية كتابا يحمل اسم «العلمانية هى الحل» وهو من أهم الكتب المنشورة فى هذه الفترة عن دار العين للنشر.

رؤية فاروق القاضى للحل تكمن فى فصل الدين عن الدولة.. العقيدة عن السياسة.. والفصل هنا هو فصل الثابت عن المتغير، لأن الدين عقيدة إيمانية بالمطلق، والسياسة صراع مصالح متعارضة، تخضع لتغير الأحوال وتطور الأزمان.. فصل العقيدة عن السياسة حماية للمقدسات من ضراوة الصراعات.

العلمانية، كما يقول القاضى، ليست ترفاً يمارسه المنعمون، بل ضرورة لتقدم الأوطان، يسعى لتحقيقها الشرفاء والمخلصون، وهى فى واقعنا المعاصر ضرورة الضرورات.

يتساءل القاضى فى كتابه «العلمانية هى الحل»: ألا يتبادر لذهن الإنسان التساؤل عن السبب فى هذا الانقلاب.. لماذا انتهت الحال بمصر إلى ما آلت إليه.. وماذا اختزلت أمم لم تكن شيئاً مذكوراً، بل ولا حتى ظهرت كل هذه الفوارق الزمنية والحضارية، لا لتلحق بنا بل لتتخطانا ونعيش عالة على حضارتها؟!

لا مجال للتعلل هنا بالغزوات والحروب وكل الأمور العدوانية والمعوقات التى عانت منها جميع الأمم فى صراعاتها الداخلية وضد الآخرين فى كل القارات، وكل العصور.

ولا داعى أيضاً للتعلل بأسباب عنصرية يرفضها العلم، ولا ثقافية بعد أن أصبح العالم قرية صغيرة فى ظل ثورة المعلومات. ولا حتى الهيمنة الغربية والاستعمار، فالهند، بها العديد من اللغات والديانات والأجناس، احتلت سنة ١٧٦٥، سلخت عنها باكستان ١٩٤٧، واستقلت سنة ١٩٤٩، وهى اليوم دولة نووية. جنوب أفريقيا، التى عانت الانسحاق فى ظل حكم الأقلية البيضاء، انتفضت من بين الركام، وتسير اليوم على طريق التقدم.

«العلمانية هى الحل» - كما يؤكد القاضى - بما تحتمه من مواطنة ومساواة وديمقراطية، أى بناء الأمة لدولتها التى لا تميز بين المواطنين، بل لا تسمح بالتمييز. فتتحد كل الإرادات وتتجه جميع العقول للتنمية والتقدم.

يذكرنا فاروق القاضى فى كتابه البديع «العلمانية هى الحل» بحقيقة يجب ألا تغيب عن بالنا أبداً، وهى أننا كنا فى جميع المحاولات السابقة نحاول اللحاق بالعصر، نحاول اللحاق بالمجتمع الصناعى. أما اليوم فقد تطور المجتمع الصناعى فى العالم عبر المعلوماتية «الإنفورماتيكا»، التى لا غنى لمجتمع عنها، إلى مجتمع «التكنوساينس» - تكنولوجيا العلوم - بينما انحدرنا نحن إلى الزراعة البدائية بالمياه الملوثة!!..

علينا إذن أن نحاول اللحاق بالعالم المعاصر عبر ثلاثة عصور. أن نعبر كل الجسور التى تعترضنا ونطور مجتمعنا باستمرار للحاق بالزمن، حتى نقترب ونصبح من بين القوى المعترف بها فى العالم فى وقتها، فبينما نحاول اللحاق بالعصر يسير الزمن أسرع وأسرع مما يدعونا لبذل كل الجهد، ولن يحدث هذا إلا إذا استعملنا لغة التنوير، لغة العصر، العلمانية بكل متطلباتها، العلمانية بكل عناصرها: المواطنة، المساواة، الديمقراطية.

المختصر المفيد

فاروق القاضى: العلمانية هى الحل، ولا حل سواها.

charlcairo@gmail.com

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer