بيت لحم 13 نوفمبر 2010 (شينخوا) لم يمنع الفلسطيني نضال حنني فقدان بصره منذ صغره من تعلم الموسيقي ونيل درجة الماجستير في طرق تعليمها ، بل ربما كان ذلك حافزا له لنقل خبرته ومعرفته في هذا المجال للأطفال الذين يشاركونه في نفس الاعاقة.
ويجتمع حنني (48 عاما) مع 32 من طلابه كل يوم في وقت الظهيرة في غرفة صغيرة بمدرسة (العلائية الداخلية) للمعاقين بصريا في بيت لحم بالضفة الغربية، لتعليمهم أصول العزف على آلات الموسيقى المختلفة.
وما أن تبدأ جلسة التعليم حتى تغمر المكان ألحان جميلة يصدح صداها في أروقة المدرسة وصفوفها.
وفقد حنني بصره في سن الثانية عشرة من عمره بعد إصابته بحمى قوية، وفشل الأطباء وقتها في مداواته. بعد ذلك أرسلته عائلته إلى مدرسة داخلية خاصة بإعادة تأهيل المعاقين بصريا ، وهناك تعلم القراءة على طريقة (بريل) التي تعتمد الأحرف البارزة ليتلمسها الكفيف ويفهم معانيها، وفي ذات المكان اكتشف شيئا جديدا كان غافلا عنه لسنوات، وهو حبه وولعه الشديد بالموسيقى.
ويقول حنني وهو يضبط أوتار آلة "القيثارة" لأحد تلاميذه قبل بدء التدريب: إن الفن إحساس، و الموسيقي هي روح كل الفنون.
ويحتضن حنني وتلاميذه آلات "القيثارة" بين أذرعهم ليطلقوا العنان لأصابعهم وقلوبهم في عزف مقطوعة غربية قديمة، وبدا العزف منسجما ومؤثرا حيث طغى على اللحن شيئا من الحزن والشجن.
وقال حنني إن هذه الغرفة الصغيرة المعتمة تمثل له ولتلاميذه لهم عالما مشرقا يعيشون فيه مع آلاتهم التي تعطيهم الأمل في الحياة ، مشيرا الى انه وتلاميذه يستطيعوا التعبير عن كل ما يجول بداخلهم في عالم الفن الذي لا تحده حدود أو قيود أو ظلمة إنما كل شيء مضيء وساطع".
وقد استطاع حننى الحاصل على درجة الماجستير في طرق تعليم الموسيقى من إحدى جامعات العاصمة البريطانية لندن وضع مناهج دراسية لتعليم الموسيقي لفاقدي البصر، خاصة الأطفال منهم.
كما أنه نشر عدة كتب ومطبوعات لاقت رواجا واسعا في أوساط المراكز المحلية لإعادة تأهيل المعاقين بصريا. و ويقول حنني، إنه يدرس النوتة الموسيقية على طريقة (بريل) وهو يعتبر أن تعليم الموسيقى لأطفال فاقدي البصر تحديا كبيرا، ولكنه سعيد بهذا التحدي وفخور بانجازاته التي حققها.
وكان حنني قد شكل فرقة من تلاميذه تقدم حاليا عروضا في المناسبات الوطنية والاحتفالات المتعلقة بمراكز المعاقين ، وبالرغم من حداثتها، إلا أن هذه الفرقة تطمح إلى مشاركات أوسع على الصعيدين المحلي والدولي.
وأضاف أن أحد أعضاء الفرقة الطفل يحي أبو الحلوان (13 عاما) وهو عازف (بيانو) موهوب يرى أن بإمكان أستاذه حنني فعل الكثير في مجال الموسيقى إذا ما منح فرصا أفضل.
ويقول أبو الحلوان بينما كان يجلس خلف آلة (بيانو) سوداء بدت قديمة نوعا ما، إنه يشعر أنه وصل إلى القمة حين يعزف على هذه الآلة، كما أنها تجعله على اتصال دائم مع العالم الذي لم يتمتع برؤيته.
ويشعر هذا الطفل بالامتنان لأستاذه ويتخذه قدوة له ، ويقول حنني وهو جالس على كرسي خشبي مرتكزا على حائط علقت عليه صورا لعظماء الموسيقى في العالم أمثال موزارت وبيتهوفين، إن الطفل أبو الحلوان موهوب ومولع بالموسيقي التي تعتبر شغله الشاغل، مبديا إعجابه به حيث تمكن من تأليف عدة مقطوعات موسيقية بنفسه في هذه السن المبكرة.
ويؤمن أبو الحلوان الذي ولد فاقدا للبصر، بأنه لا يوجد مستحيل، " فالإنسان قادر على تحقيق أحلامه وأهدافه إذا ما ملك الإرادة، حتى إن كان ضريرا، وهو أمر أثبته له أستاذه حنني".
ويضيف أبو الحلوان بإصرار، أن أحد أحلامه الآن هي عزف إحدى مؤلفاته أمام جمهور كبير قائلا،"أنا واثق أنني سأفعل ذلك يوما ما ".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات