الأقسام الرئيسية

مكتبة الإسكندرية تكشف الكتابات المُعمَّاة في مصر القديمة

. . ليست هناك تعليقات:

First Published: 2010-11-09



نجوى متولي توضح أن الكتابات المعمَّاة هي تلك التي قصد الكاتب أن يخص بها شيئاً، أو أن يضفي بها على ما يكتب شيئًا من الصعوبة والسرية.

ميدل ايست أونلاين


الكتابة البطلمية اعتمدت عليها

الإسكندرية ـ يعد كتاب "الكتابات المُعَمَّاة في الحضارة المصرية القديمة" للباحثة نجوى محمد متولي، استكمالاً لنشر الأعمال العلمية الجادة التي تخرج من الجامعات المصرية والعربية والدولية، والتي تهتم بنظم الكتابة والكتابات القديمة، ومن ثم تتيح الفرصة للمختصين وغير المختصين للتعرف على أساسيات الحضارة المصرية القديمة وغيرها من الحضارات القديمة، وذلك بهدف نشر الوعي الثقافي والأثري، فضلاً عن التعمق في دراسة تاريخ النقوش والكتابات للوصول لفهم أعمق للتاريخ والحضارة الإنسانية، الذي هو جزء أساسي من أهداف مكتبة الإسكندرية.

والكتاب الصادر عن مكتبة الإسكندرية، هو أحدث إصدارات "دراسات في الخطوط"، ويبين أن مصطلح الكتابات المعمَّاة قد يبدو غريبًا على البعض من غير الدارسين والباحثين، إلا أن الدراسة تكشف أنها جزء من الكتابة المصرية القديمة ذائعة الصيت، كما أنها تعد تقليداً نشأ وتطور في العديد من الكتابات القديمة والحديثة أيضاً.

والكتابات المعماة هي تلك التي قصد الكاتب أن يخص بها شيئاً، أو أن يضفي بها على ما يكتب شيئًا من الصعوبة والسرية. وقد كان للعلماء العرب دور كبير في كشف غموض تلك الكتابات، إذ كان لهم الفضل في تأسيس أحد فروع علم اللغة والذي أطلق عليه علم التعمية.

ويعرض الكتاب في مقدمته وفصوله الأربعة تاريخ الدراسات التي تناولت الكتابات المعمَّاة، والمتعارف عليها بين علماء اللغة بمسمى cryptography، مع سرد لتاريخ وتطور تلك الكتابات منذ البدء وحتى آخر ظهور لها في النصوص المصرية القديمة، كما يبحث بعد ذلك في الأسباب والأهداف التي دفعت الكتبة في مصر القديمة إلى اللجوء للتعمية واختراع تلك الكتابة، فنري من لجأ إليها لأسباب دينية، ومن استخدمها لأخرى سياسية أو دنيوية، كما استخدمها بعض المفكرين والفلاسفة لأغراض جمالية، وكذلك لإظهار نوع من التفوق والقدرة والكتابة.

ويقدم "الكتابات المُعَمَّاة في الحضارة المصرية القديمة" قواعد تلك الكتابات، وهي أهم الأسس التي رسخت وجود هذا النوع من الكتابة، ثم تقديم نماذج توضحية، والتي تبرز أن وجود تلك الكتابة كان بمثابة الأساس الذي قامت عليه الكتابة في العصر البطلمي، أحد أزهى عصور مصر القديمة، والتي أطلق عليها اسم الكتابة البطلمية.

ويحاول الكتاب في الجزء الأول إلقاء الضوء على ثلاث نقاط مهمة، أولها هو عرض للمسمى المتعارف عليه بين علماء اللغة The Cryptography، الذي أطلق على هذا النوع من الكتابات، والذي ترجم في الدراسة بالكتابات المُعماة، والبحث عن المسمى المصري القديم الذي ربما أطلقه المصريون القدماء على هذا النوع من الكتابة الذي ضم بين جوانبه الكثير من أوجه الخفاء والصعوبة. وقد تم إلحاق بعض الكلمات المصرية التي تعبر عن معنى السرية والخفاء في اللغة المصرية القديمة، والتي تشير إلى التنوع وكثرة الكلمات الدالة على السرية في مصر القديمة.

ويتطرق الكتاب إلى معرفة العرب بالكتابة المُعماة وتأسيسهم لعلم التعمية الذي سبقوا به العالم، حتى شهد لهم علماء الغرب بجهودهم الكاشفة في مجال اللغة المصرية القديمة، وفضلاً عن ذلك؛ معرفتهم بوجود كتابات معماة في اللغة المصرية، إلى جانب الكتابات العادية.

ويعرض الكتاب تاريخ دراسة الكتابة المُعماة، والذي يستعرض الفترة التي بدأ فيها اهتمام الباحثين في مجال اللغة المصرية بالكتابة المُعماة، وأول من أدركها. وتشير الدراسة إلى أنه منذ الخطوات الأولى التي كانت المفتاح لفك بقية النصوص المصرية، والتي نسبت إلى شامبليون، يظهر تمييزًا لبعض العلامات والكلمات التي كتبت بشكل غير تقليدي، والتي عرفت على وجه الخصوص بالكتابة السرية، وهو مسمى أطلقه شامبليون على الكتابة المُعماة. وبعد منتصف القرن التاسع عشر الميلادي، شهدت الكتابات المُعماة اهتمامًا خاصًّا بعدما نفر منها الباحثون في بادئ الأمر لصعوبتها وعدم إحساسهم بأهمية هذه النصوص.

وكان لمجهودات دريتون أثر كبير، أسهم بعد ذلك في تسهيل مجال الدراسة في الكتابات المُعماة. فقد قدم عددًا هائلاً من المقالات في هذا الصدد، وقدم كذلك بعض الخطوات الأساسية التي من خلالها يمكن فهم وتحليل النصوص المُعماة. وقد عاب عليه البعض أمثال فيرمان بعض النقاط، مثل اتباعه بكثرة مبدأ الصوت الأول في حل النصوص، إلا أن هذا المبدأ ظل مستخدمًا حتى الآن، واستخدمه فيرمان نفسه في حل بعض العلامات بمعبد إدفو. وافترض فيرمان بديلاً لمبدأ الصوت الأول هو مبدأ السواكن، الذي ما هو إلا جزء من مبدأ الصوت الأول الذي افترضه دريتون.

ويعرض هذا الكتاب في جزئه الثاني جوانب مهمة للكتابة المُعماة من خلال عرض تاريخي لنشأة وتطور هذه الكتابة، منذ ظهورها الأول، والذي بدأ منذ أقدم العصور المصرية ومع البدايات الأولى لمعرفة الكتابة، وحتى آخر ظهور لها في النصوص المصرية، مقترنًا بآخر نص هيروغليفي معروف من الحضارة المصرية. وينتهي هذا الجزء بدراسة المبادئ والقواعد التي اتبعتها وقامت عليها الكتابة المُعماة، وجعلت منها نوعًا مميزًا من الكتابة.

ويقدم الجزء الثالث من الكتاب نماذج من الكتابة المُعماة عبر العصور وحتى العصر المتأخر، وأكدت نماذج الكتابة في هذه الفترة على نتيجة مهمة، ألا وهي اعتبار الكتابة المُعماة منذ نشأتها وحتى العصر المتأخر الأساس الذي قامت عليه الكتابة البطلمية، كما لا يمكن فصلها عن الكتابة المُعماة.

وقد اعتمدت الكتابة البطلمية على نفس المبادئ والقواعد التي قامت عليها الكتابة المُعماة، وتوافرت بها نفس السمات والكتابة والتهجئة، والقيم الصوتية للعلامات التي ابتكرتها الكتابة المُعماة في مراحلها المختلفة. وركزت النصوص التي أوردها الكتاب في الدولة الحديثة والعصر المتأخر على النصوص المُعماة بالمعابد نظرًا لاستمرار الكتابة المُعماة/ البطلمية في المعابد حتى آخر معرفة بالهيروغليفية.

ولم تقتصر الكتابة المُعماة على المعابد فقط في الدولة الحديثة والعصر المتأخر، بل امتدت لتكتب على الآثار المنقولة، وخاصة الجعارين التي أفرد الكتاب لها دراسة وتحليلاً في الجزء الرابع، نظرًا لما تميزت به من كتابات معماة كان للإله آمون السيادة فيها، حيث تناول منها اثنين وستين جعرانًا بالدراسة والتحليل كنماذج للكتابة المُعماة على الجعارين تغطي طرق كتابتها الرئيسية التي تميزت بها الكتابة المُعماة.

ويأتي هذا الكتاب، الذي يقع في 292 صفحة، ضمن سلسلة مركز الخطوط التي تناولت مختلف الكتابات والنقوش من مختلف أنحاء العالم، ويندرج ضمن نتاج رسالة مركز الخطوط التي بدأها ببعض الإصدارات، كدورية "أبجديات" التي يرأس تحريرها د. خالد عزب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer