رحب الرئيس الأمريكي باراك أوباما باتفاق القوى السياسية العراقية على تشكيل حكومة جديدة بعد ثمانية أشهر من الانتخابات النيابية.
وقال أوباما خلال كلمة ألقاها في مؤتمر قمة العشرين المنعقد في سول بكوريا الجنوبية، عن اتفاق تقاسم السلطة في العراق يعتبر "حجر أساس جديد" في تطور العملية الديمقراطية في البلاد، وانه "يعكس إرادة الشعب العراقي".
كما وصف وزير الخارجية البريطاني وليام هيج اتفاق المشاركة السياسية بين الكتل العراقية "خطوة مهمة جدا للامام" للعراق، بعد اشهر من الخلافات السياسية.
وقال هيج، في بيان: "انا سعيد جدا للتوصل الى اتفاق، وتعيين الرئيس العراقي، ورئيس الوزراء، ورئيس مجلس النواب".
واضاف: "انها خطوة مهمة جدا للامام، وانا ادعو العراق الى الاسراع باستكمال العملية السياسية وتشكيل حكومة تمثل جميع العراقيين".
وكانت قد سرت بعض الشكوك في وقت سابق حول الاتفاق عندما انسحب زعيم كتلة القائمة العراقية اياد علاوي من البرلمان متهما رئيس الحكومة نوري المالكي بنقض اتفاقه معه.
وكان الرئيس العراقي جلال الطالباني قد طلب من رئيس الحكومة المنتهية ولايته نوري المالكي تشكيل الحكومة العراقية الجديدة وذلك بناء على اتفاق تقاسم السلطة.
وتبدأ المهلة الدستورية لتشكيل الحكومة البالغة شهرا واحدا فور تسلم المالكي رسالة التكليف الرسمية من رئيس الجمهورية.
وقال البيت الابيض إن أوباما تحدث هاتفيا مع عدد من الزعماء العراقيين في الايام القيلة الماضية وأكد انه ينبغي ان تكون كل الكتل الفائزة في الانتخابات العراقية ممثلة في القيادة الجديدة.
انني اتعهد أن اعهد وفق المادة 76 من الدستور الفقرة ب برئاسة الوزارة إلى مرشح الكتلة الاكبر عددا وهي كتلة التحالف
جلال الطالباني رئيس الجمهورية العراقية
يأتي ذلك عقب جلسة لمجلس النواب العراقي أمس شهدت انتخاب الرئيس الطالباني لولاية ثانية.
وحصل الطالباني على 195 صوتا في جولة الانتخاب الثانية من اصل 213 نائبا شاركوا في التصويت، وعدت 18 ورقة اقترع باطلة، على الرغم من انسحاب مرشح الرئاسة الثاني لمصلحته بعد جولة الانتخابات الاولى.
"مراجعة الماضي"
وانتخب النواب أسامة النجيفي رئيس كتلة عراقيون ضمن قائمة العراقية، بزعامة علاوي، رئيسا للبرلمان بعد حصوله على 227 صوتا من اصل 295 صوتا للنواب الحاضرين، كما أنتخب قصي السهيل من التيار الصدري نائبا اولا وعارف طيفور من التحالف الكردستاني نائبا ثانيا.
وقال الرئيس العراقي فور إعادة انتخابه "انني أتعهد أن أعهد، وفق المادة 76 من الدستور الفقرة برئاسة الوزارة، إلى مرشح الكتلة الأكبر عددا وهي كتلة الائتلاف".
ووصف الطالباني في كلمته التي القاها بعد إعادة انتخابه ما تم في جلسة البرلمان العراقي بأنه يوم "انتصار الإرادة العراقية الحرة".
كما دعا إلى "حكومة شراكة وطنية، وشدد على "ضرورة مراجعة الماضي والتسامح والغفران ونسيان الماضي من دون نسيان الجرائم ... وعدم التفرد بالسلطة فمفهوم الشراكة في الحكم يجب أن ينطلق من الشراكة في الوطن وليس وفقا لآليات اخرى".
أزمة ثقة
وتفجرت أزمة الثقة الكبيرة التي تحكم العلاقة بين الكتل السياسية العراقية والتي كانت عاملا اساسيا في تأخير تشكيل الحكومة سابقا منذ جلسة البرلمان الاولى.
اذ طالب نواب من القائمة العراقية بإدخال التصويت على ما جاء في وثيقة اتفاق القوى السياسية الى جدول اعمال الجلسة قبل البدء بعملية انتخاب رئيس الجمهورية، لاسيما الموقف من رفع قرارات الاجتثاث عن أربعة من قيادي القائمة وهم صالح المطلك وراسم العوادي وظافر العاني وجمال الكربولي.
الامر الذي رفضه بعض ممثلي الائتلاف الوطني والتحالف الكردستاني. وفسر المالكي الوثيقة بأنها تنص على اعلانها في مجلس النواب وليس التصويت عليها، على أن يتم تنفيذها لاحقا على وفق السياقات القانونية.
بيد أن علاوي رأي في ذلك نقضا للاتفاق الذي وقعه مع المالكي والبرزاني قبل الدخول الى قبة البرلمان، ودعا الى اعطاء مهلة ربع ساعة للتشاور بشأن تنفيذ الاتفاق.
قاطعنا الجلسة لاننا ابدينا حسن نية للاخرين لكنهم غدروا بنا ولن نعود الى الجلسة الا بضمانات دولية ... كما نريد ضمانات من التحالف الوطني
صالح المطلك القيادي في ائتلاف العراقية
ولجأ رئيس البرلمان إلى اعتماد التصويت على اعتماد هذه الفقرة في جدول الاعمال فلم تحظ الا بـ 58 صوتا فقرر المضي قدما في اجراءات انتخاب رئيس للجمهورية.
وفي ضوء ذلك انسحب علاوي ومعه معظم قيادي القائمة العراقية من جلسة البرلمان، الذي واصل رغم ذلك عملية انتخاب رئيس الجمهورية بعد توفر نصاب الثلثين.
وعقد ائتلاف العراقية مؤتمرا صحفيا عقب خروج نوابها من جلسة البرلمان وصفت فيه ما حدث بالانقلاب على الاتفاق السياسي الموقع بين قادة الكتل.
وقال المتحدث باسم القائمة العراقية حيدر الملا خلال المؤتمر "إن القائمة العراقية لن تمضي بحكومة انعدمت بها الثقة بين الكتل السياسية"، مؤكدا أن "القائمة العراقية انسحبت من العملية السياسية، ولا يمكنها الاتفاق مع حكومة انقلبت على الاتفاق السياسي".
وتقول مراسلتنا في بغداد رولا الايوبي إن ما حصل في جلسة الامس في البرلمان يضع الاتفاق بمجمله على المحك .
رئاسة البرلمان
ورفع رئيس البرلمان اسامة النجيفي وهو من القائمة العراقية الجلسة قائلا "سيكون هناك اجتماع السبت المقبل يسبقه اجتماع لرؤساء الكتل". كما طالب بـ"تشكيل الحكومة باسرع وقت".
وكان النجيفي انسحب من الجلسة ليؤكد موقفه التضامني مع القائمة التي ينتمي اليها وترأس الجلسة نائبه الاول قصي السهيل، بيد عاد ليواصل ادراة الجلسة وعملية انتخاب رئيس الجمهورية.
وحصل النجيفي وكان المرشح الوحيد للمنصب على 227 من أصل 295 نائبا حضروا الجلسة قبل انسحاب العراقية، واعتبرت 68 ورقة اقتراع باطلة.
وينحدر النجيفي (54 عاما) من مدينة الموصل، وسبق له أن شغل منصب وزير الصناعة في الحكومة الانتقالية عام 2005.
ووجه النجيفي في كلمته بعد تسلمه رئاسة البرلمان انتقادات إلى "قادة سياسيين مارسوا القمع والفساد"، مطالبا بـ "مراجعة ملفات الفساد والانتهاكات".
كما انتقد الدستور الذي "كتب على عجل ولم تطبق مواده".وقال انه "لا بد من اعادة النظر في العلاقات بين المركز والاقليم والمحافظات".
"ضمانات دولية"
ونقلت وكالة الانباء الفرنسية عن مصدر في العراقية قوله إنها "تتطلع الى الالتزام بهذه النقاط خلال مدة شهر وتامل ان لا تضطر الى اعادة النظر بقرار المشاركة اذا جاءت النتائج خلافا للالتزامات المتفق عليها".
كما نقلت عن القيادي في القائمة العراقية صالح المطلك تأكيده على أنه "كان مقررا خلال الجلسة انتخاب رئيس للبرلمان ونائبيه والتصويت على فقرة الغاء الاجتثاث فقط" وليس الاتفاق بمجمله.
واضاف "قاطعنا الجلسة لأننا ابدينا حسن نية للاخرين لكنهم غدروا بنا ولن نعود إلى الجلسة الا بضمانات دولية ... كما نريد ضمانات من التحالف الوطني".
وكانت القائمة العراقية قد أكدت في مؤتمرها السابق للجلسة في مبنى البرلمان العراقي أنها ستشارك في الحكومة المقبلة، وفق الاتفاق السياسي مع الكتل الاخرى، وانه تم اختيار علاوي رئيسا للمجلس الوطني للسياسات الاستراتيجية وأسامة النجيفي رئيسا للبرلمان.
وقال المتحدث باسم الكتلة حيدر الملا ان من بين الملفات التي اتفق عليها مع الكتل الأخرى تجميد هيئة المساءلة والعدالة، وتشكيل هيئة جديدة تتولى ملف اجتثاث البعث، على ان يكون هناك سقف زمني مدته سنتان لانهاء هذا الملف من الحياة السياسية في العراق.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات