الأقسام الرئيسية

مليارات الانتخابات

. . ليست هناك تعليقات:


بقلم لميس الحديدى ٩/ ١١/ ٢٠١٠

قرابة ٦٠٠٠ مرشح تقدموا بأوراقهم للتنافس على ٤٤٤ مقعداً و٦٤ مقعد كوتة نسائية فى انتخابات مجلس الشعب المقبلة ٢٠١٠.. وسواء بقى الرقم كما هو أو انخفض، كما هو متوقع، بعد الطعون وفحص اللجنة العليا.. فسيظل رقما ضخما فى دولة لا ينتخب فيها إلا ٢٣% من الناخبين المسجلين.

هل يدرك كل هؤلاء المرشحين «قيمة» الانتماء إلى مجلس الشعب والدور الرقابى والتشريعى الذى يقومون به، أم أن لهم أغراضا أخرى.. وهل فى سبيل ذلك هم مستعدون لإنفاق الملايين من أجل المقعد؟! صحيح اللجنة العليا حددت سقف ٢٠٠ ألف جنيه للإنفاق الدعائى للمرشح الواحد، لكن أرقام الدراسات تؤكد أن انتخابات هذا العام لن يقل فيها حجم الإنفاق عن ٣- ٤ مليارات جنيه، إن لم يتعداها.

فما بين الدعاية وأضحيات العيد، وشركات الأمن و«البلطجية» وسيارات نقل الناخبين.. ناهيك عن «شراء الأصوات» المتوقع هنا وهناك.. ينتظر أن يتكبد كل مرشح الملايين من أجل المقعد.. فهل العمل العام يعنى بالنسبة للستة آلاف كل ذلك الإنفاق؟

الأحزاب الكبرى قد تدعم مرشحيها، بل إن الوطنى به عدد غير قليل من مرشحيه ذوو ملاءة مالية، يستطيعون عن طريقها دعم أنفسهم ودعم الحزب أيضا.. وماذا عن الأحزاب الأخرى المعارضة والصغيرة: الوفد الآن يملك ملاءته المالية.. وجماعة الإخوان تدعم مرشحيها بقوة.. لكن تبقى الأحزاب الصغيرة وباقى المستقلين نهبا لرياح المال والقوة والنفوذ.. وتلك هى لعبة الانتخابات.

والحقيقة أن الانتخابات فى العالم كله تجرى على برامج وأفكار أساسية وأحزاب ضخمة.. ففى الولايات المتحدة مثلا أطاح الأمريكيون، فى التجديد النصفى للكونجرس، بالأغلبية الديمقراطية نتيجة استمرار الأزمة الاقتصادية وعدم رضاهم عن سياسات أوباما التى لم تأت «بالتغيير» فى رأيهم كما وعدهم. وهكذا أعاد الناخب الأمريكى الجمهوريين إلى أغلبية الكونجرس.

طبعا لا نقارن أنفسنا بالولايات المتحدة، لكن المقابلة هنا أن الانتخابات المصرية لا تقوم، بأى شكل من الأشكال، على منافسة برامج.. فلا أحد يقرأ برامج أو يناقشها.. لكن المنافسة هى بين أفراد يقدمون خدمات أو يعدون بها. ذلك هو ما يهم الناخب المصرى.. لأنه ببساطة لم يعد يؤمن بالسياسة، هو فقط يريد أن يعيش عيشا كريما، وقد حرمته الدولة من ذلك سنين طوالاً، إلا فى أيام الانتخابات. الأمر الذى يصنع لقوة الفرد فى الانتخابات المصرية شأناً عظيماً.

نعود للسؤال الأساسى: لماذا يتنافس قرابة ٦ آلاف مرشح للفوز بالمقعد؟! وأترك للقارئ الذكى أن يختار واحدة من ثلاث إجابات: العمل العام (تشريع ورقابة)، الحصانة، النفوذ والاقتراب من السلطة.

وإذا كانت للأحزاب أهداف واضحة: الوطنى يريد تحقيق الأغلبية، المعارضة تريد تمثيلا مشرفا فى الحياة السياسية، الإخوان يريدون البقاء شوكة فى حلق النظام.. فلم يسأل أى من هؤلاء عن المواطن.. كيف نخرج المواطن إلى الصندوق.. ليس بالرشوة ولا بالهدايا ولا بالشعارات الدينية، ولكن بالشعور بالمسؤولية عن تحقيق دوره فى المجتمع.. ذلك هو المحك الرئيسى للحكم على نجاح أى تجربة.. ليس كم يتنافسون من أجل مصالحهم، ولكن كم ينتخبون بلا حشود من الوزارات، أو من المصانع أو بتقديم فرخة لكل ناخب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer