اتهمت دوائر في القاهرة اسرائيل بتبني حملة دعائية وصفتها بـ "المغرضة" ضد مصر، للتأثير سلباً على السياحة في سيناء وعلى الاقتصاد المصري بشكل عام، وقالت الدوائر ذاتها انه على الرغم من ايعازات اسرائيل لرعاياها بمغادرة سيناء، الا ان الاسرائيلين لا يكترثون بتلك التحذيرات.
القاهرة: قللت كوادر قيادية في شبه جزيرة سيناء من فحوى التحذيرات التي اطلقتها اسرائيل خلال الاونة الاخيرة، وحذرت فيها رعاياها من زيارة شبه الجزيرة تحسباً لاستهدافهم من قبل عناصر متطرفة، قالت تل ابيب انها تتواجد بصورة مكثفة بسيناء، ونشرت صحيفة يديعوت احرونوت تقريراً موسعاً بهذا الصدد، نقلت فيه تصريحات عن محافظ شمال سيناء ورئيس مدينة نويبع، إذ قال الاول: "ان اسرائيل تتبنى كل عام – خاصة في مواقيت الاعياد اليهودية – حملة دعائية ضد مصر، بهدف ضرب السياحة في شبه جزيرة سيناء، والتأثير من خلال ذلك على الاقتصاد المصري".
عدد من السائحات الاسرائيليات في سيناء |
حادث طابا
واضاف عبد الفضيل شوشة محافظ شمال سيناء، ان هيئة مكافحة الارهاب الاسرائيلية تطالع الاسرائيليين كل عام ببيان تحذرهم فيه من السفر الى سيناء، في محاولة لإجبارهم على الاستمتاع باعيادهم ومناسباتهم التي يحتفلون بها داخل اسرائيل، غير ان هذه التحذيرات لا تجد آذاناً صاغية، وتتوافد على مصر وسيناء على وجه الخصوص موجات من السياح الاسرائيليين. واوضح شوشة ان اسرائيل تعتمد في تحذيراتها على الحادث الارهابي الذي وقع في مدينتي طابا ونويبع عام 2004، لترهب رعاياها من زيارة سيناء، غير ان تلك المحاولات تبوء بالفشل الذريع.
ووفقاً للمسؤول المصري، الذي قالت يديعوت احرونوت انها نقلت تصريحاته عن وكالة الانباء الفرنسية، تتعمد اسرائيل الترويج لحملاتها الدعائية ضد سيناء ليس لترهيب رعايها فقط، وانما لاثارة تحسبات كافة الجنسيات العالمية عند التفكير في زيارة سيناء، ومما يؤكد ذلك تزامن هذه التحذيرات مع الاعياد والمناسبات، التي اعتاد سياح مختلف دول العالم خلالها زيارة مصر وسيناء، واشار: "اننا هنا لن نندهش من التحذيرات الاسرائيلية، ومن حملة وسائلها الاعلامية، سيما انها تتزامن مع الاستعداد لاحتفالات راس السنة الميلادية الـ "كريسماس".
من جانبه قلل رئيس مدينة نويبع العربي الحسيني من نجاعة الحملة الدعائية الاسرائيلية فيما وصفه بـ "ضرب السياحة" في سيناء، وقال: "انه على الرغم من التحذيرات الاسرائيلية، الا ان الواقع في سيناء يخالفها الى حد كبير، إذ ترفض الموجات السياحية من مختلف دول العالم اصغاء السمع لما تقوله اسرائيل، وربما يرفض الاسرائيليون انفسهم التعاطي معها". وقال الحسيني ان نسبة الاشغال السياحي في طابا ونويبع على وجه التحديد تؤكد ان ما تدعيه اسرائيل مجرد افتراءات يجانبها الصواب، إذ وصلت نسبة الاشغال في منتجعات المدينتين الى 70%، كما تجاوزت في الفنادق حاجز الـ 90%، وان 40% من السياح المتواجدين حالياً في سيناء هم اسرائيليون.
ثلاثة مراحل
وجاءت تلك التصريحات في وقت نقلت وكالة الانباء الفلسطينية "معا" عن دوائر امنية مصرية قولها: "ان اجهزة الامن المصرية اعتقلت 25 ناشطاً اسلامياً متطرفاً على ثلاثة مراحل في مدينتي العريش ورفح بسيناء". وقالت تقارير اخرى نشرتها صحيفة هاآرتس العبرية نقلاً عن مسؤوليين مصريين، ان خلية "جيش الاسلام"، التي تنتمي لتنظيم الجهاد العالمي تتواجد حالياً في شبه جزيرة سيناء، وتعتزم اختطاف عدداً من السياح الاسرائيليين المتواجدين في شبه الجزيرة.
احد المنتجعات السياحية في سيناء |
وبعيداً عن تباين المواقف والتصريحات المصرية والاسرائيلية ذات الصلة بمحاولات تل ابيب التأثير سلباً على السياحة في سيناء، تؤكد مؤشرات رصدتها تقارير عبرية، تردي مستوى الرواج السياحي في الدولة العبرية كل عام، الامر الذي يعطي المصريون مبرراً للاعتقاد في رغبة اسرائيل لسحب البساط من اسفل قدميها سياحياً، واجتذاب الموجات السياحية الى اسرائيل، ويستند هذا التوجه على معلومات نشرتها صحيفة معاريف العبرية، التي اشارت الى ان المناخ السياسي لا زال يؤثر بشكل مباشر على انتعاش السياحة في اسرائيلن وقالت الصحيفة: "بات ذلك واضحاً خلال معرض السياحة العالمي World Travel Market، الذي اقيم في العاصمة البريطانية لندن، إذ تواجدت اجنحة دول العالم في المعرض وفقاً للتوزيع الجغرافي، غير ان الجناح الاسرائيلي لم ينتسب الى قارة اسيا، وانما وجد مكاناً له في قارة اوروبا فقط، في ظل مشاركة دول عربية في القارة الاسيوية مثل العراق وسوريا ولبنان، وجناح خاص للسلطة الفلسطينية".
مستوى متردي
هذا المشهد بحسب الصحيفة العبرية، جسد صورة حقيقية للمستوى السياحي المتردي، الذي آلت اليه اسرائيل وسط منطقة الشرق الاوسط، بالاضافة الى الموقف الذي اتخذته دول اوروبية من اسرائيل على خلفية سياسية، وربما كان في مقدمة تلك الدول تركيا، التي منعت رحلاتها السياحية التي كانت تتدفق على اسرائيل كل عام، بينما لا تستطيع تل ابيب مجرد استغلال السياحة الداخلية لصالحها، إذ يهرع الاسرائيليون كل عام لزيارة دول مثل مصر وتركيا وغيرهما.
وفي تصريح خاصة لصحيفة يديعوت احرونوت العبرية قال وزير السياحة الاسرائيلي "ستاج ميسجنيكوف": "علينا الاعتراف بأن اسرائيل تواجه موقفاً عصيباً، إذا دار الحديث عن محاولات انعاش السياحة في الدولة العبرية، وعلينا الا نتجاهل ان تحسن الظروف السياسية سيساهم الى حد كبير في وصولنا الى قمم الانجازات السياحية".
واعتبر الوزير الاسرائيلي ان مدينة القدس تقع في مقدمة المواقع، التي من الممكن استغلالها اسرائيلياً من الناحية السياحية، غير انه اضاف: "انني كوزير للسياحة لا استطيع ان اتحدث عن القدس في المحافل السياحية بالخارج على انها عاصمة للدولة العبرية، فإذا قلت ذلك تواجهني العديد من موجات الاعتراض الصاخبة، وانني احاول في كثير من المواقف تفادي هذا الامر، واتحدث عن القدس على انها مدينة تجمع المقدسات الدينية الثلاثة "اليهودية والمسيحية والاسلامية". واعترف ميسجنيكوف في حديثه، بأن اسرائيل لا تمتلك شريطاً ساحلياً طويلاً على البحر الابيض المتوسط، مقارنة بجيرانها العرب او الاوربيين مثل تركيا، كما ان اسرائيل لا تستطيع اقامة فنادق في كل منطقة تطل على البحر، من دون التنسيق مع لجان التخطيط والبناء والمنظمات الخضراء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات