بقلم سليمان جودة ٢٥/ ١١/ ٢٠١٠
لايزال إذا كتب، فإنه يكتب، وكأنه يشكل أول جملة فى حياته، مع أنه كاتب محترف يتذوق جمال العبارة فى أذنيه وعلى لسانه، قبل أن يجرؤ على أن يخرج بها إلى الناس! ولايزال إذا ظهر على أى شاشة، فإنه يفعل ذلك، وكأن هذه هى المرة الأولى التى يواجه فيها كاميرا فى تاريخه، مع أنه متمرس على هذا العمل، ومع أنه يعرف إذا أطل من فوق الشاشة، كيف «يسرق» كاميراتها، ويستحوذ على انتباه المشاهدين! ولايزال إذا انتقد، فإنه ينتقد الأوضاع، لا الأشخاص.. ينتقد الموضوع لا الأفراد، وإذا كان لأب من انتقاد الأفراد أو الأشخاص، فإنه ينتقدهم، دون تجريح ودون شتائم، ودون إهانات من أى نوع! كان رئيساً لتحرير مجلة حكومية لسنوات، ومع ذلك فإنه فى تلك السنوات، لم يكن حكومياً، ولا كان حكومياً بعدها، أو حتى قبلها وإنما هو فى كل مرة، يريد أن يكون ملتزماً بقضايا بلده، كما يراها وكما يرى حلولها، ولو شاء أن يكون حكومياً، لتفوق على كل هؤلاء الحكوميين، الذين يسيئون إلى الحكومة، أكثر مما يضيفون إليها، والذين يعرفون بينهم وبين أنفسهم، أن الناس لا يصدقونهم، مهما قالوا ومهما كتبوا! ولو أنك لاحظته، وهو يعمل، سواء كان ممسكاً بالقلم على الورق، أو الميكروفون على الشاشة، فسوف لا يفوتك، قطعاً، أنه يدرك جيداً أن كل عمل له «أصول» يجب أن تراعى فى كل لحظة، وإلا فإن العمل يفقد معناه، ويفقد قيمته، ويفقد رسالته الواجبة.. ويدرك الرجل كذلك، وهو مع قلمه، أو ميكروفونه، أن كل مهنة لها قواعد، ولها مبادئ، لا يجوز تحت أى ظرف التخلى عنها، أو حتى التساهل فيها.. وإلا.. صارت المهنة ـ أى مهنة ـ شيئاً آخر، لا علاقة له بالأصل الذى يجب ألا يغيب عن أعيننا! سوف يعجبك فيه، يقيناً، أنه أحرص الناس على أن يكون دقيقاً فى كلامه، وفى عمله، وهى دقة من فرط حرصه عليها تكاد تصل معه إلى حد الحساسية التى لا تقبل أن يتوقف العمل عند مرحلة التمام، وإنما تسعى به إلى مرحلة الكمال مع أن الكمال لله وحده.. ولكن.. هذا هو الرجل.. وهذه هى رغبته التى لا تنطفئ! فى رمضان الماضى، سأله زميلنا وائل الإبراشى عما إذا كانت لديه نصيحة للذين يعملون فى الإعلام، فأمسك ورقة وقلماً بسرعة، وكتب كلمة واحدة ثم رفعها أمام المشاهدين على قناة دريم.. وكانت الكلمة: مصر! أما الرجل فهو «مفيد فوزى».. وأما مناسبة هذا الكلام فهى مقالة لابنته «حنان» فى «المصرى اليوم» صباح الاثنين، تحت عنوان: أبى فوق الشجرة! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات