بقلم: وائل قنديل
22 نوفمبر 2010 10:22:59 ص بتوقيت القاهرة
هذه الانتخابات البرلمانية لعبة بلاى ستيشن تحولت إلى واقع دموى كئيب، حيث توحد اللاعبون الممسكون بالريموت كونترول مع الشخصيات الكرتونية، واندمجوا تماما فى اللعبة حتى خرجت من الشاشة فسالت الدماء على الأرض وتكسرت نوافذ وأبواب وهدمت بيع وصوامع، ودخل الكل فى رقصة عنف مجنونة تكاد تعصف بما تبقى من ملامح باهتة لعقد اجتماعى ينظم حياتنا.
فى الإسكندرية كانت «بروفة» مخيفة ومرعبة لما يمكن أن يكون عليه الحال لو مضت الأمور على هذا النحو العبثى، حيث قضت المدينة المتوسطية الرائعة ليلة انتخابية سوداء بين كر وفر، ومطاردات فى الشوارع والبيوت، دفعت الكثيرين لوضع أيديهم على قلوبهم من القادم فى هذا الأسبوع الملغوم.
وهناك من اتخذ قراره من الآن بالبعد عن هذه الانتخابات المفزعة، بل وصل الأمر ببعضهم لأن يتمنى إلغاءها ولتحصل الحكومة على كل المقاعد التى تريدها لنفسها، وتمنح ما يفيض عنها لمن تحب من شركائها فى اللعبة، ونتجنب جر البلد إلى دوامة من العنف.
وما جرى فى نجع حمادى مساء أمس الأول من اشتباكات بالسلاح بين أنصار اثنين من مرشحى الحزب الوطنى أدت إلى سقوط قتلى وجرحى يزيد المخاوف من تحول اللعبة إلى معركة حقيقية سيدفع ثمنها الوطن كله وليس هذا الطرف أو ذاك.
ولعل ذلك العبقرى الذى اخترع فكرة تحويل العملية الانتخابية إلى معارك عائلية باعتماده سياسة التناطح بين مرشحى الحزب الوطنى فيما بينهم يدرك الآن أنه أوجد مناخا مثاليا لممارسة الفوضى فى أبشع صورها، بحيث لم يعد الصراع بين «وطنى» و«إخوان» فقط، بل بين «وطنى» و«وطنى» فى بلد لا تتم فيه الانتخابات وفق برامج تكتسب الحد الأدنى من الطابع السياسى، بل تحكمها روح العائلة والقبيلة.
لقد قرر حزب الحكومة أن يلعب بالنار، دون أن يأبه أو يلتفت إلى أن شرارة واحدة تندلع ستأخذ فى طريقها كل شىء، خصوصا أننا نعيش وطنا مجففا ومحاطا بكل أنواع الحطب، سياسيا واجتماعيا، وثقافيا، ودينيا.
ولو أمعنت النظر ستكتشف أنهم أرادوا كل شىء صوريا، شكلوا لجنة عليا للانتخابات وتحدثوا عن صلاحيات كاملة ممنوحة لها لإدارة العملية، لكنهم لا يحترمون قراراتها والضوابط التى وضعتها.. وتحدثوا عن الشفافية والنزاهة، ثم رفضوا بإباء وشمم فكرة الرقابة الدولية، باعتبارها مساسا بالسيادة الوطنية.
وأظن أن المنطق يقول إن من يمارس عملا فى الظلام، لا شك أن لديه ما يخجل من أن يطلع عليه الآخرون.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات