بقلم أحمد المسلمانى ١٥/ ١١/ ٢٠١٠ |
دعوت فى السابق لتأسيس حركة المؤرخين الجدد فى مصر.. وهنا أواصل.. ■ لم أقرأ كتاباً واحداً عن صناعة الصواريخ المصرية فى الستينيات إلا وكان ساخراً موجعاً وهو يتحدث عن تلك التجربة. كل ما قرأته عن الصاروخ القاهر والظافر كان مجموعة من النكات والتريقة على تلك الصواريخ وعلى صناعتنا الفاشلة.. ولقد شعرت فى بعض تلك الكتابات بنوع من الشماتة.. لهزيمة تلك الصواريخ عام ١٩٦٧. ■ كم أشعر الآن بسعادة غامرة أن تلك الكتابات كانت خاطئة، وأن تلك النكت القاتلة التى أطلقناها حول «القاهر» و«الظافر» كانت نكتاً ثقيلة الظل خفيفة الوطنية. ■ قال لى عالم الفضاء المصرى د. بهى الدين عرجون.. إن مشروع صناعة الصواريخ فى مصر كان عظيماً.. وإنه يحق لكل مصرى أن يحزن لنهاية ذلك المشروع، لكنه يحق له أن يفخر بأن بلادنا كانت بهذا المستوى العظيم. ■ ويروى الدكتور «عرجون» فى كتابه «الفضاء الخارجى واستخداماته السلمية»: بدأت مصر بالتعاون مع الخبراء الألمان الذين عملوا مع «فون براون».. ضمت مصر طاقما رفيعا من العلماء والمهندسين المصريين إلى جوار العلماء الألمان.. وبدأوا معاً تطوير الصاروخ «ف-٢» وفى ٢١ يوليو ١٩٦٢ شهد الرئيس جمال عبدالناصر إطلاق الصاروخين «القاهر» و«الظافر». كان مدى «القاهر» ٦٠٠كم، وكان مدى «الظافر» ٣٥٠كم. بعد ذلك تم تركيب الصاروخين معاً فى مرحلتين ليكونا صاروخاً واحداً متعدد المراحل، اسمه «الرائد» مداه ١٠٠٠كم، وقد ظهر فى العرض العسكرى يوم ٢٣ يوليو ١٩٦٣. ■ كان من الممكن تطوير الصاروخ الرائد ليصل إلى حد خرق نظام الجاذبية الأرضية وحمل قمر صناعى إلى مدار حول الأرض!. ■ إن إمعان النظر فى التاريخ مهم للغاية.. كان ذلك عام ١٩٦٣ ولم تكن إسرائيل تملك صناعة صواريخ على الإطلاق!. لم يكن هناك من حل أمام إسرائيل الفاشلة سوى تدمير النجاح المصرى، فكانت العمليات القذرة التى قادتها إسرائيل ضد النهضة المصرية. بدأت إسرائيل حملة إرهاب العلماء الألمان فى مصر، وكان أول المستهدفين من العلماء الألمان، العالم «ولفجينج بيلز» الذى كان يعمل مع العالم «فون براون» فى الصاروخ «ف-٢»، كما تم استهداف عالم الإلكترونيات والتحكم، «كلاينفختر». وقد غادر «بيلز» وزملاؤه بلادنا عام ١٩٦٥. ■ فى الثانى من أكتوبر عام ١٩٦٧ تحدث «بيلز» و«براون» إلى مجلة «شتيرن» الألمانية وقالا: «كانت إسرائيل تخشى إطلاق قمر صناعى فى ذلك الوقت حتى لا يحدث دوى هائل فى العالم بأسره.. ويجتمع العالم العربى خلف مصر». ■ ثمة مفاجأة مذهلة فى هذا المقام.. إن عالم الصواريخ الألمانى الكبير «بيلز»- الذى غادر مصر عام ١٩٦٥ بسبب إرهاب إسرائيل خشية إطلاق قمر صناعى مصرى- اختفى فى ألمانيا عدة سنوات، ثم توصلت إليه الصين، وأقنعته بالسفر للعمل فيها. ذهب «بيلز» إلى الصين وبدأ العمل فى إنتاج صاروخ متطور. وما هى إلا سنوات قليلة حتى كانت الصين قد أطلقت أول صواريخها وبدأت فى الانطلاق نحو صناعة كبرى للفضاء!! |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات