بقلم خالد منتصر ٨/ ١١/ ٢٠١٠ |
فى قضية ختان الإناث يعد تثقيف الأطباء وتعريفهم بخطورة المشكلة على نفس درجة أهمية تثقيف الآباء والأمهات، وقد أشرت فى مقال سابق لضرورة توزيع الكتيب التدريبى الذى أصدرته وزارة الدولة للأسرة والسكان على جميع أطباء وزارة الصحة الذين يقع كثير منهم أسرى تزييف الوعى الذى مارسه دعاة الفضائيات الدينية على عقولهم الحائرة التى لم تحسم بعد هذه القضية، ولذلك كان من أهم الفصول التى ركز عليها الدليل التدريبى الفصل الذى يقدم للطبيب تفنيد المبررات التى يقدمها بعض الأطباء لإقناع أنفسهم بأنهم يؤدون عملاً جليلاً وهم فى الواقع يمارسون أبشع بيزنس وأحقر سمسرة فى تاريخ الطب. عندما يواجه الأهل الطبيب بمبررات واهية ويسألونه عن الختان لابد أن يكون مسلحاً بالمعرفة والمنطق والمعلومات، ليس ضرورياً قيمة الفيزيته التى يدفعها أهل البنت المختونة ولكن المهم قيمة المبدأ والكرامة والإنسانية لدى هذا الطبيب الذى لابد أن يسأل نفسه ماذا لو كسبت العالم ومعه بنكنوت إزالة البظر حفاظاً على العفة المزعومة وخسرت نفسى! يقدم الطبيب أول مبرراته قائلاً: أنا لا أفعل شيئاً سوى طهارة السنة حفاظاً على العفة!، والرد هو أن إلصاق هذه العادة بالإسلام أكبر إهانة للإسلام، فالختان عادة لا عبادة، عادة لم يذكرها القرآن ولا السنة الصحيحة، وكل ما يروج لها أحاديث أكد شيخ الأزهر والمفتى ضعفها، وانطلاقاً من قاعدة لا ضرر ولا ضرار فلابد أن تنعم المرأة، ومن حقها الإنسانى، بحياة جسدية ونفسية وزوجية سليمة. المبرر الثانى الذى يقدمه بعض الأطباء هرباً من وخز الضمير قولهم بأنه إذا لم أفعل أنا عملية الختان سيفعلها غيرى وبوحشية أكثر فلماذا أخسر أنا العملية وتكسبها الداية؟!!، للأسف رأيك طبيبى العزيز هو بمثابة جرم أخلاقى ومهنى لا يقل عن جرم الداية بل هو أخطر تأثيراً وأكثر مأساوية، عزيزى أنت مجرم!! ولكن جريمتك شيك بقفازات معقمة وبالطو أبيض، أنت قد أقسمت قبل أن تعمل فى مهنة الطب على «أن أثابر على طلب العلم وأسخره لنفع الناس لا أذاهم»، أنت تمتهن الطب للنفع سيدى العزيز ملاك الرحمة وليس لكى تؤذى وتبتر وتقبض مقابل جريمتك. المبرر الثالث الذى يقدمه بعض دراوشة الطب ومقاولى أنفار الصحة هو أن الأمر مادام مقبولاً اجتماعياً ولا يوجد قانون واضح يجرمه فلماذا أرفض؟!، هل مهمتك أيها الطبيب أن تعوم على عوم العامة، وأن تستخدم قاربهم المثقوب وعوامتهم المهترئة وقاموسهم المتواضع وأفكارهم التى تجاوزها الزمن؟، وإذا أردت القانون فيجب أن تقرأ الآتى «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر ولا تجاوز سنتين أو بغرامة لا تقل عن ألف جنيه ولا تجاوز خمسة آلاف جنيه كل من أحدث الجرح المعاقب عليه فى المادتين (٢٤١، ٢٤٢ ) من قانون العقوبات عن طريق ختان لأنثى»، وهناك قرار وزير الصحة ٢٧١ لسنة ٢٠٠٧ الذى يقول «يحظر على الأطباء وأعضاء هيئات التمريض وغيرهم إجراء أى قطع أو تسوية أو تعديل لأى جزء طبيعى من الجهاز التناسلى للأنثى (الختان) سواء تم ذلك فى المستشفيات الحكومية أو غير الحكومية أو غيرها من الأماكن الأخرى، ويعتبر قيام أى من هؤلاء بإجراء هذه العملية مخالفا للقوانين واللوائح المنظمة لمزاولة مهنة الطب». المبرر الرابع مادام أبوها راضى مالك انت ومالنا يا قاضى!!، أود أن أخبرك عزيزى الطبيب الحكيم أن موافقة الأهل لا تعنى إعفاءك من المسؤولية، فالأب من الممكن أن يوافق على استئصال اللوزتين ويمنح عمليتك الشرعية القانونية، لكن موافقته على ختان ابنته لا تمنحك أى غطاء شرعى أو حتى إنسانى. |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات