ما هو الوضع في الجزائر؟
رغم الطفرة النفطية التي تشهدها الجزائر، إلا أن اقتصادها لا يزال ضعيفا. فالبطالة تطال ما بين 20 و25 بالمائة من السكان، حسب منصف شيخ روحه الأستاذ في الاقتصاد في باريس، في حين تقول وزارة العمل إن النسبة في عام 2007 كانت 11 بالمائة فقط.
كما أن الرشوة وصلت إلى كافة القطاعات في دولة تمسك المؤسسة العسكرية بكل مفاصلها. كما أن أعمال العنف باتت شبه يومية في العديد من المدن، مثلما حدث في بلدية بوسماعيل غرب العاصمة في شهر يناير /كانون الثاني الماضي عندما قام شبان بالتظاهر من أجل حياة أفضل، مما أدى إلى مقتل شخص وإصابة العديد بجروح.
أعمال عنف أخرى طالت بلدية ناصرية التي تقع على مسافة 70 كلم شرق العاصمة في 12 من شباط/فبراير الحالي. الشبان هاجموا مركز شرطة المدينة بزجاجات الملوتوف وأغلقوا الطريق السريع المؤدي إلى الجزائر العاصمة لساعات طويلة.
في شرق البلاد، شهدت مدينة عنابة الساحلية الأحد الماضي مظاهرات احتجاجية عنيفة، حين حاول متظاهرون تنظيم مسيرة احتجاجية إلى مقر الولاية لمطالبة المسؤولين بتوفير فرص عمل وعلاوات اجتماعية.
كما ارتفعت نسبة الانتحار في البلاد، حيث سجلت 203 حالات في 2009 مقابل 143 حالة في 2008 بحسب إحصاءات الدرك الوطني الجزائري، في الوقت الذي تحول فيه الانتحار حرقا لدى الجزائريين إلى وسيلة جديدة للتعبير عن غضبهم ومشاكلهم.
ماهي القوى التي تناضل من أجل التغيير؟
تحاول بعض الأحزاب المعارضة أن تنظم نفسها من أجل فرض التغيير، وفي هذا الصدد تم إنشاء ما يسمى بـ"التنسيقية الوطنية للديمقراطية والتغيير" التي تضم عددا من الأحزاب السياسية من بينها حزب "التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية" بزعامة سعيد سعدي وحزب من أجل العلمانية والديمقراطية الذي يقوده مولاي شنتوف، إضافة إلى "لجنة الدفاع عن الجمهورية" تحت إشراف وزير التربية السابق عبد الحق برارحي، و"الحزب من أجل الديمقراطية الاجتماعية" وهو الحزب الشيوعي السابق بزعامة حسين علي.
ويجدر بالذكر أن حزب "جبهة القوى الاشتراكية"، الذي أسسه أحد زعماء الثورة الجزائرية حسين آيت أحمد، والذي يحظى بانتشار واسع في بلاد القبائل، رفض الانضمام إلى هذه المبادرة.
وإلى جانب هذا، هناك جمعيات كثيرة من المجتمع المدني تناضل بدورها من أجل التغيير، أبرزها "الرابطة الجزائرية للدفاع عن حقوق الإنسان" و"النقابة الوطنية لموظفي الإدارة العامة" وهي نقابة مستقلة و"تنسيقية ثانويات الجزائر العاصمة"، فضلا عن منظمات نسائية وجمعيات تضم عاطلين عن العمل وصحفيين.
ماهي مطالب "التنسيقية من أجل التغيير"؟
تطالب التنسقية بتغييرات جذرية في النظام الجزائري الذي يمثله الرئيس عبد العزيز بوتفليقة والانتقال إلى نظام ديمقراطي حر مستلهمة ما جرى في تونس ومصر.
إستراتيجية "التنسيقية من أجل التغيير" تقوم على تنظيم مسيرة احتجاجية كل سبت في الجزائر العاصمة وفي المدن الرئيسية الأخرى، كما تفكر في الدعوة إلى تنظيم إضراب عام في البلاد.
ماذا الذي يمكن أن يقدمه الرئيس عبد العزيز بوتفليقة للمعارضة؟
وعد الرئيس الجزائري بوتفليقة برفع حالة الطوارئ المفروضة في البلاد منذ 19 سنة وفتح قنوات التلفزيون الوطني والإذاعة للمعارضة لكي تعبر عن مواقفها ومطالبها. كما قالت الداخلية الجزائرية إنها لن تعارض في المستقبل فكرة تأسيس أحزاب سياسية جديدة أو إطلاق صحف ذات توجه سياسي معادي للحكومة.
على المستوى الاجتماعي، حث رئيس الحكومة أحمد أويحيى الولاة ورؤساء البلديات ومسؤولي الأمن على الاستجابة لمطالب الشعب، لا سيما الشباب وبذل كل ما لديهم من جهد لتوفير لهم السكن وفرص العمل، إضافة إلى تقديم مساعدات مالية للعاطلين عن العمل والفقراء على شكل قروض لإنشاء مشاريع اقتصادية أو بناء منازل في الأرياف.
لكن كل هذا يبدو غير كاف بالنسبة إلى التنسيقية، التي تطالب بقطيعة جذرية مع النظام الذي يسعى إلى كسب المزيد من الوقت بحسب سعيد سعدي، الذي يعتقد أن النظام الجزائري يعيش أيامه الأخيرة.
ما هو الدور الذي يلعبه الجيش؟
رسميا المؤسسة العسكرية لا تتدخل في الشؤون السياسية للبلاد، لكن في الواقع المؤسسة العسكرية هي الآمر والناهي والعمود الفقري للنظام. فئات كثيرة من الشعب تتهم بعض القادة العسكريين بالفساد وبنهب ثروات البلاد. و يجدر بالذكر أن الجيش الجزائري تدخل في أحداث 1988 المأساوية، مطلقا الرصاص على المتظاهرين الذين كانوا يطالبون بالتعددية الحزبية والديمقراطية واحترام حقوق الإنسان، الأمر الذي أدى إلى سقوط نحو 200 قتيل. السؤال المطروح الآن في الأوساط الثقافية والإعلامية الجزائرية هل المؤسسة العسكرية هذه المرة ستختار الحياد إذ اشتدت عزيمة الاحتجاجات كما حصل في تونس ومصر أم ستقف كالمعتاد لحماية النظام؟
هل يمكن للإسلاميين العودة بقوة إلى الساحة السياسية؟
الاحتجاجات الأخيرة أظهرت أن الإسلاميين غير مرغوب بوجودهم في المسيرات التي تنظمها المعارضة السياسية والشبان. والدليل على ذلك هو إبعاد الرجل الثاني لـ"الجبهة الإسلامية للإنقاذ" المحظورة على بنحاج عن المظاهرات التي أقيمت في حي باب الواد في شهر يناير/كانون الثاني الماضي وتلك التي جرت السبت الماضي في ساحة أول مايو.
المتظاهرون عبروا عن خشيتهم أن يستغل بنحاج والتيار الإسلامي التعبئة ويجيروها لصالحهم. ويقول مراد حشيد وهو رئيس تحرير في صحيفة الوطن ومتخصص في الشؤون السياسية الجزائرية إن صورة الإسلاميين تدهورت كثيرا في نظر الجزائريين بعد سنوات الإرهاب التي عاشتها البلاد بين 1991 إلى 2001، مضيفا أن التغيير الحقيقي سيأتي من الشباب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات