عجز المحتجون في مصر خلال أسبوعين عن الإطاحة بالرئيس حسني مبارك. لكنهم نجحوا في أمر آخر.
فقد أعاد هؤلاء التأكيد على أن روح الدعابة سمة لا تفارق المصريين في أوقات الأزمات، بل ربما تجد أرضا خصبة في مثل هذه الأوقات.
وفي ما يشبه تبادل الجنود للنكات على الجبهة أثناء الحرب مع إسرائيل، تبادل المحتجون النكات أثناء اصطفافهم في طابور بشري طويل أمام المنفذ الوحيد الذي يسمح الجيش بعبور المحتجين من خلاله إلى ميدان التحرير في وسط القاهرة.
"حتى إذا شارك 70 مليون شخص في المظاهرات، فستقول الحكومة إن هناك جزءا من الشعب ما زال في البيوت ولا نعرف آراء هؤلاء." هكذا مازح محتج زملاءه، مشيرا إلى تصريحات لمسؤولين في الحكومة المصرية مفادها أن عدد المحتجين، على ضخامته، لا يعبر بالضرورة عن إجمالي التعداد السكاني البالغ حوالي 80 مليون نسمة."
ومزحة أخرى رددها محتج ثان: قالوا للرئيس إن الشعب تجمع في ميدان التحرير في يوم الرحيل. فرد الرئيس: إلى أين سيرحل الشعب؟".
وأخرى تقول: "بعد وفاة الرئيس، التقى بالرئيسين الراحلين جمال عبد الناصر وأنور السادات اللذين سألاه: وفاة طبيعية أم في المنصة؟ فأجاب: لا.. فيسبوك.".
مسرح وموسيقى
النكات لم تكن أسلوب الدعابة الوحيد الذي استخدمه المحتجون، خاصة في الميدان.
فقد تجمع محتجون في جو مرح حول محموعة تؤدي تمثيلية ساخرة. كما التف آخرون حول فرقة للموسيقى الشعبية. ولم يكن السبب في جو المرح هو النغمات التي تعالت من الآلات الموسيقية، وإنما كلمات الأغاني التي استبدلها المحتجون بشعارات تعبر عن حالهم ورغبتهم في تنحي مبارك.
النصيب الأكبر من الدعابات جاء في صورة رسائل ساخرة مكتوبة على لافتات حملها المتظاهرون أو علقوها على الجدران في ساحة التحرير.
"موقعة الجحش"
حمل كثيرون لافتات تحث مبارك على التنحي حتى يتمكنوا من مغادرة الميدان واستئناف شؤون بسيطة في حياتهم بنوع من السخرية. ومن أبرز الرسائل التي تحملها اللافتات: "ارحل.. أريد أن أرى ابني الذي ولد للتو" و"ارحل بقى.. عندي ثانوية عامة" ، و"ارحل.. أريد أن أرى قرينتي التي تزوجتها قبل 20 يوما" و"ارحل.. أريد أن استحم".
لافتات أخرى كانت تهاجم الرئيس مباشرة لكن بأسلوب ساخر مثل "تبرعوا للرئيس حتى يشتري دولة يرحل إليها"، و"ارحل (مكتوبة من اليسار إلى اليمين).. يمكن يفهم بالمقلوب" و"مستشفى التحرير.. 25 جنيها لخلع الضرس.. 25 يناير لخلع مبارك".
وعلى عامود إضاءة، علق المحتجون سرجا انتزعوه من المجموعة التي دخلت ميدان التحرير وهي تمتطي خيولا وجمالا. وعلى السرج عبارات "غنائم موقعة الجحش 2011".
فيسبوك مرة أخرى
وحيث بدأ الأمر كله على موقع فيسبوك، انعكست روح الدعابة هذه من خلال تبادل النكات والمشاركة بمقاطع الفيديو.
من أحدث ما تناقله المصريون على هذا الموقع هو اقتراح ساخر باستغلال مناخ ما يعتبرونه ثورة في إعادة انتاج بعض الأفلام وإطلاق أسماء مستقاة من الأحداث الجارية على هذه الأفلام.
من هذه الأسماء "الرصاصة المطاطية لا تزال في جيبي" بدلا من "الرصاصة لا تزال في جيبي"، و"نحن لا نرمي المولوتوف" بدلا من "نحن لا نزرع الشوك".
فضلا عن هذا، أنشأ نشطاء صفحة على موقع فيسبوك تتحدث عن روح الدعابة لدى الشعب المصري أثناء المظاهرات وتدعو لتسجيل هذه الروح من خلال مشاركة الصور ومقاطع الفيديو والمشاهدات والنكات.
إحدى الصور في هذه الصفحة لفتاة تحمل لافتة كتب عليها "باي مبارك.. موبايلات بقى".
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات