تنحي الرئيس المصري حسني مبارك هو الموضوع الأكثر تغطية في الصحف البريطانية الصادرة السبت، وهكذا كان الحال منذ اندلاع الثورة في مصر.
في صحيفة الاندبندنت نجد أكثر من موضوع، ما بين تقرير ومقال وافتتاحية، بينها نجد مقالا للصحفي روبرت فيسك الموجود في القاهرة منذ بداية الأحداث.
عنوان المقال "رحيل طاغية ونشوة شعب" يرصد فيه ردود فعل الشعب المصري في القاهرة على إعلان الرئيس المصري حسني مبارك تنحيه.
"فجأة انفجر الجميع بالغناء، والضحك، والبكاء. فجأة ركع الكثيرون على الأرض وبدأوا بتقبيلها. بدأ البعض بالرقص والبعض شكر الله على تخلصه من الرئيس. بدا المشهد وكأننا في عرس، وكأن كل رجل وامرأة أمامي تزوج لتوه. سيعرف هذا الحدث في التاريح باسم ثورة 25 يناير، وهو اليوم الذي اندلعت فيه الثورة، وسيؤرخ له على أنه اليوم الذي هب فيه شعب مصر"، هكذا وصف فيسك المشهد.
رحل الرجل العجوز، يقول الكاتب، ولم يسلم السلطة لنائبه بل للجيش.
"العرب الذين يضطهدهم الغرب ويميز ضدهم ويعاملهم الكثير من الإسرائيليين الذين يرغبون ببقاء حكم مبارك كمتخلفين وجهلاء، هبوا ونفضوا عنهم خوفهم وطردوا الرجل الذي يحبه الغرب ويعتبره "زعيما معتدلا". نعم، ليست شعوب أوروبا الشرقية وحدها القادرة على مواجهة الوحشية وتحديها، يقول فيسك.
"عالم شجاع"
وتحت عنوان مصر: عالم عربي جديد وشجاع، تكتب صحيفة الجارديان في افتتاحياتها عن الثورة المصرية واصفة كيف انتهت ثلاثون عاماً من الديكتاتورية خلال 30 ثانية.
والوقت الذي قصدته الصحيفة هو الوقت الذي استغرقه إعلان نائب الرئيس عمر سليمان نبأ تخلي حسني مبارك عن منصب الرئيس وتسليم السلطة إلى المجلس العسكري الأعلى.
وتقول الجارديان إنه بعد 18 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة قاوم خلالها الشباب المعتصمون في ميدان التحرير كل ما واجههم به النظام الذي كان يلفظ أنفاسه من البلطجية وإطلاق النار والاعتقالات إلى قطع خدمات الانترنت وشبكات الهاتف المتحرك وملاحقة وسائل الإعلام- بعد كل ذلك استطاع الشعب المصري أن يوصل صوته في النهاية.
وتمضي الصحيفة قائلة إنه مهما يحصل بعد الآن، فإن ما حصل بالفعل يعد لحظة تاريخية مهمة، فقد أعادت ترسيخ مكانة مصر كقائدة للعالم العربي والشعب المصري في الصميم الأخلاقي لهذا العالم.
وتؤكد الجارديان على أن الثورة نفذها أشخاص عاديون يطالبون بعناد غير عادي بحقوق سياسية أساسية هي: انتخابات حرة، تشكيل أحزاب سياسية حقيقية وقوات شرطة تلتزم بسيادة القانون ولا تقوضها.
وتلفت الصحيفة الانتباه إلى الروح الوطنية التي سادت الثورة بالقول إن المسلمين والمسيحيين وقفوا فيها جنباً إلى جنب ولم يرفع فيها إلا العلم الوطني.
وأظهر المصريون معاً أنهم إذا كان بإمكانهم قهر الخوف لديهم فإن بمقدورهم أن يطيحوا بأعتى الديكتاتوريين.
وتختم الصحيفة بالقول إن مصير مبارك لن يمر مرور الكرام على جميع الديكتاتوريين الآخرين في العالم العربي وخارجه.
الجيش وتسليم السلطة
تنحى مبارك وتسلم الجيش مقاليد الحكم، وماذا بعد؟
في افتتاحيتها التي اختارت لها عنوان "على الجيش المصري أن يسلم السلطة للشعب" حاولت صحيفة الاندبندنت الإجابة على السؤال.
إذن أطاح الشعب بمبارك، وحصد ثمرة احتجاجاته التي استمرت 18 يوما، ولكن تسلم الجيش مقاليد السلطة بعد رحيل مبارك يخلق شعورا بغياب اليقين والقلق، تقول الصحيفة.
لقد لعب الجيش دور "وسيط الخير" في الأحداث، ورفض استخدام العنف ضد الشعب، وامتنع حتى عن التدخل.
من المؤسف القول إن الحقبة التي ستعقب رحيل مبارك تعتمد على الجيش بمقدار ما تعتمد على الشعب، كما ترى الصحيفة.
في أحسن الأحوال سيلتزم الجيش بالمطالب التي ثار من أجلها الشعب، وسيلغي قوانين الطوارئ، ولكن التجارب تعلمنا أن المؤسسة العسكرية قد تحتفظ بالسلطة التي حصلت عليها، وهنا يأتي دور الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة والذي دعموا الثورة من الخارج، حسب الافتتاحية.
فجر جديد
وتحت عنوان " فجر مصر الجديد" علقت صحيفة الديلي تليجراف في افتتاحيتها على ما جرى في مصر قائلة إن سقوط رئيس أقوى وأكبر دولة من حيث عدد السكان في العالم العربي يعتبر حدثاً مهماً جداً لكن عواقبه على بلد كان يعيش في ظل نظام الطوارئ منذ عام 1981من الصعب فهمها.
وتقول الصحيفة إن حقيقة الإطاحة بمستبد طال حكمه، في أعقاب الرحيل السريع نسبياً للرئيس التونسي زين العابدين بن علي الشهر الماضي، تعني أن الذعر سيتنامى في عواصم المنطقة ومنها تل أبيب.
وبحسب الصحيفة فإن هناك آمالاً في مصر نفسها بأن تؤدي استقالة الرئيس مبارك إلى انتقال سلس إلى الديمقراطية ولكن حتى لو كان الانتقال سلساً، فإن هذا لايعني بالضرورة أنه سيكون سريعاً.
وتقول التليجراف إنه لا يوجد شك بأن ما يهلل له باعتباره نصراً لقوة الشعب ما هو في الجوهر سوى استيلاء للجيش على السلطة.
وتمضي الصحيفة قائلة إنه في غياب معارضة تتمتع بالشرعية، فإن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يمثل المؤسسة الوحيدة القادرة على ملء الفراغ.
وبرأي الصحيفة فإن أحداث الأمس قد تكون بداية لأزمة تعيشها مصر وليس نهاية لها.
وتختم الصحيفة افتتاحيتها بدعوة الغرب إلى عدم التدخل في شؤون مصر مذكرة إياه بعواقب ما حصل قبل ثلاثين عاماً في إيران عندما تم اختطاف الثورة التي بدأت علمانية من قبل الإسلاميين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات