| ||||||
لطالما كانت المحلة الكبرى مصدر قلق لنظام الرئيس المصري حسني مبارك. القادة في تلك المدينة الصناعية التي تعمل كخلية نحل يريدون الآن أكثر من مجرد ظروف عمل أفضل. إن الانتفاضة التي تهز مصر اليوم لم تتفجر من عاصمتها القاهرة، بل كانت البداية في المحلة، تلك المدينة التي تعج بمصانع النسيج والتلوث الخانق والتي تتوسط حقول القطن والخضراوات في دلتا النيل.
الشرطة فتحت النار على الجموع، فقتل شخصان فثارت الحشود وانتقمت من كل شيء جاء في طريقها.. أشعلوا النار في المباني.. نهبوا المحلات وقذفوا الشرطة بالحجارة. صورة مبارك وربما أكثر ما اهتم به النظام وأغضبه هو تمزيق صورة عملاقة للرئيس مبارك في الساحة المركزية ودوسها بالأرجل، وهو حدث نادر في بلد يتم فرض احترام الزعيم فيه من قبل الأجهزة الأمنية التي تمتلك مخالب تصل إلى كل زاوية وشارع. يصف مراد تلك المظاهرات بالقول: "تلك الانتفاضة كانت أول خطوة في كسر حاجز الخوف في جميع أنحاء مصر. لا أحد يستطيع أن يقول إن مصر هي نفسها فيما بعد". تلك كانت الحاضنة التي ترعرعت فيها حركة شباب 6 أبريل التي قامت بنشر تقارير عمّا حدث في المحلة. وبينما كانت جماعات المعارضة المصرية تتصرف بحذر في أعقاب الثورة التي أطاحت برئيس تونس القوي زين العابدين بن علي، حثّت حركة الشباب سكان القاهرة على النزول إلى الشوارع. عادت حركة الاحتجاجات إلى شوارع المحلة مرة أخرى ولم تهدأ إلا هذا الأسبوع. اندلعت أعمال العنف في 28 يناير عندما استخدمت الشرطة القوة ضد مظاهرات أعادت أبريل 2008 إلى الذاكرة. انتقام من الشرطة الشهود قالوا إن المتظاهرين اقتحموا مركز الشرطة الرئيسي وأشعلوا النار فيه وفي سيارات الشرطة. مراد الذي أجريت المقابلة معه وراء كشك لبيع التذاكر في محطة القطارات قال: "في تلك الجمعة، الحشود سيطرت على المدينة". وقال إنه في اليوم التالي انسحبت الشرطة إلى خارج المدينة، تماما كما فعلوا في القاهرة وأماكن أخرى، وأرسل الجيش لاستعادة الهدوء. وفي يوم الاثنين من ذلك الأسبوع اتخذت الدبابات مواقعها أمام البنوك، حيث كان الناس يصطفون لسحب المال للمرة الأولى منذ بدء الأزمة. لم يكن هناك سوى تواجد صغير ومحدود لرجال الشرطة بزيهم المعهود، بينما اختفت نقاط التفتيش المعتادة التي تحرس مداخل المدينة. ولكن قيل إن "بلطجية الحكومة" منتشرون بشكل خفي في جميع أنحاء المدينة بحثا عن الناشطين والأجانب، لذلك أجرينا المقابلة مع مراد خلسة وراء كشك التذاكر في حين كانت القطارات المتهالكة تتحرك جيئة وذهابا. وفي محاولة استباقية لشراء ولاء موظفي الحكومة، أعلن مسؤولون يوم الاثنين عن زيادة في الرواتب بنسبة 15%، وبتكلفة ما يقرب من مليار دولار سنويا. زيادة في الدخل بالنسبة للخمسة والعشرين ألف عامل في مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، فذلك يعني زيادة في الدخل بما قيمته 24 دولارا شهريا، علما بأن دخلهم الشهري هو 160 دولارا أميركيا.
البارحة تمت الدعوة في مصانع الغزل والنسيج المصرية إلى إضراب تضامني مع متظاهري ساحة التحرير. حوالي 1500 عامل فقط لبوا النداء. ولكن في أماكن أخرى من البلاد ، كانت هناك أخبار عن إضرابات عديدة. ذُكر أن ثلاثة آلاف عامل في قناة السويس أضربوا عن العمل، والمئات من العاملين في شركة الهاتف في القاهرة والسويس تظاهروا ضد الحكومة لرفع الأجور. ألفا عامل تقريبا أضربوا عن العمل في شركة للأدوية في دلتا النيل وفي شركة الحديد والصلب في السويس ترك 1300 شخص العمل، كما تظاهر مئات من الشباب العاطلين عن العمل أمام شركة البترول للمطالبة بوظائف. وقد وردت تقارير عن وجود إضراب في لافارج، شركة الإسمنت الفرنسية العملاقة في السويس. القادة العماليون هنا مثل حسين، الذي يدير مركز التدريب على العمل والتعليم، يقولون إنهم يشعرون بالإحباط لعدم وجود صوت لهم في المفاوضات الجارية في القاهرة. الحكومة حتى الآن تقوم بانتقاء الجماعات التي تريد التحدث إليها. لكن حسين أشار إلى أن هذا الوضع قد يتغير مع تشكيل "لجنة لحماية الثورة" التي سيمتد نطاق عملها ليشمل كافة أنحاء البلاد. وصف حسين اللجنة بأنها محاولة لضمان عدم التفريط في مصالح الفقراء في أي تغييرات مستقبلية، وبأنها موجهة لاستهداف أعضاء فاسدين في الحزب الحاكم وقادة نقابيين تتبناهم الحكومة. كما أكد حسين أن اللجنة ستضطلع أيضا بدور مهم آخر وهو مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، وهي العدو التقليدي لليسار ولكنها صاحبة أعلى صوت في المعارضة. | ||||||
|
المصدر: | لوس أنجلوس تايمز |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق
المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات