الأقسام الرئيسية

الجذور العمالية لانتفاضة مصر

. . ليست هناك تعليقات:

قادة عماليون يقولون إن هدير الاحتجاجات طغى على مطالب العمال المصريين (الفرنسية)

لطالما كانت المحلة الكبرى مصدر قلق لنظام الرئيس المصري حسني مبارك. القادة في تلك المدينة الصناعية التي تعمل كخلية نحل يريدون الآن أكثر من مجرد ظروف عمل أفضل.

إن الانتفاضة التي تهز مصر اليوم لم تتفجر من عاصمتها القاهرة، بل كانت البداية في المحلة، تلك المدينة التي تعج بمصانع النسيج والتلوث الخانق والتي تتوسط حقول القطن والخضراوات في دلتا النيل.

يوجد في المحلة الكبرى 32 ألف عامل في مصانع النسيج الحكومية وعشرات الآلاف من العمال في مصانع صغيرة تابعة للقطاع الخاص، ويعتبر أولئك العمال قلب الحركة العمالية المصرية.

يتمتع زعماء الحركة العمالية في المحلة بتاريخ طويل من الصمود في وجه مضايقات أجهزة الأمن وحتى السجن لفترات طويلة.

ففي عام 2008 عندما فشلت حركة الاحتجاجات في مصر ضد ارتفاع أسعار المواد الغذائية والبطالة والتعذيب على يد الشرطة، تفجرت في المحلة أعمال عنف واحتجاجات في الشوارع، وكانت مصدر الإلهام لحركة الشباب التي أطلقت في نهاية المطاف جهدا للإطاحة بالرئيس حسني مبارك.

مع استمرار ورود تقارير عن اضطرابات عمالية تضرب أنحاء البلاد هذا الأسبوع، قال قادة النشاط العمالي هنا في المحلة إن تحسين مستويات المعيشة لم يعد كافيا.

سقف أعلى من المطالب
محمد مراد العامل في السكك الحديدية والمنسق النقابي والسياسي اليساري قال: "شعاراتنا الآن ليست مطالب النقابات العمالية. اليوم لدينا مطالب أوسع طيفا من أجل التغيير".

حتى وقت قريب، مظاهرة من عدة مئات كانت تعتبر حدثا مهما في مصر. دأبت الشرطة على أن المظاهرات لا تخرج عن نطاق السيطرة. ولكن أحداث المحلة يوم 6 أبريل 2008، نالت شهرة في جميع أنحاء البلاد بعد أن نشرت مواد فيلمية عنها على اليوتيوب والفيسبوك وغيرهما من المواقع الاجتماعية ووسائل الإعلام.

"
تلك الانتفاضة كانت أول خطوة في كسر حاجز الخوف في جميع أنحاء مصر. لا أحد يستطيع أن يقول إن مصر هي نفسها فيما بعد
محمد مراد
"
عشرات الآلاف من سكان المدينة التي تضم نصف مليون شخص، والتي تزدحم بالمحلات التي تبيع البطانيات والأغطية ذات الألوان الزاهية وفساتين الزفاف وغيرها من منتجات مصانع المدينة، نزلوا إلى الشارع ذلك اليوم.

الشرطة فتحت النار على الجموع، فقتل شخصان فثارت الحشود وانتقمت من كل شيء جاء في طريقها.. أشعلوا النار في المباني.. نهبوا المحلات وقذفوا الشرطة بالحجارة.

صورة مبارك
وربما أكثر ما اهتم به النظام وأغضبه هو تمزيق صورة عملاقة للرئيس مبارك في الساحة المركزية ودوسها بالأرجل، وهو حدث نادر في بلد يتم فرض احترام الزعيم فيه من قبل الأجهزة الأمنية التي تمتلك مخالب تصل إلى كل زاوية وشارع.

يصف مراد تلك المظاهرات بالقول: "تلك الانتفاضة كانت أول خطوة في كسر حاجز الخوف في جميع أنحاء مصر. لا أحد يستطيع أن يقول إن مصر هي نفسها فيما بعد".

تلك كانت الحاضنة التي ترعرعت فيها حركة شباب 6 أبريل التي قامت بنشر تقارير عمّا حدث في المحلة.

وبينما كانت جماعات المعارضة المصرية تتصرف بحذر في أعقاب الثورة التي أطاحت برئيس تونس القوي زين العابدين بن علي، حثّت حركة الشباب سكان القاهرة على النزول إلى الشوارع.

عادت حركة الاحتجاجات إلى شوارع المحلة مرة أخرى ولم تهدأ إلا هذا الأسبوع. اندلعت أعمال العنف في 28 يناير عندما استخدمت الشرطة القوة ضد مظاهرات أعادت أبريل 2008 إلى الذاكرة.

انتقام من الشرطة
الشهود قالوا إن المتظاهرين اقتحموا مركز الشرطة الرئيسي وأشعلوا النار فيه وفي سيارات الشرطة.

مراد الذي أجريت المقابلة معه وراء كشك لبيع التذاكر في محطة القطارات قال: "في تلك الجمعة، الحشود سيطرت على المدينة".

وقال إنه في اليوم التالي انسحبت الشرطة إلى خارج المدينة، تماما كما فعلوا في القاهرة وأماكن أخرى، وأرسل الجيش لاستعادة الهدوء.

وفي يوم الاثنين من ذلك الأسبوع اتخذت الدبابات مواقعها أمام البنوك، حيث كان الناس يصطفون لسحب المال للمرة الأولى منذ بدء الأزمة. لم يكن هناك سوى تواجد صغير ومحدود لرجال الشرطة بزيهم المعهود، بينما اختفت نقاط التفتيش المعتادة التي تحرس مداخل المدينة.

ولكن قيل إن "بلطجية الحكومة" منتشرون بشكل خفي في جميع أنحاء المدينة بحثا عن الناشطين والأجانب، لذلك أجرينا المقابلة مع مراد خلسة وراء كشك التذاكر في حين كانت القطارات المتهالكة تتحرك جيئة وذهابا.

وفي محاولة استباقية لشراء ولاء موظفي الحكومة، أعلن مسؤولون يوم الاثنين عن زيادة في الرواتب بنسبة 15%، وبتكلفة ما يقرب من مليار دولار سنويا.

زيادة في الدخل
بالنسبة للخمسة والعشرين ألف عامل في مصانع الغزل والنسيج في المحلة الكبرى، فذلك يعني زيادة في الدخل بما قيمته 24 دولارا شهريا، علما بأن دخلهم الشهري هو 160 دولارا أميركيا.

"
الحكومة المصرية لعبت مع العمال بالعصا والجزرة بمنحهم بعض الامتيازات تارة والتلويح بخصخصة مصانعهم تارة أخرى
حمدي حسين
"
حمدي حسين (59 عاما) زعيم عمالي شيوعي عتيق اعتقل مرات عديدة، اعترف بأن الحكومة نجحت في كثير من الأحيان في تهدئة غضب العمال بعلاوات وزيادات في الوقت المناسب، كما لعبت معهم لعبة العصا والجزرة بمنحهم بعض الامتيازات تارة والتلويح بخصخصة مصانعهم تارة أخرى.

البارحة تمت الدعوة في مصانع الغزل والنسيج المصرية إلى إضراب تضامني مع متظاهري ساحة التحرير. حوالي 1500 عامل فقط لبوا النداء.

ولكن في أماكن أخرى من البلاد ، كانت هناك أخبار عن إضرابات عديدة. ذُكر أن ثلاثة آلاف عامل في قناة السويس أضربوا عن العمل، والمئات من العاملين في شركة الهاتف في القاهرة والسويس تظاهروا ضد الحكومة لرفع الأجور.

ألفا عامل تقريبا أضربوا عن العمل في شركة للأدوية في دلتا النيل وفي شركة الحديد والصلب في السويس ترك 1300 شخص العمل، كما تظاهر مئات من الشباب العاطلين عن العمل أمام شركة البترول للمطالبة بوظائف.

وقد وردت تقارير عن وجود إضراب في لافارج، شركة الإسمنت الفرنسية العملاقة في السويس.

القادة العماليون هنا مثل حسين، الذي يدير مركز التدريب على العمل والتعليم، يقولون إنهم يشعرون بالإحباط لعدم وجود صوت لهم في المفاوضات الجارية في القاهرة.

الحكومة حتى الآن تقوم بانتقاء الجماعات التي تريد التحدث إليها. لكن حسين أشار إلى أن هذا الوضع قد يتغير مع تشكيل "لجنة لحماية الثورة" التي سيمتد نطاق عملها ليشمل كافة أنحاء البلاد.

وصف حسين اللجنة بأنها محاولة لضمان عدم التفريط في مصالح الفقراء في أي تغييرات مستقبلية، وبأنها موجهة لاستهداف أعضاء فاسدين في الحزب الحاكم وقادة نقابيين تتبناهم الحكومة.

كما أكد حسين أن اللجنة ستضطلع أيضا بدور مهم آخر وهو مواجهة جماعة الإخوان المسلمين، وهي العدو التقليدي لليسار ولكنها صاحبة أعلى صوت في المعارضة.

مراد من جهته أشار إلى أن أهداف الحركة العمالية قد طغى عليها هدير الاحتجاجات المليونية الحالية، ولكنه أكّد أنه يريد أكثر بكثير من ارتفاع الأجور وتوفير ظروف عمل أفضل.


المصدر: لوس أنجلوس تايمز

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer