الأقسام الرئيسية

ليبيا.. ثورة على الثورة

. . ليست هناك تعليقات:



من مقولة عمر المختار 'نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت' إلى تهديدات سيف الإسلام القذافي لأبناء شعبه بالموت والخراب ووصف الثائرين بالعصابات والحشاشين: هكذا يتلخص مشهد الحاجة إلى التغيير في ليبيا.


ميدل ايست أونلاين


بقلم: أحمد مصطفى الغـر


"نحن لن نستسلم.. ننتصر أو نموت". بنفس الكلمات التي وجهها أسد الصحراء عمر المختار في وجه المستعمر الايطالي الذي كان يحتل الأراضي الليبية ذات يوم بدأ الشعب الليبي يردد نفس الكلمات لكن هذه المرة في وجه من يعتبره أنه إستعمار محلي لليبيا دام لأكثر من أربعين عاماً متواصلة. فعلى طريقة الثورة في كلٍ من تونس ومصر، فإن الشعب الليبي أراد هو الأخر الحياة وينتظر إستجابة القدر له، متمنياً أن يرى وطنه حراً وديموقراطياً وينعم أبناؤه بالعدالة الاجتماعية والحياة الكريمة، فالشعب الليبي كغيره مثل باقي الشعوب العربية يئنّ تحت وطأة حكم الفرد الواحد، هذا الفرد الذي إستطاعت بالأمس القريب شعوب مجاورة وليست بالبعيدة أن تتخلص من وطأة حكمه، فهرب أحدهما إلى خارج وطنه وتنحى الأخر تحت ضغط الجيش والشعب وما زال مصير بقاؤه في وطنه مجهولاً.

لقد إنطلقت شرارة التغيير في ليبيا من مدينة بنغازي تلك التي كانت دائما بمثابة الشوكة في حلق القذافي، لكن سرعان ما إنتشرت تلك الشرارة لتشكل حريقاً شعبياً هائلاً إجتاح ليبيا بأكملها ولم يترك مدينة إلا وظهر للمعارضة فيها صوت مناد بضرورة إقصاء القذافي وعائلته عن سدة الحكم، حتى طرابلس التي كان القذافي ينعم بمظاهرات التأييد فيها.. لم يهنأ بها حتى طالتها مظاهرات المعارضة التي تطالبه بالتنحي.

فبالأمس القريب كان القذافي يهاجم الثورات في مصر وتونس مندداً بما قامت به الشعوب لنيل كرامتها وحريتها، مستبعداً أن يحدث ذلك في ليبيا تماما مثلما ظن واعتقد نظيره المصري بعد أيام من ثورة تونس، لكن تأتي رياح الثورات بما لا يشتهيه الزعماء العرب، فالأحداث في ليبيا قامت بشكل مفاجئ فكانت ردات فعل القذافي غير منظمة، فأمر الجيش والشرطة بالحفاظ على بقاء نظامه حتى ولو تطلب الأمر إستخدام الرصاص الحي والقذائف الصاروخية، ليس هذا فحسب بل قام بتجنيد بعض المرتزقة من الأفارقة لمهاجمة أبناء وطنه المطالبين بتنحيه، أي زعيم هذا الذي يتشبث بالحكم ولو على حساب مئات القتلى وألالاف الجرحى؟!، لكنه لم يكتف بذلك بل أمر المستشفيات بعدم إستقبال الجرحى أيضاً.

"الله ومعمر.. وليبيا وبس" هكذا يتشدق مناصريه ومؤيديه، لكن أليس غريبا أن يكون اسم الزعيم سابقاً لاسم الوطن؟!، حتى في شعارات التأييد تظهر ديكاتورية الرجل، هذا الأخير الذي أبقى على بلده في حالة ثورة دائمة فلم يعطي لنفسه مسمياً محدداً، بل بقي قائداً للثورة الشعبية المستمرة في البلاد، لكن كيف تكون ثورة شعبية إذا كان الشعب نفسه تخلي عنها وقام بثورته على الثورة القديمة؟!، ولعل الأغرب في أحداث ليبيا هو ظهور الابن (سيف الاسلام معمر القذافي) مهدداً ومتوعداً أبناء الشعب، غريب حقاً أن يختفي الرجل الذي يحكم فعلياً ليظهر من لا يحمل أي صفة رسمية كي يخاطب الشعب!، والأغرب هو أن يسقط عنه قناع الاصلاح ليصف أبناء الشعب الثائرين بالعصابات والبلطجية ومتعاطي المخدرات، ولعل سؤالاً ملحاً قد بات يطرح نفسه: هل يمكن حقاً لمتعاطي المخدرات أن تصل درجة وعيهم إلى مرحلة القيام بثورة لقلب نظام الحكم؟!، عموما إذا كان كذلك فهذا ــ وبحسب وصف القذافي الابن ــ أن غالبية الشعب في المدن الليبية من متعاطي المخدرات.

في الحقيقة إن الوضع في ليبيا غامض ويشوبه الكثير من الضبابية، ولا يمكن لأحد التكهن بما سيحدث في الساعات والأيام القادمة، لكن هناك حقيقة لا يمكن إنكارها وهي أن الشعوب إذا ما خرجت إلى الشارع فإنها لا تعود إلا منتصرة ومحققة لمطالبها، وحينها لن ينفع النظام حواراً أو تهديداً أو مرتزقة!

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer