الأقسام الرئيسية

سباق على نفط الجنوب

. . ليست هناك تعليقات:

لم يكن الحضور الأمريكى القوى فى جنوب السودان قبل وبعد وأثناء الاستفتاء على الخطوة الأخيرة فى عملية الانفصال عن الشمال، والتحذيرات والإغراءات التى أخذ يطلقها جون كيرى رئيس لجنة الشئون الخارجية فى مجلس الشيوخ الأمريكى، يعاونه فريق كبير من الخبراء والناشطين ضم فيمن يضم نجم السينما المشهور جورج كلونى، غير مؤشر على بداية الصراع المنتظر بين أمريكا والصين على المخزون الهائل من النفط فى الجنوب، والذى يقدر حجم احتياطاته المؤكدة بخمسة بلايين طن طبقا لتقديرات الخبراء.

ولم يكن هذا الصراع وليد اليوم، فقد بدأ السباق على استكشاف النفط فى الجنوب بين شركات البترول الغربية: إيطالية وفرنسية وأمريكية منذ عام 1959، ولكن المعارك التى نشبت فى دارفور، ثم بين الخرطوم والجيش الشعبى فى الجنوب حالت دون استمرار هذه الشركات فى محاولاتها، بينما نجحت الصين فى وضع أقدامها بالاتفاق مع الخرطوم، واستحوذت الشركات الصينية بمرور الوقت على نسبة كبيرة من حقوق التنقيب بالإضافة إلى شركات ماليزية وهندية وإندونيسية وبعض شركات عربية صغيرة.

وبينما كانت الدول الغربية تعمل على عرقلة عمليات الاستكشاف والتنقيب من جانب الدول الأخرى، كانت الصين قد توصلت مع الخرطوم إلى عقود مكنتها من الهيمنة على نصف نفط الجنوب الذى يشكل نحو 85 بالمائة من النفط فى السودان.

الآن. تستعد أطراف مختلفة لقطف الثمار فى جنوب السودان بعد الانفصال. ويرى الخبراء أن السباق بدأ بالفعل وليس الصينيون وحدهم فى هذا المضمار، خصوصا بعد أن أخذ الجنوبيون يولون وجوههم شطر الغرب بعيدا عن نفوذ الخرطوم، وتحت تأثير المساعدات الأمريكية المتدفقة على جوبا. حيث تفتقر البلاد إلى الطرق والمنشآت والبنية التحتية. وربما تكون مصر قد ضمنت لنفسها موقع قدم.

فهى أول دولة افتتحت قنصلية فى جوبا بعد توقيع اتفاقية السلام. وقدمت مساعدات تقدر بأكثر من 300 مليون دولار فى مجالات مختلفة لبناء المدارس وإنشاء عيادات طبية ومد الكهرباء، وإقامة فرع لجامعة الإسكندرية.

ويدرك الصينيون الذين يملكون أكبر الاستثمارات فى الجنوب أن الأمريكيين لن يتركوا جائزتهم الكبرى من نفط الجنوب للصينيين وحدهم. وهو ما أخذ الصينيون يستعدون لمواجهته، حيث وجهت بكين الدعوات لوفود من الجبهة الشعبية أكثر من مرة بعد أن قوى ارتباط نظام سلفاكير فى جوبا بالسياسات والمصالح الأمريكية.

ومن هنا يمكن فهم أسباب الاندفاع الأمريكى إلى تأييد الانفصال، بعد أن تدهورت العلاقات بين واشنطن والخرطوم، ووضعت السودان على قائمة الدول الحاضنة للإرهاب. كما شاركت واشنطن فى الحملة الدولية لتقديم الرئيس عمر البشير إلى المحكمة الجنائية الدولية بتهمة الإبادة العنصرية فى دارفور. وقد وعدت إدارة أوباما برفع السودان من قائمة الإرهاب وإعادة العلاقات إذا أيدت الخرطوم عملية الانفصال.

وعلى الرغم من أن اتفاق نيفاشا الذى بناء عليه تم الانفصال، ينص على اقتسام الربع النفطى بالتساوى بين الشمال والجنوب، إلا أنه بمجرد انتهاء الاستفتاء وإعلان الانفصال فإن معظم الحقول النفطية ستنتقل ملكيتها إلى الجنوب لأنها تقع فى أراضيه ولا تبقى غير نسبة ضئيلة من حقول النفط فى الشمال. وهو ما سوف يفتح بابا للخلاف ويقتضى إعادة النظر بين الطرفين للاتفاق على أسلوب جديد فى تقسيم النفط. علما بأن تصدير النفط يتم حاليا عن طريق خطوط أنابيب تمر عبر شمال السودان وتصب فى بورسودان على البحر الأحمر. ولا تملك دولة الجنوب منفذا على البحر، مما يستلزم استخدام خطوط الأنابيب الحالية. فضلا عما سيطالب به الشمال من دفع رسوم للعبور «الترانزيت» للنفط الجنوبى عبر أراضيه.

فى كل هذه المشكلات التى تبدو بعيدة أو مؤجلة لبعض الوقت، يضع الأمريكيون أصابعهم وخططهم للتدخل. والمؤكد أن السباق المحموم على ثروات الجنوب قد بدأ.. وأن القادم لن يكون أفضل كثيرا مما مضى!


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

المدونة غير مسئولة عن أي تعليق يتم نشره على الموضوعات

اخر الاخبار - الأرشيف

المشاركات الشائعة

التسميات

full

footer